أعلنت نقابة الأطباء العاملين بدولة الكويت تأييدها للاستجواب المقدم من النائبين حمدان العازمي وراكان النصف لوزير الصحة د.علي العبيدي، مؤكدة بأنها أول من حذر – في أكتوبر 2014 – من فداحة استمرار التجاوزات الإدارية والمالية التي تسببت باهتزاز الثقة بالمؤسسة الصحية والإضرار بالمال العام بعد استفحال أشكال الفساد والتنفيع في عهد العبيدي
ولفتت الى أنه نظرا لاستمرار تلك التجاوزات دون رادع فمن الطبيعي أن تصل “سكين الصحة للعظم” في ظل أجواء الارتياح والنقاهة التي يعيشها وزير الصحة من غياب الرقابة بالرغم من التحذيرات التي أطلقتها نقابة الأطباء من خطورة الفساد الذي نخر بجدران الوزارة واستفحل في عهد الوزير الحالي بتجاوزات أكدتها أيضا تقارير ديوان المحاسبة، وكانت مع الأسف على حساب حرمة المال العام بمئات ملايين الدنانير.
وفي هذا الصدد قال نقيب الأطباء د.حسين الخباز أن النقابة تؤيد الاستجواب المقدم من النائبين حمدان العازمي وراكان النصف لما تضمنه من محاور مستحقة عن بعض الجوانب الفنية التي تضرر منها الجسم الطبي بالإضافة إلى التجاوزات الإدارية والمالية التي سبق وأن حذرت منها النقابة منذ أكثر من عام؛ لاسيما شبهات الكسب غير المشروع واستغلال النفوذ التي وردت بصحيفة الاستجواب من قيام وزارة الصحة بالتعاقد مع شركة طبية – أسسها العبيدي – بمبالغ تفوق أضعاف رأس مال تلك الشركة، وهي الأفعال المجرمة بقانون هيئة مكافحة الفساد الذي حضر مثل تلك التعاملات التجارية وقد أصبح من الواجب على نواب الأمة محاسبة وزير الصحة عنها سياسيا وقانونيا.
وذكر أن أحد مظاهر الفساد التي استفحلت أيضا بعهد الوزير العبيدي هي ظاهرة التعدي على المال العام فيما يخص “تعويذة” العلاج بالخارج، موضحا كلامه بوجود إحصائية رسمية موقعة من مدير إدارة العلاج بالخارج أكد فيها أن ميزانية الإدارة قدرت للسنتين (2012، 2013) بـ(120) مليون دينار لعدد يتراوح ما بين (2500- 3000) حالة علاج بالخارج، وقد أكدت نفس الإحصائية بتضاعف عدد الحالات المبتعثة خلال عام (2015) لتصبح – بعد تولي العبيدي حقيبة الصحة – بعدد (11825) وتقفز تكلفتها إلى (320) مليون دينار، أي بزيادة فلكية مقدرة بأكثر من (200) مليون دينار خلال أقل من سنة !!
واعتبر تلك الزيادة الفلكية هي قيمة الفاتورة السياسية التي تكبدتها خزينة الدولة لاحتفاظ العبيدي بكرسيه الوزاري دون أدنى مراعاة لحرمة المال العام التي كنا نعتقد أنه أقسم على صونها أمام الله وسمو الأمير والشعب الكويتي، لافتا أنه بات واضحا من أن وزير الصحة اتخذ المثل القائل “اطعم الفـم .. تستحي العيـن” ليكون منهجا وزاريا له بكسب ود وثناء “أدواته” وبعض من يكتفون بترديد عبارات الشكر والمديح للوزير دون النظر لحجم التجاوزات وأشكال التنفيع التي استفحلت في عهده، مطالبا هيئة مكافحة الفساد بالتحقيق في الفضيحة التي أسماها بصفقة “داو الصحة” والتي كلفت الخزينة العامة أكثر من (200) مليون دينار من أموال ومقدرات الشعب التي استبيحت “جهارا نهارا” دون أن تًـذرف دمعة واحدة على تلك الملايين الضائعة التي كان بالإمكان استغلالها ببناء أفضل المستشفيات والمراكز والمدن الطبية ليستفيد منها شعب بأكمله لسنوات قادمة في ظل الحاجة الماسة للتوسعات وإنشاء المستشفيات التي تعج بطوابير الانتظار الطويلة التي باتت حديث الشارع والجسم الطبي.
