أمام محلات «العطارة» في أسواق الجهراء الشعبية، تقف امراة حائرة، ترصد وتراقب خلو أحد المحلات من الزبائن، لتدخل إليه على استحياء وتسأل البائع «هل لديك قمل للبيع؟» فإذا كانت الإجابة بنعم تشتري ما شاء على مبدأ «الحبة بدينار وربع» في تجارة أصبحت رائجة بين النساء لاعتقادات خاصة بهن.
فبعض النسوة اعتدن على التردد على تلك المحلات لشراء «القمل» الحي،اذ تباع كل خمس قملات جملة بستة دنانير،لاعتقادهن بأن القمل يطيل الشعر ويجعله اكثر كثافة، إضافة الى انه يقي من الجلطات الدماغية!
«الراي» توجهت الى السوق الشعبي المشهور، للاطلاع على حقيقة بيع «القمل»، والمفاجأة تحولت الى مفاجآت، اذ تقف بعض النسوة امام محلات العطارة لتسلم علبة مثقوبة مغلقة «تحتوي على خمس قملات»، وبسعر ستة دنانير. وفي ذلك السوق العتيق، بدا المكان شبه خال صباحا، سكون لا يخترقه سوى صوت «الصراصير» بين الازقة والمباني القديمة جدا. اذ لا يقصد تلك المحلات صباحا الا من يريد حاجة محددة، وما ان اشارت الساعة الى الحادية عشرة حتى حضرت مجموعة من النسوة لتسلم طلبيات «القمل».
قصدنا أحد محلات العطارة، وتحدثنا مع البائع الذي رفض في بداية الامر اعطاء اي تفاصيل على اعتبار ان البيع ليس علنيا وانما طلبيات «خاصة» لمن يرغب فقط، لكنه وافق على بيع اخر ثلاثة قملات لنا بـ٤ دنانير!
البائع المتوجس طلب عدم تصويره او ذكر اسمه، شرط التحدث إلينا فوافقنا، ليقول إن هناك اقبالا كبيرا من بعض النساء على شراء القمل، مبينا ان «هذا الامر ليس جديدا وانما منذ سنوات وبعض المحلات تبيع القمل، كونه يعالج مشاكل تساقط الشعر، كذلك يطيل الشعر بسرعة كبيرة ويجعله أكثر كثافة».
وشدد على ان «القملة يجب ان تكون حية وان تكون العلبة مثقوبة لان القمل لا يعيش في العلبة المغلقة، وأنه وبنفس العطارة يبيع ادوية لمكافحة القمل، إضافة الى انه يبيع القمل لمن يرغب فقط».
واضاف «بيع القمل كان قبل ثلاثة سنوات علنيا اما الان فنقوم بتوفيره وتحضيره بحسب طلب الزبائن الذين يطلبونه والشرط ان يكون حيا، كذلك نضعة بعلبة لتستلمه الزبونة بعيدا عن اي احراجات امام بقية الزبائن»، مؤكدا انه اذا اراد بيع القمل بشكل علني داخل المحل الامر يتطلب منه استخراج شهادة صحية من وزارة الصحة والا تعتبر مخالفة جسيمة!، وبين ان زبائن القمل لا يقتصرون على النساء فقط وانما ايضا ثمة رجال يبحثون عنه بهدف زراعة الشعر! وحول المصدر المورد للقمل، ذكر البائع انه يحضره بطريقته الخاصة. وسرعان ما انتهى الحوار بعد انشغاله بالزبائن.
وما عرفناه من وراء تقصي القضية ويثير الاستغراب أكثر ان للقمل سوقا سوداء ليس في الكويت فقط، وانما في بعض الدول الخليجية، اذ ثمة اعتقاد مطلق بالدور المهم الذي يقوم به القمل، اضافة لاعتباره احد اهم الخلطات الشعبية لاطالة وتكثيف الشعر!
وبينما تكافح وزارتا الصحة والتربية مشكلة انتشار القمل بين طلبة المدارس، بات للحشرة سعر وثمن، بسبب قلة الوعي والاعتقاد غير الصحيح في بعض العلاجات الشعبية.
اختصاصي جلدية: القمل محفز لفروة الرأس
رأى اختصاصي الأمراض الجلدية الدكتور تامر زيد أن القمل يقوم بوخز فروة الرأس ويحرك الدم وبالتالي يزيد سرعة إطالة الشعر وزيادة كثافته، مشيرا الى ان القمل من الطفيليات والحشرات المقززة والناقلة للامراض وضررها اكثر من نفعها.
واكد ان هناك بدائل كثيرة لإطالة الشعر تغني عن الدور والمهمة التي يقوم بها القمل، لافتا الى انه لا يجب زراعة الرأس بالقمل بحثا عن إطالة الشعر، لأن القمل حشرة ناقلة للأمراض واضرارها خطيرة، لذلك يجب مكافحتها والابتعاد عن تلك الاعتقادات، خصوصا مع تطور الطب والبدائل الكثيرة التي تطيل وتكثف الشعر.
وشدد زيد على اهمية نشر التوعية بين من يستخدم القمل كعلاج لتقوية وكثافة الشعر، مبينا ان الضرر كبير جدا اضافة الى ان القمل ناقل للدم الملوث ويهدد بأمراض خطيرة.
المصدر : جريدة الراي