اتفق إعلاميون عرب على خطورة الاعتماد على الذكاء الاصطناعي بشكل أساسي في إنتاج وتقديم المحتوى الإعلامي، سواء المقروء أو المرئي، نظرا لما يمثله من تهديد لإلغاء وظائف العاملين بصناعة الإعلام، وصعوبة التكهن بمدى تأثيره على المتلقين، كما اتفقوا على أنه مهما بلغ انتشار التقنيات الحديثة فإنه لن يلغي دور العنصر البشري، بشرط أن يتم العمل على تطوير مهارات مقدمي ومنتجي المحتوى الإعلامي باستمرار لتطويع هذه التكنولوجيا الحديثة في عملهم بدلا من الاعتماد عليها كليا.
«الأنباء» التقت بعدد من الإعلاميين العرب على هامش مشاركتهم في الملتقى الإعلامي العربي الـ 18 في الكويت، والذي يحتفل هذا العام بمرور 20 عاما على تأسيسه، لسؤالهم عن سؤال الساعة: هل يهدد الذكاء الاصطناعي مستقبل الصحافة؟
في هذا الصدد، أكد الإعلامي مصطفى الآغا رفضه استخدام الذكاء الاصطناعي في تقديم وابتكار محتوى إعلامي جديد خلال الفترة المقبلة، مؤيدا الاعتماد على العنصر البشري في القيام بدوره في إنتاج وتقديم المحتوى المقدم للمشاهدين والقراء، مبررا رأيه بتحذير سام ألتمان مخترع «تشات جي بي تي» من عمليات التطوير في هذا المجال، مما يؤكد صعوبة التكهن بتأثير الذكاء الاصطناعي على مستقبل الإعلام.
غير أنه أشار إلى أن الذكاء الاصطناعي أصبح جزءا من الحياة، لافتا إلى ظهور «روبوت» يحمل اسم مصطفى الآغا خلال منتدى الإعلام الإماراتي، لتقديم نشرات الأخبار تحت قيادته.
من جانبه، يرى أمين عام الملتقى الإعلامي العربي ماضي الخميس أن الإعلام سيشهد تغيرا خلال الفترة المقبلة مع استخدام الذكاء الاصطناعي والتقنيات الحديثة في انتاج المحتوى، مؤكدا في الوقت نفسه أن الاعتماد على هذه التقنيات لن يلغي العنصر البشري في المجال الإعلامي.
وأوضح الخميس أن الذكاء الاصطناعي مازال في مراحله الأولى، لذلك مازالت الحكومات حول العالم في حيرة حول كيفية تغيير التشريعات لتضمين ثورة التكنولوجيا والاتصالات في الصناعة الإعلامية الورقية أو التلفزيون، مضيفا أن منتدى الإعلام العربي خصص جلسة حول هذا الأمر بدورته الحالية.
فيما قال الإعلامي د.خالد غطاس إن كل الصناعات تواجه مخاطر الاعتماد على الذكاء الاصطناعي ومنها صناعة الإعلام، إذ يتميز «الروبوت» بتكلفة أقل من المذيع، وقدرته على جمع المعلومات بشكل أكبر من العنصر البشري، مطالبا في هذا الصدد بضرورة العمل على استغلال المزايا لدى العنصر البشري والعمل على تطويرها باستمرار، وعدم وضعه في مقارنات مع الروبوت.
واتفق معه الإعلامي أحمد شوبير حول مخاوف الاعتماد على الذكاء الاصطناعي بشكل أكبر خلال الفترة المقبلة، ممازحا: أخاف من استخدام الروبوت في مباريات كرة القدم كلاعبين وحراس مرمى.
وأضاف «ما كنا نعتبره في الماضي خيالا، الآن أصبح واقعا، مما يتطلب منا ضرورة العمل على تطوير مهاراتنا لمواكبة العصر».
بينما يرى الإعلامي علي الخالدي أن التوسع في استخدام الذكاء الاصطناعي لن يلغي الاعتماد على العنصر البشري، لأن تأثيره على المتلقي يختلف عن الذكاء الاصطناعي، إذ يتميز الإنسان بمشاعر وقدرة على توصيل المعلومة، لافتا إلى أن ذلك لا يمنع من الاستعانة بالتقنيات الحديثة لتوصيل الرسالة الإعلامية.
أما الإعلامي هاني البدري، فقلل من مخاوف تأثير الذكاء الاصطناعي على الإعلامي، مفسرا وجهة نظره بأن المخاوف الحالية نفسها واجهتها الإذاعة عند ظهور التلفزيون، وحتى التلفزيون واجه الأمر نفسه مع اختراع الهواتف المحمولة والإنترنت، وظهرت أقاويل وقتها عن إغلاق التلفزيون ولكن حتى الآن نتابعه من خلال الهواتف.
وقال البدري إن الذكاء الاصطناعي أحد المفاهيم الحديثة في العالم، إما أن يتم الاستفادة منه في صناعة الإعلام أو يتم التشاور بشأنه حتى يصبح واقعا مفروضا على الإعلام، مما يتطلب ضرورة تطويع الذكاء الاصطناعي لخدمة الإعلام بشكل أفضل، مع تحديد سقف لاستخدامه، مؤكدا في الوقت نفسه أن دور العنصر البشري ضروري في صناعة الإعلام ولن يتم الاستغناء عنه مطلقا.
في سياق متصل، قال الإعلامي أحمد الهواري إن الوطن العربي يواجه تحديا متعلقا بالاستخدام غير الصحيح للتكنولوجيا الحديثة، مما يهدد صناعة الإعلام حال اعتماد العاملين في الإعلام بشكل كلي على الذكاء الاصطناعي في إنتاج المحتوى، وبالتالي سينعكس على عدم وجود صحافيين أو مقالات رأي منتجة من قبل الإنسان.