الرئيسية / عربي وعالمي / خفض القوة الدولية بسيناء.. فرار أمريكي من المنطقة أم إذكاء للصراع؟

خفض القوة الدولية بسيناء.. فرار أمريكي من المنطقة أم إذكاء للصراع؟

صداها ما زال مدوياً في سماء القاهرة وربوع المعمورة، عندما قالها “آفي ديختر”، وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي الأسبق، إثر إنسحابهم من سيناء: “لقد خرجنا من سيناء بضمانات أمريكية بأن نعود إليها في حالة تغير النظام في مصر لغير مصلحة إسرائيل، وأهم هذه الضمانات وجود قوات أمريكية مرابطة في سيناء”.

فهل حديث واشنطن المتكرر عن رغبتها بخروج جزء من قواتها المشاركة في قوة “المراقبين” الدولية من سيناء، هو بمثابة إشارة إلى الكيان المحتل بالعودة إلى سيناء، أم أن هناك دوافع أخرى لدى الإدارة الأمريكية؟

ولم يكن التصريح الأمريكي، الأربعاء، بدراسة إمكانية انسحاب قوات حفظ السلام الدولية هو الأول من نوعه، حيث سبق أن دعت صحيفة “نيويورك تايمز”، المعروفة بعلاقتها بالاستخبارات الأمريكية، في 11 أغسطس/آب 2015، إلى سحب القوات، في الوقت الذي نشرت فيه صحيفة الشروق المصرية تقارير تفيد رفض الحكومة المصرية طلباً أمريكياً بإنهاء مهمة قوات حفظ السلام متعددة الجنسيات في سيناء، والمعروفة باسم MFO.

التصريح الأمريكي جاء بسبب قلق وشكوك ساورت إدارته باحتمال استهداف قوات حفظ السلام من قبل تنظيم ولاية سيناء، ما دفعها إلى دعوة اجتماع ثلاثي مع مصر والاحتلال لبحث إمكانية تخفيض عدد القوات، وفق ما ذكرته فوكس نيوز الأمريكية.

بيد أن مراقبين أشاروا إلى أن الطلب الأمريكي بسحب القوات جاء لسببين واضحين؛ أحدهما يكمن في الخشية من التعرض لهجمات تنظيم ولاية سيناء، خاصةً أن وتيرة الهجمات زادت في الآونة الأخيرة ضد مواقع تمركز قوات الجيش المصري، والثانية ترجع للعلاقة الحميمة والعميقة التي نشأت بين الجانبين المصري والإسرائيلي، وذلك ما تنتفي معه الحاجة إلى وسيط أمريكي.

إلا أن مصر تعتبر وجود قوات حفظ السلام بسيناء أمراً مفروغاً منه، وخارج إطار النقاشات بين الأطراف.

ومما يثير الريبة أن الطلب الأمريكي بالانسحاب جاء برغم إرسال البنتاغون، مؤخراً، ردارات مضادة للهاون ومعدات اتصال أفضل للقوة بسيناء، للتصدي لأي تهديدات تؤرقها.

وفي هذا الصدد، أشار مراقبون إلى أن ضغط أمريكا برغبتها في سحب القوات قد يحمل في طياته الخفية أهدافاً أخرى تكمن في السعي لتطوير دور القوات، بحيث لا يقتصر دورها على المراقبة فقط، وإنما يتجاوز الأمر ليكون لها دور أمني أوسع.

وأضافوا أن الرفض المصري الرسمي للطلب الأمريكي بالانسحاب، هو بمثابة موافقة ضمنية على قبول تشكيل وتسليح وتوزيع القوات، بل وإمكانية إضافة مزيد من القيود، سواء على تحرك الجيش المصري، أو على الوجود الشعبي المجتمعي في المنطقة، وهو ما يفسر التفريغ الذي يقوم به الجيش المصري في سيناء حالياً، والتهجير القسري للبدو السيناويين، وتدمير بنية المجتمع التحتية بدعوى التصدي للإرهابيين، حسب ما أشارت منظمات حقوق الإنسان الدولية والإقليمية بشأن انتهاكات الجيش المصري بحق السيناويين، كمنظمتي هيومن رايتس مونيتور، وهيومن رايتس ووتش.

