كعادتها، أعلنت أكاديمية فنون وعلوم السينما في مُنتصف يناير الجاري، قائمة بالمُرشحين النهائيين في سباق جوائز الأوسكار السينمائية لعام 2016، والتي تعد الحدث السينمائي الأهم على أجندة أعمال صُناع الأفلام الأمريكين و العالمي على حد سواء.
وكبادية غير تقليدية للعام الجديد، يشوب بريق الحفل المُنتظر والمُقرر إقامته في 28 من فبراير الجاري، مُشاحنات مُبكرة واتهامات تطول الأكاديمية العريقة بالتميز العنصري ضد قطاع عريض من الفنانين الهوليوديين، وذلك بعد أن جاءت الترشيحات على جوائز الأوسكار لأفضل ممثل وممثل مُساعد من الجنسين، خالية من أي مُرشحين أمريكين ذوي أصول أفريقية.
إلا أن انشار موجة الحنق من الترشيحات التي جاءت صادمة للبعض، يعود الفضل فيه لوسائل التواصل الإجتماعي في المقام الأول، وخاصة موقع Twitter الذي احتضن وسم مُعارض للأكاديمية ونسبة المُرشيحن للجائزة من ذوي البشرة البيضاء، سُمي #OscarsSoWhite أو «أوسكار بيضاء للغاية»، والذي حظى بشعبية كبيرة بين رواد الفضاء الإلكتروني، وصلت حد دعوات مُقاطعة الحفل المُنتظر و أفضت لرد فعل رسمي من أكاديمية فنون وعلوم السينما.
وفي هذا التقرير، تستعرض قصة هاشتاج يهدد مجد حفل «الأوسكار»، أهم الليالي الهوليودية.
بروفة العام الماضي
على حسابها على موقع التواصل الاجتماعي Twitter تُصدر الناشطة والمُحامية سابقًا، إبريل راين، افتتاحية معلوماتها الخاصة بأنها مُدشنة وسم #OscarsSoWhite الذي أثار الجدل في الآونة الأخير، غير أن سهام الاتهام التي القتها الناشطة الأمريكية ذات الأصول الإفريقية تجاه أكاديمية فنون وعلوم السينما تمتد ذكرها للعام الماضي، حيث دشنت الوسم أول مرة اعتراضًا على عدم التنوع بين مرشحي الجائزة عام 2015.
وعلى الرغم من رواجه مُنقطع النظير، تؤكد «راين» في حوار نُشر على موقع npr.org، أن تدشين الوسم سالف الذكر لم يأت بإعداد مُسبق استهدف التنديد بأداء الأكاديمية، بل جاء في تدوينة قصيرة عبرت خلالها عن ضيقها وإحباطها الشخصي من الترشيحات المُعلنة آنذاك.
إلا أن الوسم انطلق ليُعبر عن آلاف غاضبين، ليعود ويتصدر المشهد هذا العام بعد عدم ترشح أي ممثل أو مُمثلة من أصول إفريقية لنيل الأوسكار، مما دفع البعض للمناداة بسياسات أكثر توازن للأكاديمية، وتمثيل أكثر تنوع للمجتمع الأمريكي.
مقاطعون
وبحسب thinkprogress.org، لم تمض 4 أيام على تصدر الوسم مواقع التواصل الاجتماعي، حتى أعلن المُخرج والمُنتج الأمريكي الحائز على جائزة أوسكار شرفية، سابيك لي، مُقاطعته للحفل في تعليق على موقع Instagram، متسائلًا خلاله: «كيف يُعقل أن ينتمي جميع المُتنافسين على الجوائز الممثلين في كل الفئات للبيض؟!»، بينما أكد أن المعركة الأصلية تشتعل في المكاتب التنفيذية للستوديوهات الهوليودية والشبكات التليفزيونية، والتي تعمل كحارس بوابة يقرر أي من الأعمال يتم تنفيذه وأيهم يتم تجاهله.
إلا أن مجموع المُقاطعين للحفل بدأ بالزيادة، مع انضمام كلاً من المُمثل الأمريكي ويل سميث، وزوجته، فضلًا عن المُخرج الأمريكي الحائز على جائزة أوسكار، Michael Moore. وباشتعال الوسم الإلكتروني بمُناقشات افتراضية قوامها جمهور اعتيادي من مُحبي السينما والمعنيين بحقوق الإنسان وغيرهم، بدأ مجموعة من النشطاء الأمريكين دعوة لحث المواطنين على عدم مُشاهدة الحفل بدورهم.
وفي حين جاءت بعض الآراء مؤيدة لأهداف المقاطعة وضرورة الضغط من أجل تحقيق حسن تمثيل للتنوع الأمريكي داخل دائرة ترشيحات، جاءت بعض ردود الفعل مُعارضة للمُقاطعة حد وصفها بـ«العنصرية ضد البيض»، كما جاء على لسان الممُثلة البريطانية المُرشحة هذا العام لأوسكار أفضل مُمثلة في دور رئيسي، شارلوت رامبلينج، والتي رجحت احتمالية عدم استحقاق أي ممثلين من أصول إفريقية للترشح على القائمة النهائية لهذا العام كما ورد في موقع صحيفة الجارديان.
نزاع على المُضيف
وفي ظل تنامي شعبية الوسم الإلكتروني، ظهرت للسطح دعوات تحث المُمثل الأمريكي ذو الأصل الإفريقي، Chris Rock والقائم بدور مُضيف و مُقدم الحفل لهذا العام، بالتنحي عن أداء دوره كما ورد في تقرير أعده موقع الـCnn. بيد أن الأخير لم يدل بتصريحات حول الأزمة المُتفاقمة على مواقع التواصل الاجتماعي، كما لم يشارك ببث تدوينات قصيرة على الوسم #OscarsSoWhite، بينما أوضح أحد منتجي الحفل أن Rock مازال منشغل بالتحضيرات التي طالتها بعض التعديلات لتواكب الأحداث والظروف الراهنة، كما نشر موقع etonline.com.
ردود سريعة
وعلى الرغم من عدم تطور الأزمة عن نطاق التدوينات القصيرة على مواقع التواصل الإجتماعي، ومقاطع الفيديو، المُنتمية لوجهتي النظر، فقد وصلت أصداء وسم #OscarsSoWhite لصُناع القرار، مما دفع أكاديمية فنون وعلوم السينما لإصدار بيان يوم الجمعة الموافق 22 يناير، قدمت فيه بعض المُرجعات التي استهدف احتواء الأزمة وتحسين وضع الأقليات وتحقيق نسبة أكبر من التنوع داخل الأكاديمية على صعيد الأعضاء والمُصوتين.
وحدد البيان عام 2020 كموعد أخير ألزمت به الأكاديمية نفسها لمُضاعفة عدد أعضائها من السيدات وزيادة التنوع بين أعضائها بشكل عام.
وفي حوار لها بعد إعلان البيان مُباشرة، نُشر على موقع صحيفة لوس آنجلس تايمز، تقول مُدشنة وسم #OscarsSoWhite بعد التفات الأكاديمية لأثر تدوينة عابرة حملت إحباطها الشخصي: «لا تقل أبدًا أنها مجرد وسائل للتواصل الإجتماعي عديمة الفائدة لن تساهم في التغيير.. فكلماتي وكلمات الآلاف على الهاشتاج أحدثت صدى لدى الأكاديمية.. مما يُعتبر خطوة بداية على درب التغير المُنظم».