لائحة طويلة من البلدان الإفريقية اختارت الإصطفاف وراء قرار حظر الأكياس البلاستيكية، أبرزها الكاميرون وتوغو والنيجر، إضافة إلى رواندا وحتى تنزانيا.
توجّه يبدو أنه استقطب اهتمام البورونديين أيضا، ممّن يتطلّعون إلى انضمامهم إلى مبادرة تستبطن أبعادا بيئية مختلفة.
وفي انتظار أن تترسّخ تطلعاتهم من خلال دعمها بتشريعات ملموسة ومبادرات حكومية رسمية، لم يتردّد عدد من البورونديين ممن ضاقوا ذرعا بالتلوث جراء الأكياس البلاستيكية التي تغطى شوارع بلادهم، من الإنخراط في مكافحة مصدر تلوّث يشير خبراء إلى أن تجلياته وتداعياته باتت شاملة في شتى أنحاء القارة الإفريقية في السنوات الأخيرة.
هوغيس نامباغاريتس، بوروندي في الثلاثين من عمره، افتتح، في 2011، ورشة خاصة خصّصها لصنع أكياس قابلة للتحلّل، وعدد من السلال، لاستعمالها بدل الأكياس البلاستيكية الملوّثة للبيئة. الورشة تقع في ضاحية ‘نتانغوا’ شمال العاصمة البوروندية بوجمبورا، وتعدّ حوالي 30 عاملا، معظمهم من ذوي الإحتياجات الخاصة (إعاقة جسدية أو الصمّ). هوغيس قال للأناضول إن ‘التلوث الذي تسببه الأكياس البلاستيكية، وبطئ الحكومة في اعتماد قانون يحظر استخدامها، دفعني، بمعية مجموعة من الأصدقاء، إلى افتتاح هذه الورشة، وانتداب عمال من ذوي الإعاقة، من أجل توفير مواطن شغل للأشخاص المهمّشين في مجتمعنا’.
وبحماس اختزلته نبرة حاسمة، أضاف أنّ ‘الكثيرين يعتقدون أن المعوّقين أشخاص بلا فائدة ترجى من ورائهم، وعاجزون عن العمل، ولذلك، قررت إثبات العكس، ودعم هؤلاء الفئة من الناس، من أجل تعزيز اندماجهم في المجتمع.
ومع أنّ المرتبات الشهرية التي يتقاضاها هؤلاء العمال لا تعتبر مرتفعة، بل لا تتعدى ما يعادل من 15 إلى 20 دولار، مع توفير وجبة الغداء اليومية، إلا أن الشاب البوروندي أشار إلى أن تلك المبالغ الصغيرة تمكّن هؤلاء العمال من ‘تلبية بعض احتياجاتهم، وتجنيبهم التسوّل، والأهم هو أن يبرهنوا لأنفسهم بأنهم قادرين كغيرهم على المساهمة في تنمية المجتمع’.
اليوم، تتسارع الأيدي لصناعة أكبر قدر من الأكياس القابلة للتحلل، في تلك الورشة الصغيرة المفعمة بحياة تتغذى من البسمة التي تعلو ملامح العاملين فيها. ويستخدم هؤلاء العمال مواد أولية مستوردة من أوغندا، إضافة إلى الأوراق والصحف القديمة، بحسب مدير الورشة. أما عن الأسعار، فأضاف هوغيس أنه يعرض الكيس الواحد للبيع مقابل 80 فرنك بوروندي (ما يعادل 0.01 دولار)، مشيرا إلى أن ‘الإنتاج الأسبوعي من الأكياس يناهز الـ 9 آلاف’.
وعقب تجهيز كميات محددة من تلك الأكياس، يقوم العاملون في الورشة بتوزيعها على أصحاب المحلات التجارية بمختلف أنواعها، في مرحلة قال صاحب الورشة إنها تعدّ الأمثل بالنسبة له لتوعية الناس بمضار ومخاطر الأكياس البلاستيكية على البيئة. ونظرا للأهمية التي يكتسيها مشروع ذو علاقة وطيدة بالبيئة، قال هوغغيس إنه يعتزم توسيع نشاطه ليشمل 4 محافظات أخرى، بينها مناطق أخرى من بوجمبورا، إضافة إلى ‘جيتيغا’ (وسط) و’نغوزي’ (شمال) و’رومونجي (جنوب).
وبالنسبة لروبرت مبونيراني، وزير البيئة السابق، وأحد الناشطين في مجال حماية البيئة في بوروندي، فإن ‘مبادرة مماثلة حرية بالتشجيع’، خصوصا وأن الأكياس البلاستيكية غير القابلة للتحلل يمكن أن تمضي 400 عام دون أن تتفكك مكوناتها، ولذلك، أعتقد أن الوقت حان لكي تسرّع الحكومة من وتيرة عملها لاعتماد قانون يحظر استخدام تلك الأكياس’.
‘على بوروندي أن تنسج على منوال البلدان التي حظرت صنع وتجارة واستخدام الأكياس البلاستيكية’، يتابع الوزير السابق، في حديث للأناضول، من ذلك مالي (2013) وموريتانيا (2013 أيضا)، أو رواندا حيث وقع الحسم بنجاح في هذه المسألة منذ عام 2006. ففي رواندا، يوضح الوزير، ‘أقرت السلطات قانونا يمنع استخدام واستيراد وتوزيع الأكياس المصنوعة من البولي إيثلين، كما فرضت غرامات بحق المخالفين لهذا القانون، وبرأيي، فقد آن الأوان بالنسبة لبوروندي لإقرار قانون مماثل’.
أما من الجانب الحكومي، فقد أعرب تيوفيل نداروفاتي، الأمين الدائم لوزارة المياه والبيئة في بوروندي، عن تقديره لمبادرة الشاب هوغيس، مؤكدا، في تصريح للأناضول، أنه وقع بالفعل إقرار مشروع قانون يحظر استخدام الأكياس غير القابلة للتحلل، وأنه لم يتبقّ سوى النظر فيه واعتماده من قبل مجلس الوزراء، قبل أن يحال إلى أعضاء البرلمان للمصادقة عليه’، دون أن يقدّم موعدا دقيقا في ذلك
معركة ضارية ضدّ الأكياس البلاستيكية تشنها القارة السمراء من المغرب إلى جنوب إفريقيا، من خلال اعتماد العديد من القوانين التي تحجّر استخدام أي نوع من الأكياس غير القابلة للتحلل أو لإعادة التدوير. جملة من القوانين دخلت حيز التنفيذ في السنوات الأخيرة، لتجعل من القارة الإفريقية نموذجا يحتذى به على الصعيد الدولي في الكفاح من أجل الحد من التلوث.