الرئيسية / أقسام أخرى / منوعات / مذكرات «الشيخ الشعراوي» يرويها بنفسه: أهل قريتي قاطعوا الانتخابات فغضب رئيس الوزراء (ح 2)

مذكرات «الشيخ الشعراوي» يرويها بنفسه: أهل قريتي قاطعوا الانتخابات فغضب رئيس الوزراء (ح 2)

على كرسيه الشهير وأمام ميكروفونه جلس هو بهيبته ومكانته الرفيعة يفسر كلمات الله في قرآنه الكريم، يجلس أمامه عشرات الرجال وربما مئات وأكثر، وخلف شاشات التلفزيون، كان الجمهور يجتمع عقب صلاة الجمعة ليتسمر أمام شاشته الصغيرة لرؤية وجهه البشوش وسماع كلامه اللين وتفسيره البسيط المفهوم، استطاع هو أن يجمع بين حب كل فئات الشعب، البسطاء والأغنياء، المتعلمين وغير المتعلمين، فهو وحده ربما من استطاع أن يجدد شكل تفسير القرآن والدعوة بشكل لم تشهده مصر من قبل، إنه أعظم من أنجبت مصر في نظر الكثيرين، إمام الدعاة، كما أطلق عليه،  أيقونة علماء الدين في مصر في القرن العشرين، وزير أوقاف مصر الأسبق، الذي ناداه البعض باسم «أمين» لكن جموع الشعب عرفه باسمه الحقيقي الذي لا يمكن أن ينساه أحدًا، إنه ببساطة محمد متولي الشعرواي.

وتنشر جريدة الحقيقة مقطتفات من مذكرات «الشيخ الشعراوي»، والتي نشرت في كتاب يحمل اسم «مذكرات إمام الدعاة» والصادر عن «دار الشروق» وكتبه محمد زايد نقلًا عن روايات الشعراوي نفسها بكلماته ومفرداته، ونشر الكتاب لأول مرة في 27 يونيو عام 1998.

يروي «الشعراوي» معايشته لأحداث ثورة 19 في طفولته فيقول: «كانت أحداث ثورة 19 تمر أمام عيوننا، أناس من مختلف الطبقات والطوائف، كبير وصغير،  فقير وغني، متعلم وجاهل، كلهم تأخذهم عملية وطنية واحدة، كلهم مرتبطون مع بعضهم البعض ويعملون العمايل اللي هيه، أنا رأيتهم بعيني وهم يحملون عربات الدلتا.. وكانت بين بنها والمنصورة، وتمر على الرياح التوفيقي، ويلقون بها في الترع، ويقومون بفك القضبان جميعهم مع بعض، وكأنهم شخص واحد، ويأتي الإنجليز من معسكر لهم في بلدنا، ويرون ما جرى، ولا يجدون فردًا واحدًا يعترف على آخر.

كانت حمى وطنية تجتاح الجميع، وقد غذوا الأطفال في القرية التي نشأت فيها بهذه الوطنية، إلى أن تبين أثرها سنة 1930، وقت أن حكم إسماعيل صدقي البلد وألغى دستور سنة 1923، وعمل دستور سنة 1930، وزيف الانتخابات، وقريتنا دقادوس وجدت تعبيرًا عن وطنيتها أنه لابد أن تقاطع الانتخابات، وفعلًا قاطعت الانتخابات، نادى المنادي قبلها بيوم: (يا فلاحين، هاتوا أكل مواشيكم لأننا مش هنخرج بكرة من الدور، وانتوا يا عمال ياللي في ميت غمر، وضبوا أرزاقكم، هاتوا عيش من الطابونة، وكذا وكذا، وأصبح يوم إضراب، والدور كلها مسككة، واللجنتان معقودتان بالبلد، ولكن ولا واحد يدخلهما، حتى نحن الصغار منعونا من الخروج.

وعندما بلغ الخبر المديرية، أرسلت لنا كتيبة لتخرج الأهالي من بيوتها، جاء الصاغ عبدالمجيد شريف، وكان وكيل الحكمدار، على رأس القوة، ودخل القرية، وتوجه إلى بيت من البيوت، وكسر الباب، وأخرج الناس الذين بداخله، وكان بداخله سيدنا الشيخ عبدالرحمن الشهابي رحمه الله، وعندما قاوم الجنود، ضربوه بالنار فمات في الحال، وقامت المعركة، والبلد رمت الكتيبة في البركة، والصاغ إياه اتقتل، ولم تتم الانتخابات، وعندما ألقى (صدقي) بيانه في المجلس، قال: (لقد حصلنا على كذا صوت في الانتخابات، إلا في قرية دقادوس التي امتنعت عن الانتخابات).

ومن يومها، أنشأ (صدقي) شيئًا اسمه (هجانة)، يأتون إلى القرية بعد صلاة العصر ولا يخرجون منها إلا مع طلوع الشمس في اليوم التالي، وظل البلد على هذه الحال طوال مدة حكمه لأربع سنوات، فكنا نحتال على هذا الأمر بافتعال مياتم وما إلى ذلك، ومن هنا تضاعفت الحمى الوطنية في البلد».

لمراجعة الحلقات السابقة: 

يكشف عن اسمه الثالث «المُضحك» (ح 1)

عن ALHAKEA

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*