الرئيسية / محليات / الرأي حول مسودة القانون المقترح من وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل وما يتضمنه من شبهات ومخالفات دستورية وقانونية

الرأي حول مسودة القانون المقترح من وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل وما يتضمنه من شبهات ومخالفات دستورية وقانونية

تمثل جمعيات النفع العام جزءا حيويا من كيان المجتمع الكويتي وطبيعته ، وقطاعا أهليا بارزا أسهم وما يزال يسهم في تعزيز وتنمية وتطوير مسيرة وطننا العزيز الكويت في شتى المجالات وعلى مختلف الأصعدة وبشكل مرادف ومساند وداعم لمؤسسات الدولة وقطاعاتها الحكومية المختلفة.
وجاء تأسيس هذه الجمعيات بما يتوافق مع الضمانات والأسس التي كفلها الدستور ، وبما يؤكد حرية تكوين الجمعيات والنقابات على أسس وطنية وبوسائل سلميه مكفولة جاءت وفقا للشروط والأوضاع التي يبينها القانون ، وقد عملت هذه الجمعيات منذ صدور القانون رقم 24 لسنة 1962 على ممارسة دورها الفعال في تهيئة الأجواء المناسبة للمواطنين وللمقيمين كافة بمختلف شرائحهم الاجتماعية والمهنية للارتقاء بقدراتهم وإمكاناتهم المهنية والفكرية والثقافية والإجتماعية ، ومنحهم الحق الكامل والمكتسب في المشاركة الديموقراطية بالاختيار وفي تعزيز ثقافة الحوار البناء والموضوعي.
ومن هذا المنطلق فإن جمعيات النفع العام الكويتية وفي ظل ما ورد في مشروع القانون الخاص بالجمعيات الأهلية والذي تعتزم وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل رفعه إلى مجلس الأمة فإنه لا بد من التنبيه والإيضاح إلى المثالب والسلبيات التي وردت في المشروع ، ومدى الأضرار البالغة التي ستلحق بطبيعة وآلية العمل المدني بشكل عام وجمعيات النفع العام بشكل خاص وما ستشكله من تعارض وضرب للنظم واللوائح التي قامت عليها الجمعيات ، ومن مساس وانتهاك بشخصيتها الاعتبارية التي وبناء عليها أنشئت وفقا لأحكام القانون رقم 24 لسنة 1962 .
إن جمعيات النفع العام التي عبرت وبإجماع منقطع النظير وبلسان واحد عن امتعاضها واستيائها ورفضها لما ورد في المشروع ، توجز أسباب ذلك على النحو التالي :
– يشكل المشروع المقترح من وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل مخالفة صريحة لمواد الدستور الكويتي وخاصة في المادة 43 من الباب الثالث ( الحقوق والواجبات العامة ) وهي المادة التي تؤكد حرية تكوين الجمعيات والنقابات على أسس وطنية وبوسائل سلمية مكفولة وفقا للشروط والأوضاع التي يبينها القانون .
– يشكل المشروع أيضا مخالفة صريحة لحكم المحكمة الدستورية الصادر في نوفمبر 2015 ببطلان حصانة قرارات وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل الخاصة بإنشاء الاندية وجمعيات النفع العام .
– يشكل المشروع طعنا بأحكام منطقية وردت في القانون رقم 24 لسنة 1962 في شأن تشكيل مجالس إدارات الجمعيات وفقا لما جاء في الباب الثاني من القانون وما ورد في المادة 10 المعدلة بموجب القانون رقم (12) لسنة 1993 والتي تنص ( يجب أن يكون لكل جمعية أو نادٍ مجلس إدارة لا يقل عدد أعضائه عن خمسة ولا تزيد مدة عضويتهم على سنتين ، ويجوز تجديد مدة العضوية وفقًا لنظام النادي أو الجمعية الذي يبين بمراعاة أحكام هذا القانون اختصاص مجلس الإدارة ونظام العمل به وطريقة انتخاب أعضائه وكيفية انتهاء عضويتهم ) .
