جاء بتغييرات جذرية جعلته مجدداً في تاريخ السياسة الداخلية والخارجية للمملكة العربية السعودية، وشكلت قراراته من أول أسبوع في الحكم، نقطة تحول تنبأت بمستقبل أكثر نشاطاً وتأثيراً في المنطقة، لتأتي الأيام لاحقاً وتترجم تلك التوقعات إلى أفعال أثارت انتباه العالم.
الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود، الذي بدأ حكمه، بحسب التقويم الهجري الذي تعتمده المملكة، في الثالث من ربيع الثاني لعام 1436هـ، والذي يصادف اليوم الأربعاء، خلفاً لأخيه الراحل الملك عبد الله بن عبد العزيز، الذي وافته المنية في اليوم نفسه، ليكون سابع ملك للمملكة العربية السعودية.
أحدث في نظام الحكم السعودي ما لم يفعله أسلافه؛ فقد جاءت التعديلات الوزارية والأوامر الملكية غير المسبوقة له، بشخصيات كان لها دور بارز وفاعل، بدءاً منذ الأيام الأولى من تدشينهم المناصب، فيما تغيرت مناصب بعضهم لاحقاً إلى مهمات أكثر ارتباطاً بخبراتهم.
ففي اليوم الأول، أصدر أوامر ملكية بتعيين الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز، وزيراً للدفاع ورئيساً للديوان الملكي ومستشاراً خاصاً للملك، ليتم ترقيته لاحقاً لمنصب ولي ولي العهد، ويكون أصغر أمير يحصل على تلك المناصب في تاريخ المملكة.
كما شهد اليوم الأول، إعفاء خالد بن عبد العزيز التويجري، رئيس الديوان الملكي والحرس الملكي من منصبه، بعد قرابة عشرة أعوام له في الديوان، ليكلف نائبه حمد بن محمد العوهلي، بالقيام برئاسة الحرس الملكي، وتسند رئاسة الديوان الملكي لولي ولي العهد أيضاً.
ومن أبرز التعديلات التي صدرت بعد 4 أشهر على توليه الحكم، أعفى الملك سلمان الأمير مقرن بن عبد العزيز من ولاية العهد، ومن منصب نائب رئيس مجلس الوزراء بناء على طلبه، وعيّن مكانه وزير الداخلية محمد بن نايف، أول أمير من الجيل الثاني يصل لذلك المنصب، ما اعتبر سابقة تاريخية في المملكة.
– تعديل مجلس الوزراء وإعفاء أمراء
بدأ حكم الملك سلمان أيضاً، بإعادة تشكيل مجلس الوزراء، أقال بموجبه عدداً من الوزراء عينهم الملك السعودي الراحل الملك عبد الله بن عبد العزيز قبل نحو 6 أسابيع من وفاته.
تضمنت الأوامر الملكية إعفاء الأمير مشعل، نجل العاهل السعودي الراحل من منصبه كأمير لمكة، وتعيين الأمير خالد الفيصل، أمير مكة السابق، الذي كان يشغل منصب وزير التعليم، بدلاً منه.
كذلك تضمنت الأوامر الملكية إعفاء الأمير تركي نجل العاهل السعودي الراحل من منصبه كأمير للرياض، وتعيين الأمير فيصل بن بندر بدلاً منه؛ وأعفي الأمير بندر بن سلطان، من منصبه كأمين عام لمجلس الأمن الوطني.
والوزارات الستة التي شملها التغيير هي: وزارة الثقافة والإعلام، وزارة الشؤون الإسلامية، وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات، وزارة الشؤون الاجتماعية، وزارة الزراعة، وزارة الصحة.
ودمجت في عهد الملك المجدد، وزارة التعليم العالي والتربية والتعليم في وزارة واحدة باسم (وزارة التعليم)، وتعيين عزام بن محمد الدخيل وزيراً لها.
– مجالس وليدة في طريق الإصلاح
وألغيت 12 لجنة ومجلس أبرزها مجلس الأمن الوطني، والمجلس الأعلى لمدينة الملك عبد الله للطاقة الذرية والمتجددة، واللجنة العليا لسياسة التعليم، والمجلس الاقتصادي الأعلى، والمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية.
