الرئيسية / محليات / الصانع: وسطية القرآن تصون الوحدة الوطنية وتعزز التعايش الإنساني

الصانع: وسطية القرآن تصون الوحدة الوطنية وتعزز التعايش الإنساني

برعاية صاحب السمو الأمير الشيخ صباح الأحمد وبحضور رئيس مجلس الوزراء بالإنابة، وزير الخارجية، الشيخ صباح الخالد ووزير العدل ووزير الأوقاف والشؤون الإسلامية يعقوب الصانع، ووكلاء الوزارة ولفيف من كبار رجالات الكويت، انطلقت ظهر أمس فعاليات جائزة الكويت الدولية للقرآن الكريم في دورتها السابعة، بفندق كراون بلازا بمنطقة الفروانية.

وقال وزير العدل ووزير الأوقاف والشؤون الإسلامية يعقوب الصانع خلال كلمته، انه لا يخفى ما تعيشه أمتنا في هذه الحقبة من مخاطر جسيمة، ووقائع عظيمة، فكريا وأمنيا، أوجبت علينا أن نتمسك بعوامل القوة، وأسباب البقاء وليس هناك أعظم من هوية القرآن سبيلا للنجاة، وطريقا للظفر، فهو حبل الله المتين، عصمة لمن تمسك به، ونجاة لمن تبعه، وإذا كنا نحتفي اليوم بحفظة القرآن، وفي عام تكللت فيه جهود الكويت باختيارها عاصمة للثقافة الإسلامية، فيجب ألا يكون احتفالنا منصبا على حفظ النص، وترتيل الأحكام، وإنما على ما في القرآن من مكونات لهذه الهوية الأصيلة، فإن أخطر ما يمكن أن يصيب أمة من الأمم هو أن تفقد هويتها الحضارية، التي هي أثمن ما يمتلكه أي مجتمع من المجتمعات، فقد تصاب المجتمعات بكوارث تقض مضجعها وتؤرق اطمئنانها وتجلب لها المعاناة، لكنها تواجه تلك الكوارث التي تستفزها بهويتها الأصيلة مادامت الحضارة التي تنتمي إليها تملك من المقومات والحلول ما يكفي لمواجهة أعباء الحياة بشتى أشكالها.

وأضاف ان هويتنا التي كونها القرآن بوسطيته تصون الوحدة الوطنية، وتعزز التعايش الإنساني وتواجه التطرف والغلو وإقصاء الآخر، وتحض على البناء وحب الأوطان والإخلاص، لذا أصبحت الحاجة ملحة في زماننا هذا إلى أهمية التمسك بالقرآن الكريم والاهتمام به تعلما وتعليما باعتباره الحصن الحصين الذي يقي من غوائل هذا العصر المضطرب المائج بوسائله وأخطاره ومخترعاته التي تذهل النفوس وتنحدر بعضها عن مسار الطريق المستقيم.

وأكد الصانع أن من اهم ما تفخر به الكويت أن قيض الله لها حكاما تملأ قلوبهم عظمة القرآن، وحب أهله، وإكرام حفظته، لأنهم في الحقيقة يحتفون بكتاب شكل وعي أمتنا العربية والإسلامية، وجعلها خير أمة أخرجت للناس، فالقرآن هو الذي شكل محور حياتها، واحتوى على القيم الضابطة لمسيرتها، وخارطة الطريق لحياتها، والبوصلة المحددة لوجهتها، وكتاب يتسم دون سواه بهذه الخصائص من الطبيعي أن يكون معجزة الوحي الخاتم، وألا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد، وأن يكون إعجازه في إحكام آياته وبيانها وتفصيلها، لذلك تمحورت حياة الأمة تاريخيا حول هذا الكتاب وعطائه الدائم ـ المأمون من الباطل ـ للماضي والحاضر والمستقبل، دون أن تلحقه إصابة واحدة، على الرغم من تقدم العلوم والمعارف وتلاقي الأمم والحضارات، فهو الوحي المحكم الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه.

ووجه الصانع الشكر لكل من أسهم بجهده وفكره في هذه الجائزة الدولية، مبتهلا إلى الله تعالى بالدعاء أن يوفق الجميع لما فيه الخير والفلاح، وأن يوفق المسيرة ويبارك في العطاء، في ظل القيادة الرشيدة لصاحب السمو الأمير الشيخ صباح الاحمد، وسمو ولي العهد الشيخ نواف الاحمد.

من جانبه، أكد وكيل وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية رئيس اللجنة العليا للجائزة فريد عمادي أن كتاب الله الكريم فيه تقويم السلوك، وتنظيم الحياة، وهداية الخلق ورشاد النفس، من استمسك به فقد استمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها، أودع الله فيه علم كل شيء، ففيه الأحكام والشرائع، والأمثال والحكم، والمواعظ والتاريخ، فما ترك شيئا من الأمور إلا وبينها، وما أغفل من نظام في الحياة إلا أوضحه.

