قياس اتجاهات الرأي العام في المجتمع، كيف ومتى وبأي وسيلة؟وماذا عن كل ما نراه ونسمعه من استقصاءات للرأي، واستطلاعات لمؤشرات الواقع؟ ودخول وسائل التواصل الاجتماعي المعترك، بدّل كثيرا من المعطيات في الظروف التي نعيشها.
فإذا كان أحد أركان الإصلاح السياسي هو التفاعل في اتخاذ القرار، فهل في الاستطلاعات ما يعطي ثقة لدى الجمهور العريض «أو لدى المكون الاجتماعي المستطلعة آراؤه» في الأسئلة المطروحة والخيارات الواردة في الاستقصاء أو الرصد؟.. وإذا كان أحد أهداف بعض الاستطلاعات هو صناعة رأي عام وتشكيل اتجاهات في منحى معين، عن طريق التعبئة «المنسقة»، فهناك «معادلة» لا بد من الخوض في معانيها؛ إذا أردنا التدقيق في أهمية دخول «تويتر» على الخط.. وهي أن الرأي العام أصبح يشكل قوة فاعلة ومؤثرة بفضل تويتر، وصار للرأي العام قوة في بنية المجتمع وبنية الدولة.. لكن، الرأي العام هو الذي أعطى تويتر هذه القدرة على التأثير، ولولا الاهتمام الواسع من قبل «الجمهور» لكانت وسائل التواصل عاجزة عن استطلاع أي شيء.
ولا شك أن اهتمام المعنيين، أعطى وسائل التواصل القدرة في التأثير السياسي. والسياسيون أصبحوا مضطرين للتواصل مع تويتر وغيره، أحيانا، بهدف التأثير على المواطنين، وأحيانا أخرى لخوفهم من التأثيرات السلبية لهذه المسألة أو تلك.. لكن هناك من يتساءل: هل تويتر يستحق هذه المكانة،أم هناك تضخيم لدوره؟ هل هو بمثابة ركن أساسي في عمل الدولة- وفي جهود المعارضة حيثما وجدت – أم أنه جاء كي يملأ الفراغ ويحد من التهميش،في غياب مؤسسات دولة راسخة، وغياب مجتمع مدني وتيارات سياسية فاعلة وذات برامج واضحة؟!
فقد يصح القول ان تويتر قد لا يكون المرآة الحقيقية لمزاج الكويتيين بكل معنى الكلمة. خاصة أن نسبة كبيرة يحجمون عن استخدامه. كما أن تصوير هذه الوسيلة بأنها الصورة الأكثر صدقا للرأي العام، سيعطيها أكثر من حجمها. فهناك كثيرون لا حسابات لهم، مع أنهم مثقفون ويتابعون التقنيات الحديثة. وآخرون يتابعون لمجرد الاستطلاع، وثمة نسبة كبيرة من الأسماء الوهمية و«الموجهة»،فضلا عن استخدامات شخصية لا علاقة لها بقياسات الرأي العام وسواها.
ثم إن كثيرين تتغير آراؤهم ونظرتهم، بعد وقت وجيز، وهناك آراء متقلبة بين ليلة وضحاها، وآراء ارتجالية، ولحظية، وكلها لا يمكن اعتمادها كقياس صحيح.. فكيف يمكن الاعتماد في القرار ، وفي خطط التنمية، على آراء لحظية ولا يشكل تكرارها «أو تبدلها السريع» معيارا صحيا للرأي العام؟!.. وهل هناك قياس واحد للآراء الشخصية، والمواقع الإخبارية والإلكترونية، ومواقف القوى السياسية والمدنية على تويتر، أم لكل منها قياس خاص بها؟!.. هذا عدا استخدام البعض لوسائل التواصل بهدف «الإسقاط السياسي» والتعاطي مع الخصوم، وهو أمر لا يقاس بالمعنى المفترض اعتماده.
بقلم الكاتبة | فوزية أبل