كما هو معلوم فإن القوة هي التي كانت تحسم كل نزاع بين الخصوم دون التفريق بين مسأله مدنية أو مسأله جنائية فكانت القوة هي التي تخلق الحق وكانت هي التي تحميه ولما تطور المجتمع وأرتقت الجماعات الفطرية ألف الأفراد الاحتكام إلى ثالث يرجع إليه الخصمان لفض النزاع بينهما.
ولقد كانت الدعوى في القانون الروماني ترفع إلى القاضي المعين من قبل المحكومة وفيها يلزم حضور الخصوم أمامه وأتخاذ إجراءات شكلية معينة.
وإذا كانت قواعد المرافعات ترد كقاعده عامه في صلب قانون المرافعات وقانون السلطة القضائية فليس ثمه ما يمنع من ورودها في قوانين أخرى كالقانون المدني أو التجاري أو البحري أو قانون الأثبات.
ولذلك فقوانين المرافعات هي التي تنظم الإجراءات على وجه العموم وتنظم الاجراءات القضائية في نطاق القانون الخاص على وجه الخصوص.
انشغل الرأي العام والباحثون القانونيون خلال الأيام الماضية بقضية قانونية بحتة وهي مدى صحة الحكم الصادر من المحكمة الدستورية بإبطال عضوية عضوين لمجلس الأمة وإحلال عضوين آخرين محلهما في حساب الأصوات.
وقد نعى جانب من فقهاء القانون على هذا الحكم أنه حكم منعدم لأن أحد أعضاء الهيئة التي أصدرت الحكم لم يحلف اليمين القانونية ولم يصدر مرسوم أميري بتعيينها ، بينما رأى جانب آخر أن الحكم وإن كان باطلا فإنه لا يصل إلى حد الانعدام، ومن ثم يظل مرتبا لآثاره حتى يقضي هذه الحكمة وفقا للتشكيل الغير صحيح تكون مجردة من الأثر لأن الاعتبارات العملية وتحقيق مراكز قانونية من هذه الأحكام ونشرها بالجريدة الرسمية وقوة أحكامها كقانون لا يجوز معه القول بإهدار أحكامها السابقة حتى لا يحدث مساس بالحقوق المكتسبة التي قد تزول بأثر رجعي وعدم الرجعية هو مبدأ دستوري ومن ثم فكافة الأحكام السابقة والتي لم يطعن فيها تظل قائمة ومنتجة لآثارها.
تبقى مسالة اثار الحكم المنعدم والاختصاص بنظر الدعوى التي تقدم الانعدام وفيما يتعلق بمسالة اثار الحكم المنعدم فانه يوجد اتجاهات في هذا الصدد يرى الاتجاه الاول ان الحكم المنعدم هو والعدم سواء وانه ليس حكما على الاطلاق ومن ثم يمكن لصاحب الشان ان يتصرف على اساس عدم وجود الحكم لانه حكم لا حجية له اصلا وليس له أي من خصائص العمل القضائي ومن ثم لا يتطلب الامر صدور حكم يقرر البطلان ويدعم هذا الاتجاه ويؤيده ان قضاء النقض في مصر وفرنسا والكويت يجري على ان بعض اثار الاجراء الذي يعتبر كانما لم يكن ينعدم دون الحاجة لصدور حكم يقضي بذلك.
علي عبد الرضا مسكتي