أكدت الكويت انه لا يمكن التحدث عن السلام في ظل الاستمرار في توسيع رقعة الاحتلال الإسرائيلي عبر الاستيلاء على الأراضي بالقوة مشددة على أن الاستيطان لا يزال يشكل العائق الأكبر أمام فرص تحقيق السلام العادل والشامل.
جاء ذلك في كلمة الكويت في جلسة مجلس الأمن حول الحالة في الشرق الأوسط بما في ذلك القضية الفلسطينية والتي ألقاها مندوبها الدائم لدى الأمم المتحدة السفير منصور العتيبي مساء أمس الأربعاء.
وقال العتيبي “لهذا السبب تشاركنا مع كل من إندونيسيا وجنوب أفريقيا في عقد اجتماع بصيغة آريا بتاريخ 9 مايو الماضي حول المستوطنات والمستوطنين الإسرائيليين في ضوء وتيرة التوسع غير المسبوقة للأنشطة الاستيطانية وزيادة عنف المستوطنين والتي تقوض امكانية اقامة دولة فلسطينية قابلة للحياة ومتصلة جغرافيا على أساس حدود 1967”.
وجدد العتيبي الادانة لكافة الأنشطة الاستيطانية الإسرائيلية التي ليس لها أي شرعية قانونية داعيا المجتمع الدولي الى تحمل مسؤولياته في توفير الحماية اللازمة للشعب الفلسطيني ووضع حد للاعتداءات الإسرائيلية بما في ذلك عمليات الاقتحام المتكررة لباحات المسجد الأقصى تحت حراسة القوات الإسرائيلية والتي تشكل جميها انتهاكا صارخا بموجب القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية بما في ذلك القرار 2334.
وأضاف أمام المجلس “نلتقي بعد مرور عام على الجريمة التي ارتكبتها قوات الاحتلال الإسرائيلية بحق المتظاهرين المدنيين في قطاع غزة بتاريخ 14 مايو 2018 والتي استشهد في يومها 60 مواطنا فلسطينيا من بينهم أطفال وجرح أكثر من 2000 آخرين”.
واضاف العتيبي “لعله موات في ظل استمرار استهداف المدنيين الفلسطينيين أن نجدد ما دعونا اليه في الجلسة المفتوحة الشهر الماضي من أهمية المتابعة الجادة لنتائج تقرير لجنة التحقيق الدولية المستقلة بشأن الاحتجاجات في الأرض الفلسطينية المحتلة في قطاع غزة من أجل ضمان تحقيق المساءلة بحق المجرمين”.
وطالب إسرائيل باعتبارها السلطة القائمة بالاحتلال بوقف جميع أعمالها العدوانية ضد الشعب الفلسطيني والالتزام بحماية المدنيين وكفالة احترام القانون الإنساني الدولي والقانون الدولي لحقوق الإنسان بما في 1949 ورفع حصارها الجائر على قطاع غزة.
وقال العتيبي “لتحقيق وإرساء سلام عادل ودائم وشامل من خلال عملية تفاوضية تتوج بتوقيع الطرفين الأساسيين عليه يتعين ان تكون هناك مرجعية أساسية يجب الالتزام بها بما في ذلك تدابير بناء الثقة بين الأطراف لا تظهر فحسب أن هناك التزاما سياسيا حقيقيا لتحقيق السلام بل تضمن أنه سيتم فعلا الالتزام بالبنود التي يتم الاتفاق عليها”.
وبين ان الدول العربية أعادت تأكيد موقفها المبدئي بالتمسك بالسلام كخيار استراتيجي في 31 مارس الماضي خلال قمة تونس الأخيرة وعزمها إعادة إطلاق مفاوضات جادة بهدف تحقيق حل الدولتين كشرط أساسي للتوصل إلى السلام العادل والشامل والمستدام الذي يستند الى القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة ومبادرة السلام العربية.
واشار الى انه لا يمكن التحدث عن السلام في ظل استمرار طرف في اتخاذ قرارات احادية الجانب وهو ما حذر منه الامين العام للأمم المتحدة مرارا وتكرارا بشأن تقويض فرص تحقيق السلام مجددا الادانة لقرار إسرائيل عدم تجديد ولاية الوجود الدولي المؤقت في الخليل ولقرار الحكومة الإسرائيلية تجميد جزء من عائدات الضرائب الفلسطينية.