ولما كان القرآن هو الشرف ذاته، والرفعة بعينها، أصاب أهله من ذلك نصيبا وافرا، فأسبغ الله عليهم الشرف، وجعلهم مع الكرام البررة، ووصفهم بأنهم أهله سبحانه وخاصته، يأتون في موكب مهيب يوم القيامة، تقدمهم «البقرة» و«آل وعمران» وعلى رؤوسهم تاج الوقار، يقال لهم بكل تقدير وإجلال اقرأوا وارتقوا كما كنتم تفعلون في الدنيا.

ولإصابة تلك المنزلة، ونيل ذلكم الشرف، جاء اهتمام الكويت ـ أميرا وحكومة وشعبا ـ بالقرآن، وبتوجيه واضح من صاحب السمو الأمير الذي يحرص حرصا بالغا على أن يرعى جائزة الكويت الدولية رعاية شخصية لتكون الكويت من أهل الله وخاصته، فيكلأها بحفظه، ويرعاها بعنايته.

وبين عمادي أنه للعام السابع على التوالي، وبفضل الله تعالى، ثم بفضل صاحب السمو الأمير وبدقة متناهية في التنظيم، وتميز رائع في الأداء، وبحفاوة بالغة في الاستقبال، وبرفادة كريمة لائقة بأهل القرآن، وفي عام تم اختيار الكويت فيه عاصمة للثقافة الإسلامية، تشرق شمس الكويت على العالم بالجائزة الدولية للقرآن الكريم التي بلغ عدد المشاركين فيها ما يزيد على مائة متسابق يمثلون أكثر من خمسين دولة من مختلف أرجاء العالم الإسلامي والمجتمعات والأقليات المسلمة في بلدان غير إسلامية، في لقطة رائعة تبرز اعتناء الكويت كدولة للقرآن، وكشكر لنعمة الله على ما أسدى إلينا من نعم، وما امتن به علينا من فضائل.

وأضاف أن الاعتناء بحفظ القرآن وتكريم أهله ليس هو النهاية في منظومة التعامل مع القرآن، إننا بحاجة أيضا إلى تفعيل قيمه الحضارية ونشر فضائله الإنسانية التي تبني المجتمعات وتحميها من الاستلاب الفكري الدخيل، أو الطغيان الإرهابي الهادم الذي يهدد قيمنا الإسلامية الأصيلة، لذا أجد أن ألفاظ اللغة العربية على ثرائها، واتساع معانيها، لتضيق بما أشعر به من معان سامقة، ومشاعر جياشة، وفرحة غامرة، ونحن نرى في قلوب أهل الكويت وقادتها وأميرها تعظيم القرآن، ليس في تيسير تلاوته، وإكرام حفظته فحسب، وإنما في الحرص على نشر قيمه، وتدريس أحكامه، وتفقيه الناس بما فيه من فضائل وأخلاق، من خلال بناء المساجد، ودور القرآن، ونشر المصاحف، وإفساح المجال لمؤسسات العمل الخيري والدعوي الراشد، لما رأوا في ذلك من التمسك بالأسباب الحقيقية لقوة الكويت، وحفظ كيانها ووحدة صفها، وحماية ديارها وتعايش أهلها في ظل معاني الوسطية والاعتدال التي جاءت تعززها آيات القرآن وأحكامه.

وتوجه عمادي بهمسات حانية ونصائح صادقة إلى حفظة القرآن المكرمين، قائلا: أنتم يا أهل القرآن تسنمتم مكانا عاليا، وارتقيتم مرتقى رفيعا، بحفظكم لكتاب الله، وأنتم في نظر الناس قدوة، وفي أعينهم أسوة، فكونوا عند حسن الظن بكم، كونوا بين الناس شامات مضيئة، وهامات خفاقة، يعرفكم الناس بالعمل والإخلاص والوقار والدعوة الحسنة، فأهل القرآن أهل التوسط والاعتدال، وإياكم والغلو والتطرف، حافظوا على سلامة أوطانكم، وأمن بلدانكم.

وتوجه عمادي بالدعاء إلى الله تعالى أن يحفظ الكويت من كل مكروه وسوء، وأن يوفق صاحب السمو الأمير وسمو ولي عهده، وسمو رئيس مجلس الوزراء إلى ما فيه الخير والفلاح، كما توجه بالشكر إلى القائمين على الجائزة.

وعقب ذلك تم تكريم راعي الحفل، وافتتاح المعرض المصاحب لفعاليات الجائزة، والذي يحوي قبة سماوية ومعرضا تقنيا عن الإعجاز العلمي للقرآن الكريم من خلال مجسمات الهولوجرام، كما يحوي أكبر مصاحف العالم حجما، وهو مرشح لدخول موسوعة غينيس.

عن ALHAKEA

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*