إضاءة على النص :
قد يتغلغلُ الحزنُ في أعماقِ قلوبِنا ، ومساحاتِ حياتِنا حتى لا يتركَ للنورِ بصيصًا في زوايانا، ولا يدعَ لأريج الورد حريةً للتنقل بين حنايانا.
وإذا لم نسيطر على ذلك الزحف الطائش والظلام الكالح ، ونهاجم وطأته ، ونخفف حمأته ؛
فلن نستمتعَ بربيعِ السعادةِ التي حبانا الله إياها،ودعانا للعيش في جنَّاتِها ، وسيكونَ للشيطانِ الأملُ العظيمُ في إثارةأحزانِنا، وسجنِ أحلامنا .
ونحن -معاشرَ الشعراءِ – ندعوكم لِمنعِ قلوبكم من المكوث في دياجير يأسنا ، والانطلاق نحو الربيع الذي تُغَنِّي به كلماتُنا، لتعيشوا جنةَ السعادةِ في عُمُرِكم المديدِ – بإذن الله تعالى- .
قصيدة : لا تقرؤوني
١- أَمْطَرْتُ مِنْ لَهَبِ الإِحْسَاسِ قَافِيَتِي
فَذابَ سَعْدِي على أَنَّاتِ باكيتيْ
٢- وَرُحتُ أجمعُ أنفاسَ الجِرَاحِ على
عِقدٍ من البوحِ مَلْفُوْفًا بِأرْدِيَتِيْ
٣- عَانَقْتُ من لَوْعَةِ الأشْعَارِ جَمْرَتَها
وَبُحْتُ بالحُزْنِ حتى أَقْفَرَتْ لغتيْ
٤- ضَيَّعْتُ عُمْرًا بأحلامِ الشبابِ وفي
مَجَاهِلِ الوَهْمِ قَدْ أَطْلَقْتُ أشرعتيْ
٥- حتى اكتوى بِلَهِيْبِ المُبْكِيَاتِ دَمِي
وَغَالَنِي* الهمُّ واستشرى بأوردتيْ
٦- الشِعْرُ عندي*لأنْسَامِ الصَّبَاحِ لَظىً
يَسُوْقُهَا لِلَهِيْبِي وهي *مُبْغِضَتيْ
٧- بنيتُ لمَّا أقامَ الحزنُ في وَجَعِي
بيتًا من الكَربِ محْفُوْفًا بأقبيتي
٨- وَرُحْتُ أرعى ذِئابَ الهَمِّ *فَاجْتَرَأَتْ
على الحقولِ وألْغَتْ رَقْصَ أُغْنِيَتِيْ
٩- فَصِرْتُ في ظُلْمَةِ الآلامِ أغرقُ في
صَمْتِي وَتَخْنُقُ أوهامُ الكرى شَفَتِيْ
١٠- نَبْكِي ومن أَلَمِ الشعراءِ مَاقَرَأَتْ
مِنْهُ الهُمُوْمُ حروفَ الحُزْنِ في عِظَةِ
١١- لاتَقْرَؤُونِي فبعضُ الشِّعْرِمن*نَزَقِي
وَبَعْضُهُ مِزَقٌ*من نَزْفِ تَجْرِبَتِيْ
١٢- لا تَقْرَؤُونِي فَإِعْجَامُ الكلامِ غَدَا
ثوبًا لِخفقي وَعُنْوَانًا لُِأمْسِيَتِيْ
١٣- لا تَقْرَؤُوا لُغَةَ الآلامِ إِنَّ لَهَا
سوطًا مِن النارِ يُشْقِي كلَّ نَاصِيَةِ
١٤- تُبْقِيْ الفؤادَ سَقِيْمًا لا يرى أَمَلًا
والعيشُ يَبْدُو قبيحَ الحِسِّ والصِّفَةِ
١٥- والعمرُ يَجْرِي وقد جَفَّ الهناءُ بِهِ
والكَربُ يَجْعَلُهُ قبرًا بزاويةِ
١٦-لويَجْمَعُ العيشُ أشْجَانَ القلوبِ غدا
مُكَبَّلَ الحِسِّ لا يأوي إلى *سِنَةِ
١٧- لا تَأْخُذُوا الشعرَعن دَمْعِي ولاتَقِفُوا
عندالقوافي التي تجري بألويتيْ
١٨- وَحَرِّرُوا لُغَةَ الأشْعارِ مِنْ *ظُلَمٍ
يُحِيْلُهَا الْيَأْسُ جِسمًا *ضَامِرَ الرِّئَةِ
١٩- زُوْرُوا القريضَ الذي حَلَّ الربيعُ بهِ
ورافقوه ولا تَبْقَوْا بأوديتيْ
٢٠- وَحَلِّقُوا في سماءِ الْخَيْرِ واتَّخِذُوا
مِنْ فَرْحَةِ العُمْرِ عُمْرًا مُشْرِقَ *السِّمَةِ
٢١- أَحْيُوا ابتساماتِ أيامِ السلامِ فَقَدْ
كانَ الصَفَا جَنَّتِي والسُحبُ مُلْهِمَتِيْ
٢٢- خُذُوامن الصبحِ إشراقَ الحياةِ فَمَا
مَعْنَى الصباحِ إذالمِ يأتِ في*دَعَةِ!
٢٣- وعلموني من الأشعارِ أجمَلَها
وَلَقِنوا لُغَةَ الآمالِ أُمْنِيَتِيْ
٢٤- زوروا القِفَارَ التي أَبْكَيْتُها زَمَنًا
وصافِحُوْهَا بِزَهْرٍ فوقَ أتربتيْ
٢٥- وقابلوني بروضِ الصَّفْوِ إِنَّ لَنَا
في واحةِ الحُبِّ وعدًا عند ساقيتيْ
٢٦- نحيا بما أنعمَ الرحمنُ في غَدِنَا
ونحتَمِيْ بِوعود الله في ثِقَةِ
٢٧- وَنَعْبُرُ العُمْرَ شَوْقًا لِلْجِنَانِ فَمَا
هَذِيْ الحياةُ حَياةُ الخُلْدِ والسَعَةِ
٢٨- نَنْسَى هُنَاكَ بِجَنَّاتِ النَعِيْمِ أَسَىً
وَنَسْتَرِيْحُ بِدَارٍ غَيْرِ فَانِيَةِ
للشاعرة : أميرة بنت محمد بن سعيد صبياني