رفض شعبي كبير لمقترح منع العلاج بالخارج لمسناه في سؤالها لعدد من المواطنين عن مدى تقبلهم لفكرة المقترح، حيث تمحورت آراء المتحدثين بين استغراب في السعي لتطبيقه في ظل تردي الخدمات الطبية المقدمة في الداخل ووجود أمراض عديدة ليس لها علاج، والتساؤل عن عدم قدرة الحكومة على منع استغلال العلاج بالخارج للسياحة من قبل «المتمارضين» على حد وصفهم والمتنفذين وأصحاب الواسطة، مطالبين بتحسين الخدمات الطبية وضمان عدم الحاجة للعلاج بالخارج قبل التفكير بتقديم المقترح.
البداية كانت مع المواطن يوسف الفضلي الذي قال إن الدستور الكويتي كفل للمواطن الضمانة الصحية، وبتبعية هذه الضمانة فإن الدولة ممثلة بوزارة الصحة من خلال مستشفياتها وأطبائها في حال عجزهم عن معالجة المرضى الكويتيين يتوجب عليها إرسالهم إلى الخارج لتحقيق مبدأ الضمانة الصحية التي كفلها الدستور»، ومن هنا رأى الفضلي أنه «كان من المفترض والأولى قبل التفكير بإلغاء العلاج بالخارج النظر لواقع الحال للخدمات الصحية المقدمة، وهل هي قادرة على احتواء كل المرضى بمختلف حالاتهم وتقديم الرعاية الصحية التامة لهم أم لا؟.
ورأى الفضلي «وجود حالات مرضى لا يمكن علاجها في البلاد في حين أن علاجها متوافر في الخارج، ولا يجب أن تحرم من ذلك ولا يمكن أن يوصف علاج هذه الحالات بهدر للمال العام، كما وصفه البعض، لأنه سيكون استثمار في علاج العنصر البشري الذي هو الثروة الحقيقية للوطن»، معتبرا في الوقت نفسه «ابتعاث ما يسمون بالمتمارضين للعلاج بالخارج ضعف حكومي بالدرجة الأولى وهو الهدر الحقيقي للمال العام وبمباركة السلطتين التشريعية والتنفيذية لسماحهما بحصوله»، متمنيا «ألا يتم التوفير بالمال على حساب صحة المواطنين».
من جهته، رأى عبدالرحمن خلف «أنه من غير المقبول إطلاقا أن «تنفذ الحكومة سياسة الترشيد على حساب صحة المواطنين في ظل الخدمات الصحية المقدمة بمستوى لا يرقى للوصف بتذمر السواد الأعظم من الشعب الكويتي من مستشفيات البلاد الحكومية وإن كان العذر بوجود من تم إرسالهم للعلاج بالخارج وهم غير مرضى ولا يستحقون ذلك وأرسلوا بهدف السياحة على حساب الدولة فتلك مسؤولية الحكومة بشكل عام ووزارة الصحة على وجه الخصوص، وأيضا النواب الذين يمتهنون إرسال ناخبيهم للسياحة بحجة العلاج بالخارج، وليس ذنب المرضى الذين لا يجدون نفعا بأمراضهم داخل مستشفيات الدولة»، لذلك حمل خلف الدولة مسؤولية «وضع حد لهذا الوضع المزري سواء للخدمات الصحية السيئة أو لمجاملة النواب وأصحاب النفوذ بالسماح لهم تمرير معاملات العلاج بالخارج لغير المستحقين».
وزاد خلف «يوجد حالات مرضية عانت من سوء التشخيص في مستشفيات الحكومة وهي عديدة وأدى ذلك لحدوث مضاعفات واستفحال للأورام أو مسببات المرض، وأيضا هناك حالات عند تشخيصها جيدا نكتشف أن ليس لها علاج نهائيا في الدولة سواء في المستشفيات العامة أو الخاصة وعلاجها متوافر في دول أخرى، لكن المواطن ليس بمقدرته تحمل تكاليفها، فهل نتركه فريسة للمرض إلى أن يتمكن منه ويبقى طريح الفراش حتى يأتي أجله؟»، مؤكدا ان هناك «خللا كبيرا لدى وزارة الصحة في نوعية الأطباء الوافدين الذين يتم استقطابهم أو الموافقة على عملهم بمستشفياتها ومستوصفاتها»، متسائلا لماذا تقبل وزارة الصحة بأي مستوى لهم أو حتى المستوى الجيد منهم؟ أليس من المفترض عدم قبول إلا الممتاز والأجدر والمميز لضمان تقديم افضل أنواع الرعاية الصحية والتي تبدأ بتشخيص المرض من قبل الطبيب المعالج وهي أساس العلاج الصحيح؟».
بدوره، لفت المواطن محمد صاحب إلى وجود «أمراض خطيرة منتشرة في الكويت مثل السرطان وأمراض القلب على سبيل المثال لا الحصر وهناك أمراض ليست خطيرة ولكن ليس لها علاج في الكويت مثل العقم والربو وأنواع الحساسية المزمنة والتي يتوافر علاجها خارج البلاد وبأيدي أطباء مختصين مهرة إلا أنها مكلفة جدا ولا يستطيع المواطن تحمل تكاليفها»، لذلك رأى انه «على الدولة القيام بابتعاثهم على نفقتها للعلاج لأنها لم تستطع أن تقدم لهم الرعاية الطبية اللازمة من خلال خدماتها الصحية»، معتبرا انه من «غير المنصف إطلاقا ان تمنع الدولة العلاج بالخارج للمرضى المستحقين لأنها غير قادرة على منع حصول غير المستحقين على فرصة مجانية للسياحة بالخارج بمسمى مرضى أو باعتبارهم متمارضين استغلوا العلاج بالخارج عن طريق الواسطات دون وجه حق».
