فجأة أصبح تويتر واقعا مؤثرا في حياتنا السياسية، يتفاعل وبشكل قوي مع ما يطفو على السطح من قضايا، بل وأحياناً كثيرة يصنع هو تلك القضايا، ليحرك من خلالها المشهد السياسي في البلاد.
والمتابع للحملات الانتخابية في الفترات الأخيرة، يدرك أن تويتر لعب دوراً كبيراً في آخر ثلاث نسخ من الانتخابات التشريعية، وبذلك أزاح تويتر كل الوسائل السابقة التي كانت تعتمد على التكنولوجيا للترويج للحملات الانتخابية، التي بدأت بالرسائل القصيرة على الهواتف النقالة والمدونات.
وأصبح أداة إعلامية يخاطب من خلالها السياسي الشارع، ليدلي بدلوه ويتواجد معهم بشكل سريع ووقتي في أحداث تشغل الرأي العام. وبذلك يكون الشارع السياسي أصبح، من خلال تلك الوسيلة، على دراية كاملة بمواقف السياسيين، بعيداً عن تعقيدات الإعلام التقليدي (والرسمي) وتحفظاته وأدواته.
وعلى الرغم من المميزات العديدة لـ«تويتر»، لكنه أفرز مساوئ دخيلة على المجتمع الكويتي، فيكفي أن تنشئ حساباً باسم مستعار للدخول في مناقشات على «تويتر» مع سياسيين ومغرّدين، يستخدم فيها سلوك غير لائق لصناعة بطولة شخصية، ولذلك رأينا سياسيين ابتعدوا بشكل كامل عن استخدام حساباتهم للتغريد، بعد أن كانوا نشطاء في ذلك المجال، وقرأنا بيانات في ذلك الاتجاه، بجانب بيانات أخرى من سياسيين آخرين ينفون علاقاتهم بحسابات تحمل أسماءهم.. وعلى الرغم من الزخم الذي أحدثه تويتر، فإنه لوحظ في الفترة الأخيرة غياب مغرّدين لهم ثقل في عالم التغريد عن «تويتر» من دون أسباب واضحة، بجانب آخرين ابتعدوا إجبارياً، ربما خوفاً من الملاحقات القضائية والقانونية.
«تويتر» أصبح ساحة إعلامية لمن لا يمتلك وسيلة إعلامية تتناسب مع خطه السياسي، ولذلك نرى أن أغلب أعضاء كتلة الأغلبية في مجلس 2012، وبعض النواب السابقين، حاضرون بقوة كمغردين بمواقفهم السياسية المختلفة في القضايا، التي تعتري المشهد لافتقادهم التأثير في وسائل الإعلام، وتحول «تويتر» إلى نافذة سحرية يطل فيها السياسيون على الواقع، لينقلوا آراءهم وتصريحاتهم، بالإضافة إلى مناخ الحرية الكبير الذي يقدّمه، فصار شأناً لازماً للسياسيين، ولكن لا تعني الحسابات الأكثر متابعة أنها الأكثر تأثيراً وتوجيهاً للرأي العام، حيث يخضع الأمر لتقديرات عديدة، أهمها مدى الحرص على المتابعة والنشاط الإلكتروني، ومدى التوفيق في اختيار الألفاظ والتعبيرات التي تجذب أكبر عدد من المتابعين.
فهل سيتراجع دور تويتر ويعود الإعلام التقليدي من جديد لمكانته التي فقدها لسنوات، خاصة في ظل تراجع مصداقية نسب كبيرة من التغريدات، بسبب التوجهات السياسية والفكرية والتكسُّب الشخصي، أم سينجح «تويتر» في الخروج من كبوته، ويعود أفضل مما كان، مع وضع سياسي يختلف عن الوضع الحالي.
فوزية أبل
جريدة القبس