تؤرق ظاهرة هروب عاملات المنازل أرباب البيوت في دول الخليج بتزايد الظاهرة عاماً تلو عام، وارتفعت بشكل كبيراً مؤخراً مع جائحة كورونا التي ضربت العالم.
وغالباً ما كانت العاملات المنزليات يبدأن الهرب من منازل أرباب أعمالهن (كفلائهن) في شهر رمضان المبارك؛ بسبب ضخامة الأعمال، لكن ومع أزمة كورونا والحظر الذي عاشه الخليجيون خلال العام الماضي والعام الحالي، زاد هروبهن لارتفاع نسبة الضغط عليهن ووجود جميع أفراد الأسرة بالمنزل ساعات طويلة.
ويلقي أرباب العمل مسؤولية هروب الخادمات على مكاتب استقدام العاملات معاً، بينما ترى أطراف أخرى أن أسباباً عديدة تقف خلف الظاهرة، من بينها سوء المعاملة، وعدم دفع الأجور، وطول ساعات العمل.
تتجدد برمضان
تقول صحيفة “الرياض” السعودية إن سيناريو هروب العاملات المنزليات في كثير من المنازل يتكرر قبل شهر رمضان، سواء النظاميات أو المخالفات لنظام الإقامة، وذلك بحثاً عن راتب شهري عالٍ.
وتضيف: “يدفع هذا الأمر ببعض ربات البيوت بإغراء العاملة برفع راتبها الشهري، بالإضافة إلى بعض المزايا مثل هدايا خفيفة، خوفاً من كابوس غياب العاملة في شهر تكثر فيه الولائم والمناسبات، مما يرفع وتيرة ضغط العمل، وأحياناً تقوم بعض الأسر بزيادة عاملة إضافية لتخفيف العبء”.
أما صحيفة “الجريدة” الكويتية فتشير إلى أن العديد من العاملات المنزليات هربن من منازل أرباب أعمالهن، محتميات بمكاتب الاستقدام التي جلبتهن، ويرغبن في العودة إلى بلدانهن، نظراً لضخامة الأعمال على مدار اليوم خلال شهر رمضان.
ولفتت إلى أن هذه العمالة تشكو من ضغط العمل غير الطبيعي الموكل إليهن يومياً في ظل الظروف الراهنة أيضاً التي تمر بها البلاد حالياً.
أسباب عديدة
لعل أبرز ما يدفع العاملة المنزلية للهرب قبيل أو خلال شهر رمضان، هو زيادة عبء العمل مع حلول رمضان، حيث تسهر العائلات الخليجية، خصوصاً مع الحظر في بعض دولها، حتى ساعات الفجر الأولى، والنوم بعد السحور، مما يعني أن الخادمة مطلوب منها العمل والطبخ وتنظيف البيوت بشكل أكثر، في وقتٍ لا تملك استراحة للنوم، خصوصاً العاملات المسلمات اللاتي يصمن كبقية العائلات التي يعملن في خدمتها وسط الحر الذي تشهده دول الخليج.
ويقول أصحاب مكاتب استقدام العاملات إن هناك بعض الأسر تسيء للعاملات؛ كالضرب وحرمانهن من الرواتب، بالإضافة إلى حجم العمل المتراكم عليهن ومنعهن من الاتصال بأهاليهن، وعدم مراعاة خصوصيتهن، وقد يكون ترك مكان العمل دونما سبب سوى عدم القدرة على العمل وعدم الرغبة فيه.
ولا توجد معايير قانونية لحماية الخادمات من كفلائهن الذين يعاملهن كثير منهم بقسوة أو يسيئون التصرف معهن ولا يدفعون لهن أجورهن، ما يدفعهن للهروب.
إلى جانب ذلك فإن هناك سبباً متعلقاً بالخادمات حيث لا ترغب بعضهن بتحمل الأعباء الموكلة إليها بحسب العقد والشروط الموقعة بينهما، فترغب بالانتقال إلى عمل آخر بطرق غير نظامية للحصول على مقابل أكثر، وفقاً لصحيفة “الراي” الكويتية.
فيما تنقل صحيفة “الأيام” البحرينية، عن مواطنين قولهم إن مافيات وعصابات من جنسيات مختلفة تعمل بالخفاء لتهريب العاملات بعد تحريضهن على الهروب، من خلال وعود لهن بتوفير وظائف أخرى ذات رواتب أفضل ومدخول مضاعف.
العاملات في الخليج
لا يكاد يخلو بيت خليجي من الخدم ومربيات البيوت القادمات من دول آسيوية وأفريقية، حيث يتم الاعتماد عليهن بشكل أساسي في إعداد الطعام، والتنظيف، ورعاية الأطفال، وهو ما قد يشكل بعض الخطورة في حال إغفال الأهالي لهم.
وتُعد دول الخليج من أكثر بلدان العالم استقطاباً للخادمات، حيث يبلغ عددهم 4 ملايين و626 ألفاً و308 عمال، ينفق عليهم الخليجيون سنوياً ما يصل إلى 20 ملياراً و594 مليوناً و950 ألف دولار، بحسب بيانات جمعها “الخليج أونلاين” من مصادر رسمية.
وتقدر نسبة العمالة المنزلية في دول الخليج بأكثر من 18% من العدد الإجمالي للمواطنين الخليجيين (25 مليوناً و645 ألفاً و791 نسمة)، وفق إحصائيات رسمية.
وتتصدر السعودية قائمة دول الخليج في استقدام العمالة المنزلية، فبحسب بيانات الهيئة العامة للإحصاء في المملكة فإن إجمالي عدد العمالة المنزلية وصل، خلال عام 2019 وحده، إلى 3.69 ملايين عامل.
وتأتي الكويت في المرتبة الثانية بعد السعودية في استقدام العمالة المنزلية، فأعداد عمال المنازل فيها وصلت إلى 715 ألف عامل، بحسب بيانات الإدارة المركزية للإحصاء في البلاد.
وفي المركز الثالث تأتي سلطنة عُمان التي يبلغ عدد العمالة المنزلية فيها نحو 271 ألفاً و250 عاملاً، في حين تحتل الإمارات المرتبة الرابعة؛ إذ يعيش فيها 268 ألف عامل منزلي، وفق بيانات إدارة الإقامة وشؤون الأجانب في وزارة الداخلية، ثم قطر بنحو 173,742 عاملاً (إحصائية 2016)، فالبحرين بالمركز الرابع بـ90 ألفاً.