وأشار صاحب إلى ان «اللجان الطبية تحدد الحالات المرضية المستحقة للعلاج بالخارج بناء على أسس وشروط محددة منها عدم توافر علاج الحالة داخل البلاد فإن وجدت هذه الحالات والدولة ترفض ابتعاثها للعلاج بالخارج فما الحل بشأنها في ظل كفالة الدستور الكويتي الرعاية الصحية للمواطنين؟ وان كان الدستور لم ينص على العلاج بالخارج بذات المسمى لكن كلمة الرعاية أشمل في المعنى، وإلا فما مصير جميع الحالات المرضية المستعصية التي تفتقر لعلاجها داخل الكويت؟»، موضحا أنه «كان من الأفضل والأصح والأنسب التفكير في تطوير الخدمات الصحية لدرجة تضمن عدم الحاجة للعلاج بالخارج وليس منع العلاج بالخارج في وقت يتذمر ويستاء المواطن من رداءة الخدمات الصحية».
من جهته، استغرب مشعل العثمان من الوصول إلى مناقشة الاهتمام بالرعاية الصحية من خلال منع العلاج بالخارج واقتراح إحضار أطباء ومساعديهم لعلاج المرضى بالداخل، متسائلا: هل هذا هو الحل الصحيح للنهوض بمستوى الخدمات الطبية؟ أم العمل على الاستمرار في إرسال المرضى المستحقين للعلاج بالخارج وبنفس الوقت تطوير الرعاية الصحية في الداخل بدءا من اختيار نوعية وكفاءة الأطباء الوافدين الذين يتم تعيينهم في وزارة الصحة، وإرسال الأطباء الكويتيين للخارج لاكتساب الخبرات والمهارات الطبية، وتعويض الاختصاصات النادرة ووضع شروط لإنهاء خدمات الأطباء الذين هم دون المستوى المطلوب إلى حين الوصول للكمال على مستوى خدمات وزارة الصحة»، مشيرا إلى أنه عندها «لن نحتاج أصلا للعلاج بالخارج لأن أهم شروط الموافقة على الابتعاث للعلاج ألا يكون العلاج متوافرا بالبلاد».
وأضاف: «أما إذا كان المنع بقصد القضاء على السياحة بحجة العلاج بالخارج فهذه الطامة الكبرى التي تعني إننا لم نكتف بالتسبب بهدر المال العام وإعطاء غير مستحق حق آخر مستحق بل وصل بنا الحال إلى أن نمنع المستحق نهائيا من حقه ونتركه يعاني المرض وقلة الحيلة لأننا غير قادرين على منع ضعاف النفوس والمتمارضين ومن ساعدهم على ذلك من التجرؤ على المال العام وعلى حق المستحقين فعلا لهذه الخدمة المقدمة من الدولة».
وأكد العثمان ان «هناك حالات تعاني من أمراض فتاكة مثل السرطان وليس لدينا بالكويت مستشفى خاص لهذا النوع من الأمراض التي باتت منتشرة إلا بمستشفى مكي جمعة وهو ليس بالطاقة الاستيعابية لأعدادها ولا بالمستوى الممتاز لعلاجها مع تقديرنا واحترامنا لكل القائمين عليه والعاملين به»، مشيرا إلى أنه «في الخارج هناك إمكانيات علمية طبية على مستوى الأجهزة الطبية والأطباء باستطاعتهم تقديم خدمات علاجية تقضي على بعض الأمراض السرطانية وتحد من انتشار البعض الآخر منها، فكيف سنجلب في كل مرة يحتاج فيها مريض سرطان هذه الإمكانيات الخارجية وهي دائما ما تحتاج فترات طويلة للعلاج والمتابعة، لذلك أرى أن هذا المقترح لا يصب بالصالح العام نهائيا».
بدوره، تساءل جراح العنزي «كيف يتم التفكير في حرمان مواطن من العلاج بالخارج وهو مستحق لهذه الخدمة المقدمة من الدولة لأننا نريد أن نمنع آخر من القيام بسياحة بالخارج بحجة العلاج؟!»، لافتا إلى أن «هذه هي تحديدا فكرة مقترح منع العلاج بالخارج فلا يمكن أن نأخذ المستحق بجريرة غير المستحق وقد وصل بنا الأمر الى أننا لا نستطيع التصدي للمتنفذين والمتحايلين على القانون وغير قادرين على تنفيذ القانون الذي يهدف للصالح العام إلا بمنع الذين يحتاجون لهذه الخدمة فعليا إلى جانب مستغليها بشكل أو بآخر»، مؤكدا ان «هذا المقترح إن طبق فسيكون حصاده ترك عدد كبير من المرضى الذين لا يجدون العلاج لأمراضهم داخل البلاد فريسة الآلام والمعاناة الصحية لأننا نعلم علم اليقين أننا نعاني من ترد في الخدمات الطبية المقدمة من قبل الدولة وان هناك أمراضا خطيرة لا يمكن علاجها إلا بالخارج، فما ذنب أصحاب هذه الأمراض أن يحرموا من خدمة العلاج بالخارج؟!»، متمنيا من «نواب الأمة أن يكون لهم موقف حازم تجاه هذا المقترح وان يكون ردهم أقوى من رفضه بالتوجه إلى المطالبة بإصلاحات واسعة النطاق على مستوى الخدمات الطبية بالداخل مع ضمان إرسال كل من لا يتوافر علاجه بمستشفيات الحكومة للخارج على وجه السرعة دون أي تأخير روتيني بالدورة المستندية واللجان الطبية».