لماذا تعرضت بروكسل لهجوم؟ سأل الكاتب آدم تايلور في صحيفة “واشنطن بوست”، محاولاً في معرض الإجابة عن هذا السؤال أن يلقي الضوء على التفجيرات الإرهابية التي تبناها داعش، معتبراً أنه تحوّل صادم في الأحداث، ولكن بالنسبة الى من يراقب المدينة من كثب في الأعوام الأخيرة، لم تكن الهجمات مفاجئة تماماً.
سمعة بروكسل تشوّهت أخيراً بسبب صلاتها بالتطرف ومخططات الإرهابيين
بعدما كانت العاصمة البلجيكية معروفة بأنها مركز الثقافة والسياسات الأوروبية، يقول تايلور إن سمعة بروكسل تشوّهت أخيراً بسبب صلاتها بالتطرف ومخططات الإرهابيين.
هذه الصلات اهتزت الأسبوع الماضي عندما ألقت السلطات البلجيكية القبض على الإرهابي المشتبه فيه صلاح عبد السلام في حي مولنبيك ذي الغالبية المسلمة ببروكسل.
وعبد السلام (26 عاماً)، هو آخر المتورطين المعروفين في هجمات باريس التي أسفرت عن مقتل 130 شخصاً وتبناها داعش. وهو مواطن فرنسي من أصل مغربي، مولود في بروكسل وانتقل أخيراً للعيش في مولنبيك مع عائلته وأخيه البكر ابرهيم (31 عاماً) الذي فجر نفسه في هجمات باريس.
وكان معروفاً منذ أشهر أن عبد السلام انتقل إلى بلجيكا عقب هجمات باريس، لكن السلطات البلجيكية لم تعثر إلا قبل أسابيع على طرف الخيط الذي أدى الى إلقاء القبض عليه مع شريك له. وإذ اعتبر القبض على عبد السلام نجاحاً، تبين أيضاً أن المشاركين في هجمات باريس أكثر مما كان يُعتقد. والمقلق انه كانت ثمة مؤشرات أن عبد السلام وشبكته تخطط لمزيد من الهجمات.
حتى الآن، ليس واضحاً ما إذا كانت ثمة علاقة بين الإرهابي الفرنسي وهجمات الثلاثاء، ولكن من البديهي أن يفكر كثيرون باحتمال كهذا.
فبعد هجمات باريس، تبين أن زعيم العصابة عبد الحميد أباعود هو مواطن بلجيكي، وقد قتل في عملية دهم بضاحية باريسية بعد الهجمات.
وأُغلقت بروكسل بضعة أيام بعدما تبين أن عبد السلام تسلل إليها خلسة عبر الحدود الفرنسية بعد ساعات من هجمات باريس. وحتى بعدما خففت الإجراءات الأمنية في بروكسل، حذر رئيس الوزراء البلجيكي شارل ميشال من أن التهديد لا يزال “خطراً وداهماً”. وقبل الغارة التي اعتقل فيها عبد السلام، أوقف جهاديون مشتبه فيهم.
ويذكَر الكاتب بأنه مع صعود داعش، سافر نحو 500 بلجيكي إلى سوريا والعراق للالتحاق بالجهاديين، الأمر الذي جعل بلجيكا أكبر مصدّر أوروبي للمقاتلين الأجانب الى التنظيم. واتُهمت مجموعة تطلق على نفسها “الشريعة من أجل بلجيكا” بقيادة الداعية فؤاد بلقاسم، بالاضطلاع بدور مركزي في تجنيد هؤلاء الشبان. وقد أقام مجندون محتملون آخرون روابط مع هذه المجموعة عبر الإنترنت.
وفيما بقي معظم هؤلاء المقاتلين في سوريا والعراق أو ماتوا في القتال، فإن آخرين عادوا إلى أوروبا. وتعتقد السلطات البلجيكية أن نحو مئة منهم دخلوا البلاد، بينهم أباعود.
وتواجه الحكومة البلجيكية مشكلة في إحتواء الخطر الذي يمثله هؤلاء المقاتلين وآخرون يتعاطفون مع داعش. وتعرف بلجيكا أيضاً بأنها ملاذ إقليمي لتهريب السلاح، لكن الحكومة القائمة على ثنائية لغوية وثقافية، لا تسهل مهمة المحققين.