المشاركة السياسية ودور الشباب في المجتمع، وفي مواقع القرار، موضوع بات يفرض نفسه في ضوء التطور متعدد الأوجه الذي يشهده المجتمع وقواه الفاعلة.
ما حصل هو أننا مررنا بأحداث سياسية متشعبة، أسفرت عن عزوف قطاعات واسعة من الشباب عن مواصلة الخوض في المعترك السياسي، سواء في الكويت أو في أنحاء كثيرة من العالم العربي.. ومع هذا فإن المشاركة الشبابية في موجة الثورات، وفي المراحل «الانتقالية» زادت من قدرة الجيل الجديد على مواجهة المصاعب، وعلى التصرف الذي يليق بهذه المرحلة أو تلك، لكن في بعض هذه الدول برز نوع من المراوحة (وربما بعض التراجع والركود) في دور تجمعات وائتلافات شبابية كان لها دور فاعل (بالأمس القريب) في تحديد مجرى الأحداث.
العزوف عن العمل السياسي تتعدد أسبابه، وتتنوع مؤثراته، ففي بعض الأحيان يشعر الجيل الجديد بأنه لم يتمكن من إيصال رؤيته ومفاهيمه السياسية إلى أصحاب القرار، أو يتضح له أن التيارات أو القوى التي كان منخرطا فيها لم تحقق له آماله ومطامحه.
هذا الشعور بالإحباط ناجم عن الفارق الكبير بين وعود السياسيين له وبين الواقع الملموس الذي يعيشه (الخدمات العامة وتحسين معيشته وأوضاع عائلته)، فالتعليم والصحة ومقومات التنمية باقية على حالها، وكفاح هذا الشاب استهلك طاقته لمدة طويلة، ولكن دون التوصل إلى التغييرات المنشودة.
وهكذا، فالمشهد السياسي أصبح مغلفا بالضبابية والجمود، لأن انخراط الشباب ضمن التيارات السياسية لم يترجم إلى بناء الدولة الكفؤ، وتطور نوعي للخدمات والمرافق الحيوية.
في الواقع، المسألة أصبحت موضوع نقاش مستفيض ودراسة من جانب الباحثين والمحللين، سواء على المستوى العربي أو في أمريكا وأوروبا وسواها، فهل يعقل أن يتم فصل الشباب عن المشاركة في الحياة السياسية، وكيف نقيّم هذا العزوف؟
هنا تبرز خطورة ما يجري من تخويف من النشاط السياسي بالذات، نظرا للربط بينه وبين النزول إلى الشارع، وإثارة الفوضى، والقفز على هيبة القانون. هذه الهواجس غير صحيحة، فالعمل السياسي ليس شارعا، ولا فوضى، وصار البعض يربط بين هذا العمل السياسي وبين الملاحقات الأمنية والمحاكمات والاعتقال والسجن.
يبقى أن نؤكد ضرورة تصحيح المفاهيم في هذا المجال، وهذا لن يتحقق إلا إذا قمنا بتصحيح العمل السياسي، وتهذيب السلوك السياسي، الأمر الذي يحتاج إلى أفكار جديدة ومنحى جديد في التفكير والمعالجة، وفي مواجهة ما يستجد.
من جهة أخرى، من غير المعقول أن يغيب الشباب عن مجمل العمل السياسي في هذا العصر بالذات، وإنما يجب أن نزرع في نفوسهم روح التفاؤل والإيجابية، وثقافة الدولة، وثقافة العمل من أجل التجديد.
بقلم /فوزية أبل
جريدة الطليعة