على شرفة منزله في الحي الشمالي بمحافظة إربد، شمالي الأردن، يجلس المواطن أبو خالد، قرب المنزل الذي تحصنت به خليه لتنظيم داعش قتلت الأجهزة الأمنية أفرادها، مذهولاً من انتماء أشخاص يعرفهم جداً إلى خلية إرهابية مسلحة.
يقول أبو خالد، الذي طلب عدم نشر اسمه الحقيقي، إن أحد أفراد الخلية كان معروفاً بشذوذه الجنسي، وسلوكه المنحرف البعيد عن تعاليم الدين الإسلامي، والعديد من أهالي المنطقة كانوا ينبذونه ويبتعدون عنه.
وما يزيد من ذهول أبو خالد، كما يقول، هو كيف استطاع تنظيم داعش الإرهابي تجنيد شخص منحرف ومغمور ومعروف بسجله الإجرامي المليء بالاعتداء على المواطنين كهذا لاستخدامه قنبلة موقوتة لاستهداف الأمن الأردني.
وهو ما يؤكده جار آخر للمنزل أطلق على نفسه اسم فراس، حيث قال “أعرف أحد أفراد الخلية الذين أعلنت الأجهزة الأمنية عن مقتلهم في المنزل المعروف”، متابعاً: “في بداية الاشتباك كنت أعتقد أنها خلية جرمية تتاجر بالأسلحة والمخدرات فقط، لكنني لم أتصور قط أن هذا الشخص المنحرف يتبع تنظيماً إرهابياً يريد النيل من أمن الأردن”.
الجهل.. الفقر.. البطالة
ومن وجهة نظر علم النفس فإن ثالوث (الجهل، الفقر، البطالة)، يدفع بالكثير من الشباب إلى البحث عن بديل لحياتهم البائسة، يفكرون في البداية بالهجرة إلى بلد آخر، وعندما لا ينجحون وتزداد معاناتهم، يكونون صيداً سهلاً للجماعات المتطرفة التي تستغل العواطف الدينية والإغراءات المختلفة لجلب هؤلاء الشباب.
المختص بعلم النفس، محمد مهيرات، ير أن هذه التنظيمات المتطرفة لا تستهدف أي شاب لجذبه إليها، وإنما تقوم بالبحث بالمناطق الفقيرة المهمشة عن الشباب الفاقدين للأمل بالحصول على وظيفة أو مال يبنون فيه حياتهم.
ويرى المهيرات أن فاعلية الرسالة الإعلامية بالتجنيد للإرهاب ذات تأثير كبير على الشباب، خاصة إذا كان المستهدف فارغاً ذهنياً وله حاجات يريد إشباعها ومطالب يرغب في تحقيقها وقريباً من أحد أفراد الجماعة.
وقال هؤلاء الأشخاص (المجندون) تعمل التنظيمات الإرهابية والمتطرفة على بيعهم الأوهام المشبعة بالمنافع الشخصية والسياسية، كالمال والجنس والإثارة.
استقطاب لـ “المنحرفين”
من جهته قال الخبير في شؤون الجماعات الإسلامية مروان شحادة، إن الجهاديين يعتمدون على القاعدة الفقهية التي تقول “الإسلام يجب ما قبله” خلال تجنيدهم لأصحاب أسبقيات وسلوك منحرف.
واعتبر شحاذة أن التنظيم يتقصد هؤلاء “المنحرفون” لما يتمتعون به من جرأة وشجاعة اكتسبوها خلال حياتهم، إضافة إلى أنهم قادة رأي في مجتمعاتهم الجرمية، وأصحاب تأثير على عدد كبير من أتباعهم.
في السياق يتناقل مواطنون معلومات لم يتم التوثق منها، قالت إن الجماعة الإرهابية حددت ساعة الصفر لاستهداف جامعة اليرموك في المدينة (إحدى أكبر الجامعات الأردنية) بأحزمة ناسفة، لولا يقظة الأجهزة الأمنية التي أحبطت مخططاتها.
ويرى شحادة أن تعامل الدولة الأخير مع الخلية واكتشافها لخلايا أخرى يجعل هذه التنظيمات تفكر كثيراً قبل محاولتها استهداف الأردن، للرقابة الكبيرة التي تفرضها الأجهزة الأمنية على المتعاطفين مع داعش.