قرأنا وتابعنا كثيراً من القوانين «أيام العز» كما يحلو للبعض تسميتها من علاوات وكوادر كثير منها لم يكن مدروساً بعناية وتم تطبيقها بأثر رجعي.. مثل غيرها من الأمور الإدارية والأحكام الأخرى…!
ما أعنيه هنا المراهقة ولا يهمني الجانب الأخلاقي منها لأن هناك الكثير ممن هم في سن الرشد وعقليتهم ما زالت تراوح في فلك المراهقة، والغريب أن الماضي القريب ما زالت إرهاصاته تعيش في مخيلة البعض وكأنهم يرغبون في العودة إلى الوراء.
يقول المثل الدارج «لحية تحشمها ولحية تحشم نفسك عنها».. فلو عُدنا إلى الوراء قليلاً لوجدنا بعض الأصوات تهاجم مجلس الأمة الحالي وتصر على السير بنفس الخطى بمعنى أنهم لم يتعلموا وهم أشبه بالمراهق سياسياً الذي لا يقبل الواقع بحلوه ومره..
عندما سُئلت عن استاذ جابر وافتتاحه وبعض المنادين بـ «هاشتاق» غريب، تذكرت ما حصل وعلمت أن الجهل ببعض الأمور أطيب وللسياسة متطلباتها وقواعدها ودعوت الجميع إلى الالتزام بالمبادئ الدستورية والاجتماعية والأخلاقية… والذي لا صلة لك به أرى بأن عدم الخوض فيه «أبرك»!
بعض أحبتنا المتابعين أجد فيهم الصدق عبر التعليق على المقالات وانتقادهم أحيانا يكون في محله.. والقصد هنا أننا عندما ننتقد يُفترض أن ننتقد بشكل ودي، ومن باب الحرص على من نوجه له النقد أما توجيه النصح والانتقاد في العلن فهو سلوك غير محبب.
ولو لا حظنا قرارات البعض عندما يتسلم زمام المسؤولية تشعر وكأن بها «نفس انتقامي»، وهي تعكس حادثة وقعت له في الماضي، وكأنها دين عليه ويريد رد الإساءة بإساءة… وهذا النوع مراهقة إدارية بأثر رجعي وانعكاساتها في غاية السوء.
الثابت أن الله ميزنا نحن المسلمين بصفة التسامح.. فديننا دين تسامح ومحبة ولو أننا التزمنا بالأطُر الأخلاقية الإسلامية الحقة لما وجد بيننا مراهق.. أيا كانت نوعية المراهقة التي يطبق نموذجها.
ما نريده قد لا يُعجب البعض وهذا طبيعي… وما قد نتعرض له من نقد سلبي قد يراه المصدر أنه حق لكن غياب الحوكمة الأخلاقية جعلتنا نُتهم ونتعرض للآخرين في الشاردة والواردة بحق ومن دون حق لانعدام صحة القياس لدى البعض.
قياس أسنان المشط أو المسطرة المستقيمة مطلوب إتباعه على المستويات كافة وبالأخص الاجتماعي لأن التباين في طرق معالجة الأخطاء كبرت أم صغرت أمر غير محمود وقد يُولد لنا جيل يعيش مراهقة «مكبوتة» تختزل في ذاته إلى أن يجد الفرصة ويخرجها.. و «تعال رقع»!
لذلك٬ فالدعوة إلى التلاحم وتجاوز الأخطاء مطلب أساسي للنهوض بالبلد على كافة المستويات، وهي دعوة نوجهها لكل الأطراف المتنازعة وإن رأيت «مراهقا» فلتغض الطرف عنه، وإن رأيت عيباً أو خطأ سلوكياً قد وقع فيه شخص عزيز فينبغي أن تتوجه له بالسر ناصحاً لعل وعسى أن تساهم في تقويم سلوكه.
هذه الدعوة يجب أن تتبناها الجهات الرسمية والمجاميع والكتل كي يتم توعية المجتمع بكافة أطيافه تجنباً لسلوكيات «المراهقة بأثر رجعي»… وعسى أن أكون وفقت في تصوير وجهة النظر للحالة التي نعيش إفرازاتها… والله المستعان.