لا بد من التأكيد ان الشباب هم قوة الحاضر وبناة المستقبل ، ومثل هذه الطاقات للشباب العربي راغبة بالعيش الحر الكريم بعيداً عن التعصب والاستبداد . ونحن هنا لا يمكن ان نفكر بهذه الشريحة الشبابية على انها هي التي تحمل التحولات التاريخية – وهذه هي الفكرة الرائجة في مجتمعات عدة – التي ترى ان الشباب يجب استغلالهم للقيام بعمليات التحولات وما ادراك ما هي هذه العمليات .
وهنا يأتي دورنا الاستباقي بأن نمهد الدرب للشباب العربي للسير نحو مزيد من التقدم والازدهار والابداع الذي يرتكز اولاً واخيراً على الموروثات الثابتة التي نزرعها فيهم حتى لا ينحرفوا بأفكارهم وحركتهم عن المسارات التي جبلوا عليها وحتى يكون بإمكانهم تحقيق المعادلة الكبرى وهي ارث الماضي ورؤية المستقبل ، وبهذه المعادلة وحدها يمكن ان يبقوا تحت عباءة الوطن ويعطونه طاقاتهم وامكانياتهم ورؤاهم .
وبهذا يمكن اشراكهم من اللحظة التي يبلغون فيه سن الوعي والرشد في مختلف المجالات السياسية والاجتماعية وبطبيعة الحال الرياضية ، حتى لا يشعروا ان الجيل الذي سبقهم يأخذ منهم الفرص ويعمل على اقصائهم وتهميشهم .. وهو الأمر الذي يدفعهم للبحث عن انفسهم في اماكن اخرى وما اكثر هذه الاماكن التي تشكل عامل جذب لهم مع ما هو متاح من وسائل التواصل الاجتماعي والاعلام الديماغوجي ( المضلل ) اضافة الى البؤر الجاذبة التي تحمل مسميات عصرية مريبة يجد فيها الشباب بيئة خصبة لما يعتقدون انه يحقق سخصياتهم ويوفر لهم مستقبلاً افضل بعيداً عن الصروح الراسخة التي شيدها الآباء والأجداد . ولا يخفى علينا ان مقولة صراع الحضارات التي بشر بها بعض الكتاب الغريبيين ما هي الا الوجه الآخر لصراع الأجيال .. وهي محاولات لن تتوقف ولن تردع الا اذا سارعنا باحتواء شبابنا لنمكنهم من تقديم طاقاتهم لبناء مجتمعاتهم بعد ان نوفر الفرص المناسبة لهم .. ولا يتحقق هذا الا اذا فكرنا كقياديين بذهنيتهم ورأينا الأمور بعيونهم وتطلعنا سوياً الى المستقبل الزاهر ، قبل فوات الأوان . إن ما يعانيه الشباب في المجتمعات المعاصرة هو تحت اعين قوى التغيير والتدمير التي تجد فيهم ادوات مناسبة يسهل قيادتها واقتيادها الى المجهول الذي عادة ما يكون اجندة غريبة عن اصولنا وتقاليدنا واعرافنا وتعاليم ديانتنا السمحاء .
واذا استعرضنا التاريخ فإننا نجد ان كل الحركات التغييرية والتدميرية قام بها الشباب بسبب ما يبث لها من سموم تغريبيبة .. ولهذا حديث آخر مستفيض .
إن العقلية الـ”أوامرية” التي تقود البلدان من خلال الهيمنة هي العامل الطارد للشباب الذي يشعر ان الجيل الذي سبقه يريد الاستئثار بكل الامور .. ومن هنا تنبه الحكماء الى ان الثروة ليست دائمة فأنشأوا صناديق الاجيال القادمة حتى يشعر جيل المستقبل بأن آباءهم تركوا لهم لبنة اساسية للانطلاق منها وايشعروا انهم شركاء لا اجراء . ومن هذا المنطلق يجب ان نفكر بأن نزرع ليحصدوا.. وان نوفر لهم البنى التحتية لينطلقوا بأفكارهم وابداعاتهم .. وان يتمتعوا بالوعي المطلوب حتى لا ينجرفوا في التيارات المشبوهة ولا يقعوا في الأفخاخ وهي كثيرة . ومنها الطائفية والعشائرية والكيانات الماضوية التي علينا ان نظهر وجهها الحميد الذي لا يتناقض مع الوحدة الوطنية والعيش في دولة القانون والمؤسسات
بقلم الشيخ / فيصل الحمود المالك الصباح