تناول تحليل صادر عن مجلة ميد فرص النمو الاقتصادي في منطقة الشرق الاوسط وشمال افريقيا – مينا – جاء فيه انه بين التعافي التدريجي للقطاعات غير النفطية واستمرار انخفاض أسعار النفط العالمية، فان عام 2021 يحمل في جعبته الكثير من التحديات الصعبة لاقتصادات هذه المنطقة.
وقالت المجلة ان احداث عام 2020 أثرت بصورة كبير على اقتصادات منطقة مينا، حيث جاءت في وقت اتسم بالهشاشة المالية التي كانت قائمة من قبل، والنمو غير المنتظم وفقا للمعايير العالمية، والاضطرابات الاجتماعية المتزايدة بشأن تصورات بطء وتيرة عمل الحكومات.
ومع الاستمرار المتوقع لأزمة كورونا، فضلا عن تأثيرها على أسعار النفط العالمية تراجعت احتمالية التعافي السريع على المدى القريب من آثار الوباء، وتواجه معظم الاقتصادات الإقليمية الآن عودة إلى نمو ضعيف نسبيا، ولكن مع أعباء ديون متزايدة.
ووفقا لأحدث تقديرات صندوق النقد الدولي، شهدت منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا انكماشا حقيقيا في الناتج المحلي الإجمالي بنحو 5% في 2020، ومن المتوقع أن تشهد نموا في الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بنسبة 3.2% في عام 2021، مما يمثل استقرارا للاقتصاد، ولكنه بعيد عن بلوغ مرحلة الاستعادة الكاملة للإنتاج المفقود في 2020، كما أن أداء منطقة مينا سيكون أضعف من المتوسط العالمي، لان العالم يتوقع انخفاضا في الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بنسبة 4.4% في 2020 يليه نمو إجمالي الناتج المحلي الحقيقي بنسبة 5.2% في 2021 – وكلاهما انخفاض أقل حدة في 2020 واكبر في 2021 مما يظهر في التوقعات الإقليمية.
وفي هذا السياق، قال المدير في وكالة فيتش للتصنيف الائتماني جان فريدريش ان منطقة مينا ستعود إلى النمو في 2021، لكن التعافي سيضعف بسبب جهود الضبط المالي بعد الارتفاع الحاد في الديون في 2020، وبسبب استمرار الالتزام بحصص إنتاج النفط المفروضة من قبل «أوپيك +» في حالة الدول المصدرة للنفط.
وفي حين قالت المجلة ان الميزانيات العمومية للدول المصدرة للنفط ستستمر في التدهور، الا أنها ستبقى قوية للغاية بالنسبة لدول مجلس التعاون الخليجي ذات التصنيفات الأعلى، كما تعمل الديناميكيات السياسية على تعقيد جهود التكامل في الدول غير النفطية في المنطقة.
وقالت المجلة ان الدول أكثر تضررا في المنطقة من حيث نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي هي العراق وسلطنة عمان، وكلاهما من الدول المعتمدة بشدة على النفط، ويتوقع صندوق النقد الدولي أن يشهد انكماش الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بنسبة 12% و10% على التوالي في 2020.
اما عمان فهي الوحيدة التي لديها توقعات سلبية لعام 2021، حيث من المتوقع أن يسجل الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي مزيدا من الانكماش بنسبة 0.55%.
ومن المتوقع أن ينكمش الاقتصاد الكويتي بنسبة 8% في 2020، ويتوقع أن يشهد ثاني أبطأ انتعاش في عام 2021، مع معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي المتوقع بنسبة 0.65%.
تأثير أسعار النفط
لقد واجه مصدرو النفط في المنطقة ضائقة شديدة بسبب التأثير المزدوج لفيروس كورونا وانخفاض أسعار النفط، ويقدر صندوق النقد الدولي أن الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي قد تقلص بنسبة 6.6% في عام 2020 لدى أكبر مصدري النفط في منطقة مينا، ولكنه يتوقع ارتفاع معدل النمو ليبلغ 3.4% للدول المنتجة العام المقبل – وهو أعلى بقليل من المتوسط الإقليمي في 2021، لكنه بالكاد يكفي لتعويض الانخفاض الإضافي بنسبة 1.6% في 2020.
وأدى الارتفاع الحاد في العجز المالي بين منتجي النفط إلى اتخاذ تدابير تقشف شملت تقليص الميزانيات الخاصة بالمشاريع التي تحتاج الى مصروفات رأسمالية عالية.
وتجلت في عام 2020 تأثيرات مماثلة شملت تخفيضات ملحوظة في ميزانيات الوزارات في الكويت وعمان اللتين تعتمدان بشكل خاص على عائدات النفط.
وبرغم هذه الجهود، فقد ارتفع العجز المالي في العديد من الدول بشكل كبير، وربما الأهم من ذلك أنه قد يظل مرتفعا في المستقبل المنظور.
واعتبرت المجلة ان فيروس كورونا – من منظور مالي – لم يكن حدثا لمدة عام واحد، لكن تداعياته فرضت نفسها على الميزانيات الحكومية نتيجة الإنفاق على الرعاية الصحية الطارئة وبرامج التحفيز المالي.
إصدار الديون
وقد دفعت هذه المصروفات الإضافية غير المخطط لها من خلال إصدار ديون إضافية. وتقول شركة تيليمر البريطانية ان دول مجلس التعاون الخليجي والأردن اصدرت ما يعادل 50 مليار دولار من السندات بالعملات الصعبة في 2020، اي حوالي 26% من إجمالي الإصدارات السيادية في الأسواق الناشئة لهذا العام.
في غضون ذلك، توقعت وكالة ستاندرد اند بورز في يوليو أن يرتفع إجمالي الاحتــياجات التمــويلية الإضافية لدول مجلس التعاون الخليجي لهذا العام الى 180 مليار دولار، يشكل انخفاض قيمة الأصول 80 مليار دولار منها، فيما تشكل زيادة مستويات الدين الحكومي الباقي وقدره 100 مليار دولار.
وفي قراءتها للنظرة المستقبلية، توقعت «ستاندرد آند بورز» أن يفي إصدار الديون بحوالي 60% من متطلبات التمويل البالغة 490 مليار دولار خلال الفترة بين عامي2020-2023، استنادا لاتجاهات التمويل الأخيرة وتآكل الأصول الإقليمية.