كما كان متوقعاً بعد إبطال المحكمة الدستورية أمس الأول مرسوم إنشاء الهيئة العامة لمكافحة الفساد، أنجزت الحكومة أمس مشروع قانون جديد بإنشاء هيئة لمكافحة الفساد وكشف الذمة المالية وأحالته إلى مجلس الأمة، ليدرج على جدول أعمال جلسة اليوم بصفة الاستعجال، في حين سحبت مراسيم تعيين رئيس الهيئة ونائبه، وأعضاء مجلس الأمناء، وقرارات إنهاء الخدمة والنقل لمن أنهيت خدماتهم، أو تم نقلهم من الجهات الحكومية إلى «الهيئة»، واعتبارها كأن لم تكن.
وكلف مجلس الوزراء، في اجتماعه أمس، وزير العدل وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية يعقوب الصانع تشكيل لجنة تختص بتسلم موجودات الهيئة ومستنداتها وأوراقها ووثائقها، واتخاذ ما يلزم من تدابير تحفظية لضمان الحفاظ عليها وعلى سريتها، ووضع آلية تسليم إقرارات الذمة المالية الموجودة لدى «الهيئة» لأصحابها.
وقال الصانع، لـ«الجريدة»، إن اللجنة سيترأسها مستشار في محكمة الاستئناف، مضيفاً أن «موظفي الهيئة سيعودون إلى الجهات الحكومية التي كانوا يعملون بها سابقاً، بينما سينقل الموظفون المعينون، الذين لم تكن لهم وظائف سابقة، إلى قطاعات تابعة لوزارة العدل، أما القضاة فالأمر يعود إلى المجلس الأعلى للقضاء».
وذكر أن القانون الملغى لم تُعدل إلا مواد بسيطة به، ويتضمن 90 في المئة من القانون السابق، مؤكداً أن الحكومة جادة في تقديم قانون لمكافحة الفساد وبالاسم ذاته.
وأشار إلى أن «هناك تعديلاً على الركن المادي لجريمة الكسب غير المشروع، وبعض المواد الأخرى المهمة بالقانون، والتي تدعم استقلالية الهيئة لا التقليص منها»، مشدداً على أن الحكومة مؤمنة بضرورة وجود هيئة لمكافحة الفساد.
وعن الفراغ التشريعي، قال الصانع إن النيابة العامة، وفقاً للقانون، يحق لها التحقيق في الجرائم الواردة بقانوني الجزاء وحماية الأموال العامة، ولأي شخص حق تقديم البلاغ.
وتضمنت نسخة من قانون هيئة مكافحة الفساد الجديد، بعض الاختلافات عن القانون السابق، منها إضافة فئات جديدة تنطبق عليها أحكام القانون، وهي «الموثقون وكاتب العدل بإدارتي التسجيل العقاري والتوثيق بوزارة العدل، ورئيس جهاز المراقبين الماليين ونائبه، ورؤساء القطاعات، والمراقبون الماليون».
غير أنه غابت عن القانون الحالي شرائح كانت موجودة في القانون «المُسقط»، مثل شريحة من يشغل وظيفة بدرجة وزير، حيث حجَّم المشروع ذلك باشتراطه أن يعمل في جهة تنفيذية حتى ينطبق عليه القانون، وكذلك الحال بالنسبة لرئيس وأعضاء مجالس الهيئات، إذ اشترط أن تكون مهامهم تنفيذية.
وأدخل المشروع الحكومي مادة جديدة برقم 27، حددت النيابة العامة كجهة مختصة دون غيرها في التحقيق والتصرف والادعاء بجميع الجرائم المنصوص عليها في هذا القانون، على أن تُنشأ نيابة مختصة لهذه الجرائم.
وكان لافتاً التعديل الذي أدخل على نص المادة 26، الذي أضاف عبارة «متى صرح لها بذلك» إلى نص المادة التي لا تجيز للجهات التابعة للقطاعين الحكومي أو الخاص، أو أي شخص طبيعي، الامتناع دون مبرر قانوني عن تزويد الهيئة بأي سجلات أو وثائق مفيدة في الكشف عن أفعال الفساد، وبهذا التعديل فإنه يجب أن تحصل الهيئة على تصريح دون تحديد الجهة المعنية بذلك للحصول على مستندات.
ومن التغييرات أيضاً أن تضع «الهيئة» مشروع ميزانيتها، وترسله في الميعاد القانوني إلى وزارة المالية، وإذا حدث خلاف أو اعترضت الوزارة يُعرض الأمر على مجلس الوزراء ليتخذ ما يراه مناسباً.