أدى تصاعد العنف داخل مدينة حلب وحولها، إلى إغراق البلاد مرة ثانية في حرب متعددة الطرف، وإضعاف المساعي الدولية لمحاربة داعش، على الرغم من محاولات تبذلها أمريكا وروسيا لإحياء هدنة قصيرة الأمد.
قالت ماريانا جاسر، رئيسة اللجنة في سوريا: “لم يعد هناك مكان آمن في حلب، حتى في المستشفيات”
وكتب سام داغر، كبير مراسلي صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية في بيروت، وزميله ديون نيسين بوم، مدير مكتب الصحيفة في اسطنبول أن دولاً كبرى وشخصيات عالمية شجبت قصف حلب، ولكن هذه المواقف لم تؤد إلى وقف القصف.
وقال بيبرس مشعال، رئيس فرع هيئة “الخوذات البيض” لعمليات الإنقاذ التي تنفذ في حلب مذبحة إن “المدينة تحترق”.
وبحسب شهادات ناشطين من صفوف المعارضة، وأطباء ومسعفين، استأنفت طائرات النظام السوري، مساء الجمعة الماضية، قصفها لمناطق تسيطر عليها قوات معارضة، في شرق حلب، مستهدفة ثلاثة عيادات وسيارة إسعاف، وذلك بعد أقل من 48 ساعة من تسويتها بالأرض لمستشفى في المدينة.
رد مماثل
ويقول مراسلا الصحيفة الأمريكية إن قوات المعارضة ردّت بإطلاق صواريخ على مناطق خاضعة للنظام في غرب حلب. وقد طاول القصف بحسب تقارير إعلامية مدنيين كانوا خارجين من مسجد بعد أداء صلاة الجمعة. وفي وقت لاحق، قالت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أن قنابل سقطت على مستشفى في غرب حلب، بالإضافة إلى هجمات طاولت ثلاث منشآت طبية في شرق المدينة.
وقالت ماريانا جاسر، رئيسة اللجنة في سوريا “لم يعد هناك مكان آمن في حلب، حتى في المستشفيات”.
مواجهات
ولفت الصحافيان إلى أنه في شمال غرب حلب، وقعت مواجهات بين قوات كردية موالية للولايات المتحدة وبين مقاتلين مدعومين من تركيا، وذلك بعد أسبوع من مقتل عشرات من هؤلاء، وعرض جثثهم عبر شوارع بلدة كردية هناك.
تحذير
ويأتي التصعيد في العنف بعد أيام من إعلان الرئيس الأمريكي باراك أوباما عن إرساله 250 من أفراد القوات الخاصة الأمريكية إلى شمال سوريا لمحاربة داعش. وقد حذر كل من إيران وروسيا والنظام السوري الولايات المتحدة من مغبة تلك الخطوة التي اعتبرتها موسكو الجمعة بأنها تمثل خرقاً غير مشروع لسيادة سوريا.
ولكن وفي نفس الوقت، استأنفت الولايات المتحدة وروسيا جهودهما لإنقاد هدنة هشة. وقال مايكل راتني، المبعوث الأمريكي إلى سوريا، بأن واشنطن سعت لتأمين تعهدات جديدة بمواصلة الهدنة في شرق دمشق، وفي الجبال الواقعة شمال غرب مدينة اللاذقية الساحلية، والتي سرى تنفيذها منذ ليلة الجمعة.
وفي وقت لاحق، قال الجنرال الروسي سيرغي كورالينكو إن الاتفاق قضى بهدنة مدتها 72 ساعة. ولكن تم استثناء حلب من الاتفاق، بعدما أشار النظام في دمشق وحلفاؤه الميليشيات الشيعية المدعومة من إيران، إلى عزمهم على استعادة المدينة، بدعم روسي.
بيان معيب
ونظراً إلى استثناء حلب من اتفاق الهدنة، شجب نشطاء في المعارضة إعلان راتني، ووصفو ما قاله بأنه “بيان معيب”.
وقال المرصد السوري أن أكثر من 232 شخصاً قتلوا في حلب خلال الأيام الأخيرة، معظمهم من المدنيين من كلا الجانبين.
وفي ذات السياق، قال رئيس المفوضية العليا لحقوق الإنسان، الأمير زيد رعد الحسين “إن استهداف المنشآت الطبية والمناطق السكنية يظهر تجاهلاً وحشياً لحياة المدنيين من قبل جميع الأطراف”.
كارثة وشيكة
وقد حذرت هيئات إغاثة دولية من أنه، في ظل استمرار القتال بين النظام والمعارضة في سوريا داخل مدينة حلب، يخشى من كارثة إنسانية وشيكة في المدينة، التي تدمرت تقريباً بعد حرب متواصلة منذ أربع سنوات، وخاصة مع وجود أكثر من 300 ألف مدني يقيمون في القسم الشرقي الخاضع للمعارضة، وأكثر من مليون سوري يعيشون في القسم الغربي، حيث يحكم النظام سيطرته.
“موقع 24”