قالت “ليز سلاي” الكاتبة في صحيفة “واشنطن بوست” أن حربا ذات ملامح دولية تدور بين بساتين الزيتون وحقول القمح في شمالي حلب وقد يتوسع نطاقها. ففي هذه المناطق تقوم الطائرات الروسية بالقصف من الجو، فيما تتقدم الميليشيات الشيعية العراقية واللبنانية المدعومة من المستشارين الإيرانيين على الأرض.
وفي مواجهتهم مجموعات من الثوار السوريين المقاتلين لنظام الأسد والذين يلقون الدعم من الولايات المتحدة وتركيا والسعودية وقطر.
وفي ظل هذه الحرب تحاول القوات الكردية الاستفادة من الفوضى وتوسيع مناطق نفوذها. وقام تنظيم الدولة الإسلامية بالسيطرة على بعض القرى.
وتشير الصحيفة إلى أن النزاع في تصعيد مستمر قبل بدء تطبيق مبادئ اتفاق ميونيخ الأسبوع المقبل.
ولم يشهد الصراع السوري مرحلة خطرة مثل الوقت الحالي، فهي ومنذ البداية كانت حربا بالوكالة تتصارع فيها قوى محلية وإقليمية تدعم كل دولة طرفاً فيها، وفقا للصحيفة.
وبدا التعقيد الأهم في المعركة الدائرة على مدينة حلب التي تحولت، كما تقول “سلاي”، إلى حرب عالمية مصغرة. وتنقل عن سلمان الشيخ، المستشار السياسي قوله: “هناك دوامة من انعدام الأمن لا يُتحكم فيها”، وأضاف: “ما نشاهده حالة كلاسيكية معقدة لموازنة القوة التي قد تتطور إلى وضع خطر”.
ويتركز القتال في الوقت الحالي في قلب مدينة حلب وأريافها المحيطة بها من القرى والبلدات التي يتم محوها بشكل مستمر جراء القصف الروسي. ويقول السكان إن كثافة الغارات الجوية زادت منذ الإعلان يوم الجمعة عن اتفاق وقف إطلاق النار، حيث تحاول روسيا وحلفاؤها من النظام توسيع الإنجازات قبل بدء تطبيق الاتفاق. وتقول “سلاي” إن هزيمة المقاتلين قد يساعد الحكومة على تطويق وسحق المعارضة في معقلها في الجزء الشرقي من المدينة.
وأبعد من تقرير مصير الحرب، فالحملة على حلب تشير إلى موقع روسيا كقوة متسيدة في قلب منطقة الشرق الأوسط. كما إن تقدم الميليشيات الشيعية العراقية واللبنانية يوسع من تأثير إيران في مناطق جديدة أبعد من المحور الشيعي، فهو يمتد الآن إلى مناطق السنة.
ومع أن الجيش السوري يزعم تحقيق مكاسب في الشمال إلا أن الخبراء وأشرطة الفيديو تظهر أن كل التقدم حققه حزب الله اللبناني ومقاتلين من منظمة بدر وحركة النجباء وغيرها من الميليشيات المدعومة من إيران. وأدى التقدم لعملية نزوح جماعي أفرغ ريف حلب من سكانه الذي توجهوا للشمال هرباً من القصف الجوي. ويحمل هؤلاء النازحون معهم قصصاً عن قرى دمرت بكاملها ومجتمعات سكانية شردت. ونقلت عن محمد النجار من بلدة المراعي قوله إن القصف لم يترك سوى نسبة 5% من بيوت البلدة.
ويقول الباحث “إميل هوكاييم”، من المعهد الدولي للدراسات الإستراتيجية إن تشريد السكان من بيوتهم كان دائما جزءا من إستراتيجية الحكومة السورية.
ووأوضح أن “إخلاء المناطق من السكان الذي لا يأمل النظام في استعادة ولاء سكانها” هو خيار “أسهل وأرخص لاحتلالها بدلاً من محاولة كسب عقول وقلوب سكانها، وهم يقومون بتشريد السكان منها حتى لا تعود الثورة من جديد”.
وبالنسبة لتركيا، فمناطق خالية قريبة من حدودها ستعطي الأكراد الفرصة لملء الفراغ. وتستفيد قوات الحماية الشعبية التابعة لحزب الإتحاد الديمقراطي بتوسيع الجيب الكردي في هذه المناطق، وتقوم بتوسيع وجودها إلى شرقي عفرين.
ويهدف الأكراد إلى ربط جيوب كردية ثلاثة تبلغ مساحتها نصف مساحة الحدود السورية مع تركيا. وأدى التوسع الكردي إلى حالة من التوتر بين أنقرة وواشنطن.
وتقوم الحماية بالتعاون مع قوات عربية بالتقدم نحو بلدة “أعزاز” التي تعتبر البوابة الأهم نحو تركيا. وقامت الأخيرة بقصف مواقع الأكراد في شمال تركيا. وتشير الصحيفة إلى أن المزاج في تركيا لا يريد الانجرار للحرب في سوريا إلا أن مخاطر التصعيد حقيقية.
وتنقل الصحيفة عن فيصل عيتاني من المجلس الأطلسي في واشنطن قوله: إن تركيا تتعرض لضغوط كبيرة “فهناك شبه دولة كردية ظهرت على حدودها فيما تم تدمير الجماعات تدعمها”.