وأنشأ العاهل السعودي مجلسين جديدين يرتبطان تنظيمياً بمجلس الوزراء، هما مجلس الشؤون السياسية والأمنية، ومجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية، ويسمى “رئيساهما وأعضاؤهما بأمر ملكي من أعضاء مجلس الوزراء، بالإضافة إلى رئيس الاستخبارات العامة”.
وصدر أمر ملكي بإعفاء عبد اللطيف بن عبد العزيز بن عبد الرحمن آل الشيخ من منصبه كرئيس عام لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وتعيين عبد الرحمن بن عبد الله بن محمد السند بدلاً عنه.
وفي منتصف فبراير/ شباط صدرت 5 أوامر ملكية تتضمن تعيين سبعة أعضاء جدد في مجلس الشورى، ورئيس جديد للمؤسسة العامة للصناعات العسكرية.
وفي يوليو/ تموز صدرت أربعة أوامر ملكية شملت مناصب مختلفة في الدولة، أمر فيها بتعيين الأمير مشعل بن عبد الله بن عبد العزيز بن مساعد بن جلوي، أميراً للحدود الشمالية برتبة وزير، بعد أن أعفي من منصبه كمستشار لخادم الحرمين الشريفين.
كما أصدر أمراً بتعيين ماجد الحقبل وزيراً للإسكان، وتكليف خالد العيسى رئيساً للديوان الملكي، بعد إعفاء الرئيس السابق للديوان حمد السويلم الذي خلف الأمير محمد بن سلمان بعد تنصيبه ولياً لولي العهد.
– آخر لمسات 2015
في الـ 11 من آخر شهر بـ 2015، أصدر العاهل السعودي جملة قرارات أعفى بموجبها مسؤولين وعيّن آخرين، إذ أعفى وزير التعليم عزام بن محمد الدخيل من منصبه “بناء على طلبه”، وتعيين أحمد بن محمد بن أحمد العيسى بدلاً عنه، ما أحدث تفاعلاً بارزاً من السعوديين على وسائل التواصل الاجتماعي.
وأعفى الملك نائب وزير الخدمة المدنية صالح بن عبد الرحمن بن سعد الشهيب من منصبه، وتعيين عبد الله بن علي بن محمد ملفي مكانه. وأمر بتعيين توفيق بن عبد العزيز السديري، نائباً لوزير الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد لشؤون المساجد والدعوة والإرشاد بالمرتبة الممتازة.
وقرر إعفاء محافظ المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني، علي بن ناصر بن علي الغفيص من منصبه، وتعيين أحمد بن فهد بن إبراهيم الفهيد في المنصب؛ كما أمر بتعيين عبد العزيز بن سالم بن محمد الرويس، محافظاً لهيئة الاتصالات وتقنية المعلومات بالمرتبة الممتازة.
وأعفى العاهل السعودي المهندس محمد بن خالد بن محمد السويكت، الرئيس العام للمؤسسة العامة للخطوط الحديدية من منصبه، وتعيين رميح بن محمد الرميح في مكانه.
وعين علي بن ناصر الغفيص، وعبد الله بن عبد العزيز الضراب، وصالح بن عبد الرحمن الشهيب، أعضاء في مجلس الشورى، وذلك للمدة المتبقية للمجلس في دورته الحالية.
وأنهاها بتعيين سعود بن عبد الله القحطاني، وعزام بن محمد الدخيل، بمنصب مستشار في الديوان الملكي بمرتبة وزير.
وبتلك الحصيلة الطويلة، يكون حكم أول عام للملك سلمان بن عبد العزيز، الأكثر بروزاً في الإعفاء والتعيين، ولا يبدو الأمر سوى بحث عن الشخص المناسب للمكان المناسب، وهو ما بيّنه إعفاء وزراء بعد أشهر قليلة من تعيينهم، قبل أن يمنحوا مناصب رأتها القيادة السعودية أكثر التصاقاً بخبرتهم، في تبادل أدوار ناجح، وفقاً لمعلقين سعوديين.