– يطعن المشروع بصلاحيات وحقوق الجمعيات العمومية في تشكيل مجالس الإدارات وهي أحكام منطقية ومتسقة مع احكام الدستور وقد وردت في القانون القائم.
– يعطي المشروع وزارة الشؤون الحق الكامل بالتدخل المباشر في صلاحيات الجمعيات وأعمالها وأنشطتها ، وبشكل يفقدها الصبغة المدنية والتطوعية ويجردها من حق مكتسب ومشروع من حقوقها وحقوق جمعياتها العمومية ويجعلها مؤسسات ذات صبغة حكومية صرفه بما يتنافى مع الغرض من إنشائها والأهداف المرسومة لها وفقا لقانون تأسيسها.
– يسلب المشروع الشخصية الاعتبارية لجمعيات النفع العام وحقها المشروع وحريتها في مداولة شؤونها وممارسة ومزاولة أنشطتها وإصدار قراراتها وبما يتفق مع ما ورد في نظامها الأساسي المشهر ، كما يعرضها للانتقاص من أداء دورها وتحجيم مكانتها وتقليص قدراتها وطموحاتها تحقيقا لأهدافها المنشودة .
– سيكون للمشروع المقترح أضراره البالغة والمؤثرة على المكانة الرفيعة والمتميزة التي تتمتع بها جمعيات النفع العام الكويتية على المستوى العربي والإقليمي والدولي ، وسيعرضها لفقدان وضعها كجمعيات ومؤسسات أهلية ذات صبغة مدنية متكاملة ، كما سيعرضها للضرر البالغ في المشاركات الخارجية والتمثيل في المنظمات الأهلية العربية والدولية بسبب عدم ديمقراطية اختيار مجالس اداراتها والتدخل في تشكيلها وهو ماترفضه المنظمات والاتحادات الأهلية العربية والدولية ، وهي التي تهدف من خلال هذه المشاركات إلى إثبات وتعزيز وجودها ودورها الذي يعتبر مثاليا ومتميزا على الصعيد الخارجي ، والذي رسخت من خلاله الهوية الكويتية الوطنية كنموذج مثالي على مستوى مؤسسات المجتمع المدني الكويتية ، وكان وما زال لها دورها واسهاماتها في رفع اسم وعلم الكويت في المحافل المختلفة ، والدفاع عن مكانة الوطن وقراراته وسياساته ، هذا عدا مواقفها الوطنية الكبيرة حيال الأزمات والتحديات التي تواجه الوطن.
– إن المشروع سيفقد السلطة التنفيذية شريكا أساسيا ومهما في المساهمة بعملية البناء والتطوير ، وفي مشاركة مؤسسات المجتمع المدني جنبا إلى جنب بالدور الذي تقوم به الدولة وقطاعاتها ومؤسساتها الحكومية للارتقاء بالمسيرة التنموية والحضارية ، وفي التأكيد على الدور الكبير الذي يلعبه المواطنون بمختلف شرائحهم المهنية والاجتماعية في عملية البناء والتنمية .
– المشروع بحد ذاته يعطي مؤشرا مؤسفا في السعي لوأد العمل التطوعي والمدني ، والحد من عمل مؤسسات المجتمع المدني المتحضر ، كما أن المشروع يتعارض مع كافة التوجهات والمساعي النبيلة التي تقوم بها الدولة لتعزيز المكتسبات التي تصب في صالح المواطن وتعكس الصورة المشرفة والوجه الحضاري للكويت .
ختاما : إن هذا المشروع يحتوي على العديد من المثالب الدستورية والمخالفات القانونية والتي من شأنها إلحاق الضرر البالغ والمؤثر في الأسس والقواعد والمفاهيم التي بنيت عليها جمعيات ومؤسسات النفع العام الكويتية ، ذات القواعد الثابتة والراسخة والتي يشهد لها تاريخها العريق وحاضرها المشرف .

اللجنة التنسيقية المنبثقة من جمعيات النفع العام
٢٠١٦/٢/٩

عن ALHAKEA

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*