انقضى اليوم الخامس على بدء مفاوضات جنيف 3 حول الأزمة السورية دون أن يلوح في الأفق ما يشير إلى انطلاقة فعلية لها، فهي لا تتقدم ولا تنهار، في ظل عدم رغبة أي من الطرفين في الانسحاب كي لا يقدم إلى الطرف الآخر ذريعة لاتهامه بإفشال المفاوضات التي قال مراقبون ومفاوضون إنها أقرب إلى المشاورات منها إلى عملية تفاوض حقيقية.
وفي كواليس التفاوض، علمت ‘العربية.نت’ أن المبعوث الأممي فاجأ وفدي النظام والمعارضة بعرض اقتراح وقف لإطلاق النار عليهم، فيما كان المطروح فقط إجراءات إغاثية وإنسانية وأمنية، مثل رفع الحصار، ووقف القصف على التجمعات السكنية، وإطلاق معتقلين بدءاً بالنساء والأطفال.
مقر الأمم المتحدة شهد صباح الثلاثاء لقاء بين وفد النظام السوري برئاسة بشار الجعفري، والمبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا، وفيما كان الأخير ينتظر أن يلبي وفد المعارضة دعوته للحضور إلى مقر الأمم المتحدة عند الخامسة مساء فوجئ بمؤتمر صحافي ظهراً لوفد المعارضة، يركز فيه على الوضع الميداني في سوريا، وعلى تكثيف القصف بشكل غير مسبوق من قبل الروس وقوات النظام في عدة مناطق، خصوصاً في حلب.
وفوجئ دي ميستورا مرة ثانية عندما لم يحضر وفد المعارضة إلى لقائه في الموعد المقرر وذلك لسببين، كما قال معارضون لـ’العربية.نت’: الأول أن المبعوث الأممي لم يوجه الدعوة إلى المعارضين مباشرة، بل خلال مؤتمره الصحافي مساء الاثنين، والسبب الثاني والأهم هو أنه لا يمكن التفاوض فيما تكثفت وتيرة الغارات الجوية الروسية والسورية (لقوات النظام) بشكل غير مسبوق، حيث بلغ عددها 210 غارات خلال 5 ساعات فقط (بين العاشرة صباحاً والثالثة من بعد ظهر الثلاثاء).
وقال مصدر دبلوماسي أوروبي في لقاء حضرته ‘العربية.نت’ إن المعارضين يعتقدون أن النظام، وبدعم روسي، يريد تكثيف القصف لدفع المعارضة نحو الانسحاب من المفاوضات وتحميلها تالياً مسؤولية فشل جنيف 3.
ومساء الثلاثاء، أوفد دي ميستورا ممثلاً عنه إلى الفندق الذي ينزل فيه أعضاء وفد المعارضة، حيث وجه إليهم دعوة جديدة للحضور إلى مقر الأمم المتحدة عند الخامسة من مساء الأربعاء، فأبلغوه أنهم سيعقدون اجتماعا تشاورياً لاتخاذ القرار المناسب. وبعد انتهاء اللقاء وصل إلى الفندق نفسه سفراء مجموعة الدعم الدولية حول سوريا، وكان نقاشا حول التعثر الحاصل وسبل تجاوزه.
وعلمت ‘العربية.نت’ أن موفد دي ميستورا حمل إلى المعارضة سؤالين وجههما رئيس وفد النظام السوري، الأول: مَن هو وفد المعارضة الذي سنفاوضه وهل هو وفد واحد أو اثنان أو أكثر؟ فجاء جواب المعارضة أن الوفد الوحيد الذي يمثل المعارضة هو الذي سمّته الهيئة العليا للمفاوضات المنبثقة عن مؤتمر الرياض، في إشارة إلى عدم اعتراف الهيئة بصحة تمثيل وفد ‘الديمقراطيين العلمانيين’ المدعومين من موسكو، والذي يضم شخصيات، أبرزها قدري جميل وهيثم مناع ورندة قسيس وإلهام أحمد.
أما السؤال الثاني الذي طرحه رئيس وفد النظام السوري على دي ميستورا ونقله موفده إلى وفد المعارضة فهو: لماذا لم يصدر أي بيان أو تصريح عن المعارضة يستنكر تفجيرات حي السيدة زينب قبل يومين والتي راح ضحيتها عشرات القتلى والجرحى، معظمهم من المدنيين، في حين أن مجلس الأمن أصدر بيان استنكار (كما وصفه بشار الجعفري)؟
جواب المعارضة أنها استنكرت التفجيرات نافيةً، من جهة أخرى، اتهام النظام لها بعدم الجدية في التفاوض.
مسؤول أميركي رفيع المستوى قال من جنيف، حيث يشارك في اتصالات مع الروس لتذليل العقبات، إن بلاده تتفهم مطالبة المعارضة بوضع أسس للعملية السياسية كضمانة لنجاح وقف إطلاق النار كي لا يستغله النظام لتعزيز وضعه عسكرياً.
في المقابل، قالت أوساط وفد النظام إن ‘تركيز المعارضة على إطلاق سجناء، ورغم استعدادنا للتجاوب في هذا المجال، يدفعنا إلى التذكير بأن لدينا مختطفين لدى المعارضة أيضاً، هم يطالبون بمعتقليهم لدينا ونحن نطالب بمختطفينا لديهم، يتحدثون عن نساء معتقلات ونحن نؤكد وجود نساء مختطفات لديهم، وحسن النية في هذا المجال يجب أن يكون متبادلا’.