تصادف يوم الثاني عشر من أبريل الجاري الذكرى الخامسة والخمسون لأول رحلة فضائية في العالم نفذها رائد الفضاء الروسي يوري غاغارين في مدار حول الأرض.
ولد يوري غاغارين، أول إنسان انطلق الى الفضاء، في أسرة من الفلاحين بقرية صغيرة في غرب روسيا يوم 9 مارس عام 1934 وأمضى طفولته في القرية. ثم التحق بالمدرسة في خريف عام 1941.
في عام 1951 التحق غاغارين بالمعهد الصناعي في مدينة ساراتوف وبنادي الطيران المحلي، حيث نفذ إجمالا 196 طلعة جوية.
في عام 1955 استدعي غاغارين للخدمة في الجيش وتخرج من كلية الطيران الحربي. وخدم طوال عامين في فوج المقاتلات في أسطول الشمال.
في ديسمبر 1959، قدم غاغارين طلبا لضمه إلى مجموعة المرشحين لارتياد الفضاء. نقل الطيار العسكري إلى موسكو حيث أجريت له الفحوص الطبية اللازمة في المستشفى المركزي للبحوث العلمية الخاصة بالطيران. وبعد التدريبات الأولية تم ضمه إلى فريق المرشحين لارتياد الفضاء.
بلغ العدد الإجمالي للمرشحين للتحليق لأول مرة في الفضاء 20 شخصا، وذلك بعد أن تولى كبير مصممي الصواريخ الفضائية سيرغي كوروليوف انتقاء المرشحين، وكان من المهم أن تتوفر في المرشح عدة صفات منها الطول والوزن والصحة الجيدة: فيجب ألا يتجاوز العمر 30 عاما، والوزن 72 كغ، وطول القامة 170 سنتيمترا.
توفر هذه المواصفات فقط يمكنه أن يفسح المجال لجلوس المرشح في أول مركبة فضائية هي مركبة ‘فوستوك’، حيث أن كبر المركبة ووزنها مقيدان بقدرة الصاروخ الحامل.
وقد تم انتقاء ستة أشخاص من بين المرشحين العشرين، قبل أن يقع الاختيار النهائي على يوري غاغارين. أما بديله الاحتياطي فكان غيرمان تيتوف.
وجرى إطلاق مركبة ‘ فوستوك — 1’ وعلى متنها غاغارين في الساعة التاسعة والدقيقة السابعة من صباح يوم 12 أبريل عام 1961 (حسب توقيت موسكو) من مطار بايكونور في كازاخستان. وبعد القيام بدورة واحدة حول الأرض هبطت كبسولة المركبة على الأرض في الساعة العاشرة والدقيقة 55 و34 ثانية، بعد مرور 108 دقائق، وجرى استقبال حافل لغاغارين بموسكو وحصل على تلك الشهرة المنقطعة النظير في العالم.
زار غاغارين خلال عام 1961 عددا كبيرا من بلدان العالم، وفي يناير – فبراير 1962 زار غاغارين مصر، حيث أمضى 7 أيام، ومنحه الرئيس المصري جمال عبد الناصر ‘قلادة النيل’ أرفع وسام في البلاد.
وفي عام 1964 تولى غاغارين منصب نائب مدير مركز إعداد رواد الفضاء. كما قام بنشاط سياسي واجتماعي كبير وبدأ الدراسة في أكاديمية جوكوفسكي الحربية لهندسة الطيران. وشرع العقيد الطيار غاغارين بممارسة الطيران من جديد بشكل مكثف بعد تخرجه من الأكاديمية.
وفي 27 مارس 1968 وعند الساعة العاشرة والدقيقة 18 صباحا انطلق غاغارين مع مرشده العقيد الطيار فلاديمير سيريوغين، بطائرة ‘ميغ 15’ من مطار تشكالوفسكي بضواحي موسكو، وبعد مضي أربع دقائق فقط طلب غاغارين السماح له بالعودة إلى القاعدة، وبعد ذلك انقطع الاتصال بالطائرة، وفي الساعة الثانية والدقيقة 50 بعد الظهر عثر على حطام الطائرة في مكان يبعد حوالي 65 كم عن المطار.
وقد شكلت لجنة حكومية للتحقيق في الكارثة الجوية. لكنها لم تستطع أن تحدد بشكل قاطع أسباب المأساة. وقد وضع رماد رفات غاغارين وسيريوغين عند سور الكرملين.
أطلق اسم غاغارين على مدينته غجاتسك (سابقا)، وعلى منطقة وفوهة بركان على الجانب الآخر للقمر، وعلى الكويكب رقم 1772، وعلى ميدان بموسكو حيث يوجد نصب لرائد الفضاء الأول. وتوجد في مدن كثيرة شوارع، ودروب، وميادين، ومتنزهات، ونواد، ومدارس، تحمل اسم يوري غاغارين.
وأطلق اسم غاغارين على سفينة البحوث العلمية ‘رائد الفضاء يوري غاغارين’، كما أن غاغارين يتمتع بصفة مواطن شرف في الكثير من مدن روسيا والبلدان الأخرى، وسلم إليه المفتاحان الذهبيان لمدينتي القاهرة والإسكندرية في مصر.
ومنذ عام 1962 يحتفل في يوم الثاني عشر من أبريل في الاتحاد السوفيتي ثم في روسيا بعيد وطني أطلق عليه ‘يوم ريادة الفضاء’ إحياء لذكرى يوري غاغارين.