القيود التي تفرضها قوات حفظ السلام الدولية على تحركات الجيش المصري، ونوعية الأسلحة التي يستخدمها في منطقة سيناء، باتت أوسع مما يتصور، خاصةً أن الاتفاقيات المبرمة نصت على تجريد ثلثي مساحة سيناء من القوات والسلاح، وفقاً للملحق الأمني للمعاهدة، الأمر الذي عاد بأضرار بالغة على الأمن القومي المصري، فكانت النتيجة اختراقات أمنية، وتجسساً وإرهاباً، وتهريباً، وتجارة مخدرات ورقيقاً، وأعضاء بشرية، إلى غير ذلك، وهو ما انعكس سلباً على الوضع الأمني على حدود مصر الشرقية، فضلاً عن ضرورة حصول الجانب المصري على موافقة إسرائيلية صريحة لنشر قوات أو أسلحة في سيناء.

السفير المصري هاني خلاف، مساعد وزير الخارجية الأسبق، أشار في حوار له إلى أن الترتيبات بخصوص قوات حفظ السلام في سيناء تتم عن طريق مصر وأمريكا، وأنه حال تعرض هذه القوات لتهديد، فإن الحل سيكون بتعزيز وجودها وليس بسحبها.

خلَّاف أكد أن القوات وضعها مستقر للغاية، واعتبر التصريحات وما نشرته نيويورك تايمز قد يكون “نوعاً من الضغوط على مصر، ومجرد تحليلات مستقبلية”، وهو ما يعزز رغبة أمريكية في توسيع صلاحيات قوات حفظ السلام.

ومن المعروف أن قوات حفظ السلام الدولية في سيناء لا تتبع الأمم المتحدة، كقوات اليونيفيل في جنوب لبنان مثلاً، وإنما تتبع واشنطن، وتخضع لإدارتها، ويطلق عليها اسم “القبعات البرتقالية”؛ للتمييز بينها وبين قوات الأمم المتحدة ذات القبعات الزرقاء.

وأنشئت تلك القوات في عام 1982، كثمرة لاتفاقية كامب ديفيد، وتضم القوة الدولية قرابة 1700 جندي، بالإضافة إلى فريق المراقبين المدنيين الأمريكي البالغ عددهم 15 مراقباً.

والقوة الدولية تتكون من قيادة، وثلاث كتائب مشاة، ودورية سواحل، ووحدة مراقبة، ووحدة طيران حربية، ووحدات دعم وإشارة، والكتائب الثلاث هي: كتيبة أمريكية تتمركز في قاعدة شرم الشيخ، والكتيبتان الأخريان إحداهما من كولومبيا والأخرى من فيجي، وتتمركزان في الجورة في الشمال، وباقي القوات من باقي الدول موزعة على باقي الوحدات.

وتتمركز القوات في قاعدتين عسكريتين: الأولى في الجورة بشمال سيناء في المنطقة (ج)، والثانية بين مدينة شرم الشيخ وخليج نعمة، بالإضافة إلى 30 مركز مراقبة، ومركز إضافي في جزيرة تيران لمراقبة حركة الملاحة.

وقد اختارت أمريكا التمركز في القاعدة الجنوبية في شرم الشيخ للأهمية الاستراتيجية لخليج العقبة والمضايق بالنسبة لإسرائيل.

أما في المنطقة (د) داخل الأرض المحتلة (إسرائيل) فلا يوجد سوى مراقبين مدنيين قد لا يتعدى عددهم 100 مراقب؛ حيث رفض الاحتلال الإسرائيلي وجود أي قوات على أراضيه.

ولا يجوز لمصر، بنص المعاهدة، أن تطالب بانسحاب هذه القوات من أراضيها إلا بعد الموافقة الجماعية للأعضاء الدائمين بمجلس الأمن.

وتقوم القوة بمراقبة مصر، أما إسرائيل فتتم مراقبتها بعناصر مدنية فقط؛ لرفضها وجود قوات أجنبية على أراضيها.

عن ALHAKEA

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*