يعتبر مصطلح «صحافة المواطن» أحد أبرز المفاهيم التي ظهرت بقوة خلال الفترة الراهنة، في أوساط وسائل الإعلام، اعتمادا على فكرة أساسية، مفادها أن يكون القارئ صانعا للخبر ومشاركا في نشره عبر قنوات الاتصال الإعلامية إلى الرأي العام، متجاوزا الوسائل والمصادر التقليدية في جمع المعلومات، معتمدا بشكل أكبر على ثقافة الصورة والفيديوهات التي تغني في أحوال كثيرة عن الكلمات والعبارات التي تنشرها الوسائل التقليدية.. لا سيما في ظل تراجع مؤشرات حرية التعبير في العديد من دول المنطقة في السنوات الأخيرة.
ولعل التعريف الأشهر لصحافة المواطن؛ يشير إلى أنها: «ذلك النوع من الصحافة الحديثة، التي تعتمد على العامة غير المتخصصين، الذين قد تسمح لهم وظائفهم أو مواقعهم في العمل، أو تحركهم دوافع الرغبة في إيصال صوتهم إلى المجتمع والتعبير عن مشكلاتهم، لإمداد الصحف ووسائل الإعلام بالأخبار والمعلومات، استفادة من التقدم التكنولوجي ووسائل الاتصال الحديثة».
وهناك العديد من المسميات المرتبطة بصحافة المواطن، مثل «الإعلام الديموقراطي»، و«الصحافة التشاركية»، و«صحافة الشارع»، و«الإعلام البديل»، والعديد من المسميات الأخرى، التي تتلاقى في النهاية عند فكرة رئيسية؛ مفادها أن المواطن يصبح صحافيا قادرا على النشر والإعلام، والتأثير في الرأي العام، والمساهمة بدور في عرض القضايا والأفكار والموضوعات التي تشغل اهتمامه، من دون الحاجة الى أن يكون صحافيا محترفا أو حاصلا على دورات تأهيل في مجالات العمل الإعلامي.
وقد بدأت العديد من الصحف والمواقع الإلكترونية في مختلف دول العالم استخدام فكرة «صحافة المواطن»، للتواصل مع الرأي العام، وإتاحة الفرصة لنشر الأخبار والمعلومات بحرية تامة، ومن دون تكلفة تتحملها، حيث أتاحت تلك الصحف رقما هاتفيا ،مزودا بخدمة «الواتس آب» لتلقي أي أخبار أو معلومات أو صور ومواد فيلمية (فيديوهات)، تهم القارئ وقطاعات عريضة من الجمهور، ونشرها في الحال، ونسبها إلى المصدر الذي أرسل الخبر، ونشرها تحت تبويب جديد متخصص بعنوان «صحافة المواطن»، الأمر الذي يجعل الصحيفة أو موقعها الإلكتروني يحصل على عشرات الأخبار اليومية الحديثة مجانا، مدعومة بالصور والفيديوهات وكل الوسائط التكنولوجية الحديثة التي تعاون على نشر الفكرة والترويج لها.
إن الصحف والمواقع الإلكترونية بدأت تتجه، في الوقت الراهن، نحو التوسع في الخدمات التي تقدمها «صحافة المواطن»، انطلاقا من أمرين أساسيين أولهما أنها فكرة غير مكلفة، تحتاج فقط إلى محرر متخصص في التعامل مع الرسائل القادمة من المواطنين وصياغتها بطريقة مرنة، مقابل الحصول على مئات الأخبار الجديدة يوميا، وثانيهما أن هذا النوع من الصحافة يحقق مبدأ مهما جدا في الإعلام يعرف بـ«ديموقراطية الاتصال»، الذي تشير إلى إشراك القارئ، في ما يتم عرضه من معلومات وأخبار، وفي التغطية الإعلامية للحياة السياسية والاجتماعية، والاستماع إلى وجهة نظره.
بقلم الكاتبة | فوزية أبل