وفيما يخص محور الأخطاء الطبية أكد الخباز أن العبيدي يتحمل المسئولية السياسية كاملة عن هذا المحور لأنه يقف ضد إقرار قانوني”المسئولية الطبية وحقوق المريض” المقدمين من نقابة الأطباء لمجلس الأمة، مشيرا بأن النقابة حرصت من خلال القانونين بوضع الحلول المناسبة لمعالجة تلك الظاهرة التي تضخمت “سياسيا وإعلاميا” في عهد الوزير الحالي دون أي تحرك فعلي لتجنب تكرارها سوى الاكتفاء بالحلول “الترقيعية” المتمثلة بلجان التحقيق بعد كل حالة وفاة، واصفا حديث العبيدي الأخير الذي قال فيه بأحد اللقاءات التلفزيونية أن “صحة المواطن لا يمكن الاستهانة بها” بأنه مجرد كلام للاستهلاك الإعلامي ولن ينطلي على المتابعين للشأن الصحي ذلك وأن كل الأدلة تؤكد أن كلامه “مرسل” لا يمت للحقيقة بصلة، موضحا أنه إن كان الوزير يقف ضد إقرار القانونين اللذين يحميان المريض والجسم الطبي، وظلا حبيسي أدراج اللجنة الصحية منذ فبراير (2014) بسبب عدم حضوره اجتماعات اللجان لمناقشتهما، فكيف له أن يدعي بأن حياة وصحة المواطن ذات أهميه لديه وهو يتصرف بهذا الاستهتار واللامبالاة ؟!
ووصف الخباز مقارنة العبيدي للنظام الصحي الكويتي بالنظام الصحي الأمريكي، عندما أكد أن الأخطاء الطبية تحصد أرواح أكثر من (440) ألف مريض في أمريكا، بالمقارنة “المضحكة” التي تكشف عن ضعف المفاهيم الإحصائية لدى الوزير، موضحا كلامه بأنه في ظل عدم وجود أي إحصائية رسمية بالكويت عن العدد الفعلي لحالات الوفاة نتيجة الأخطاء الطبية بالمقارنة لنسبة عدد سكان الدولة – كما هو الحال في أمريكا – فمن المستحيل مقارنتها مع أي دولة أخرى.
واشار الى أنه حتى لو صح الرقم الذي أعلن عنه الوزير بعدد (440) ألف وفاة سنوية في أمريكا فهو يعادل (1700) حالة وفاة سنوية بالكويت بالمقارنة بعدد السكان، إلا أنه وبسبب غياب الشفافية من وزارة الصحة بالتحقيقات الفنية والإعلان الرسمي عن نتائجها – كما هو الحال في أمريكا – فإن ذلك يجعل من المستحيل علميا مقارنة الكويت بأي دولة، فكيف لوزير الصحة إجراء مثل تلك المقارنة “الركيكة” التي تفتقد لأبسط مقومات البحث العلمي والتحليلي ؟!
وختم الخباز تصريحه مجددا تأكيده على الاستحقاقات التي يحملها استجواب النائبين العازمي والنصف ذلك وأن استمرار العبيدي بمنصبه ما هو إلا استمرار للتخبط والفشل الإداري الذي يرهق كاهل الوزارة والخدمة الصحية ذلك وأنه يعتمد أسلوب “اطعم الفـم .. تستحي العـين” منهجا إداريا له بالترضيات ومخالفة القوانين وكسب ود بعض من يردون له الجميل بباقات الشكر والمديح والحديث عن الانجازات الصحية التي لم نتلمس أي منها سوى انجاز العلاج بالخارج الذي تضاعف بنسبة (450%) خلال عام (2015) فقط، تلك الزيادة الفلكية التي حصلت بعهد العبيدي وتسبب من خلالها بمجزرة للمال العام قدرت كلفتها بأكثر من (200) مليون دينار دُفعت “كفـاتورة سياسية” من جيب الدولة في سبيل زيادة مدة الجلوس على كرسي الوزير؛ ذلك في ظل سياسية التقشف والبذخ وترشيد الاستهلاك التي ترفعها الحكومة بوجه المواطن للحفاظ على الميزانية والمال العام الذي اغتصب بوضح النهار في عهد الوزير الحالي بصورة لا تقل فظاعتها وحسرتها عن صفقة الداو النفطية، بما يدفعنا للتساؤل: هل سيحاسب العبيدي عن “داو الصحة” التي كبدت خزينة الدولة أكثر من (200) مليون دينار .. أم أنها “صفقة سياسية” ستمر مرور الكرام ؟!