وأضاف العتيبي “ان ذلك يعرض استقرار السلطة الفلسطينية المالي للخطر ويهدد أمن الإسرائيليين والفلسطينيين على السواء فإسرائيل بقرارها هذا ضربت عرض الحائط اتفاق أوسلو ومعه أي مصداقية في أنها ستلتزم بأية مقررات تنبثق عن مبادرات سلام سيتم تقديمها”.
واضاف انه لا يمكن التحدث عن السلام الذي يتم فرضه على الفلسطينيين بالقوة مشيرا إلى أن الجامعة العربية على مستوى القمة أكدت تضامنها الكامل مع فلسطين وعدم قبولها لأية ضغوط سياسية أو مالية بهدف فرض حلول غير عادلة للقضية الفلسطينية لا تنسجم مع المرجعيات الدولية الرئيسية للقضية الفلسطينية.
ولفت العتيبي الى التحديات المالية التي تتعرض لها وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) مشيدا بما تقوم به من خدمات قيمة تقدمها لمجتمع اللاجئين الفلسطينيين “حيث يؤثر نقص الخدمات على الملايين من الأطفال اللاجئين وعلى جودة حياتهم ومستقبلهم ولا تساهم إلا في زعزعة الاستقرار في المنطقة”.
وأعرب عن رفضه محاولات إنهاء أو تقليص دور وولاية الوكالة من خلال الحملات الإسرائيلية ضدها مؤكدا أهمية استمرار توفير الدعم المالي اللازم لبرامج ونشاطات الوكالة.
وقال العتيبي “يسرنا أن تكون الكويت في قائمة أهم شركاء الأونروا حيث بلغت قيمة التبرعات الطوعية خلال السنوات الأربع الأخيرة 113 مليون دولار لميزانية الوكالة ونجدد الالتزام باستمرار دعم الوكالة في تقديم خدماتها لمجتمع اللاجئين الفلسطينيين في مناطق عملياتها”.
وبين انه لا يمكن التحدث عن السلام الذي لا يستند إلى أحكام القانون الدولي ولا يحتكم لقرارات مجلس الأمن باعتبار أن ذلك يعني ضمنيا الاعتراف بقانونية الانتهاكات الإسرائيلية للقرارات والاتفاقات والأعراف الدولية لأن الوضع الحالي والوقائع على الأرض كما هي الآن ليست سوى نتائج ناجمة عن السياسات والقرارات غير القانونية التي اتخذتها إسرائيل السلطة القائمة بالاحتلال والتي بموجب القوانين الدولي تعتبر جميعها ملغاة وباطلة.
واكد العتيبي أن أية مساع تقوم بمكافأة هذه الانتهاكات والجرائم بدلا من مساءلة الدولة التي ارتكبتها ستقوض وتزعزع القواعد والقيم التي تم على أساسها إنشاء منظمة الأمم المتحدة والتي قام مجلس الأمن عبر عقود من الزمن بالدفاع عنها والمطالبة بتنفيذها.
واوضح انه “لا يمكن التحدث عن السلام الذي لا يبنى ولا يتقيد بالأحكام والقوانين الدولية ونذكر في هذا الخصوص ما خلصت إليه القمة العربية الأوروبية الأولى التي عقدت في شرم الشيخ مؤخرا والتي أكد من خلالها القادة العرب والأوروبيون المواقف المشتركة من عملية السلام في الشرق الأوسط بما فيها تلك المتصلة بوضع مدينة القدس وعدم شرعية المستوطنات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة”.
واضاف العتيبي ان القمة العربية الاوروبية اكدت الالتزام بالتوصل إلى حل الدولتين وفقا لقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة باعتبار ذلك السبيل الواقعي الوحيد لإنهاء الاحتلال الذي بدأ عام 1967 ويشمل القدس الشرقية والتوصل إلى سلام عادل ودائم وشامل بين الإسرائيليين والفلسطينيين عبر مفاوضات مباشرة بين الأطراف تتناول كافة قضايا الحل النهائي.