الرئيسية / كتاب وآراء / سأشارك، وأدعوك لذلك..!

سأشارك، وأدعوك لذلك..!

ننشر إليكم مقال للكاتبة نوال اليحيى خصت بها جريدة الحقيقةبعنوان (( سأشارك، وأدعوك لذلك..! )) المقال تمثل وجهة نظر كاتبها فقط ، ولا تمثل الحقيقةنص المقال أدناه، والتعليق لكم:-

المشاركة في الانتخابات حق دستوري مكفول لكل مواطن، والتفاعل الشعبي معها يتعدى الحق ليعتبرها واجب ديني ومسئولية وطنية وأمانة تحتم عليه اختيار الأصلح، فإن لم يوجد فالأقل فساداً..
هذه قاعدة لا يختلف عليها إثنان في وطننا، الذي اختار الديمقراطية سبيلاً، وهذا ما سار عليه المجتمع في كل موسم انتخابي، متجاوزاً شوائب العملية الانتخابية- المعتادة- وملوثات الممارسة السوية، وتجاوزات- القانون التي لم تتوقف أبداً-؛ كعمليات شراء الأصوات، والفرعيات والفرز القبلي والطائفي والمناطقي.. بحكم أنها وإن أثّرت سلباً فهي لا تنسف الاختيار الحر للناخب، ورغم أنها تشوه لكنها لا تدمر الديمقراطية، ومع أنها تطلق يد الحكومة للعبث غير أنها لا تمكنها من الاستفراد بالساحة.. ولذا فقد تعامل معها عموم المواطنين بواقعية، وقبلوا بقواعد اللعبة المفروضة عليهم، وإن اعترتها كمية بها بأس من الغش.. وكان مكمن التحدي الذي قبله المجتمع هو الاستمرار في توعية الناس، وإحياء روح المسئولية والضمير الحي ومراقبة الله عز وجل..
فما الذي تغير اليوم ودفعنا للعزوف؟! بل والمقاطعة، والدعوة إليها، والحشد الشعبي لها؟!
المشكلة أننا” رضينا بالهم، والهم مش راضي بينا!” فقد قبلنا بالتنافس الشريف في ظل أوضاع غير مثالية.. لكن السلطة لم تعرف أبداً معنى التنافس الشريف واللعب النظيف.. وإنما اعتادت تخفيض طموحاتنا وتطلعاتنا لديمقراطية كاملة ونظيفة ودستور حقيقي لا ورقي.. وكلما حقق الشعب إنجازاً برفع مستوى الوعي، واختار مجلساً يراقب بقوة ويشرّع بعدل، وبدأت عجلته تدور بنجاح، ووُفِّق في تلمس ومعالجة الجراح.. اعتبرت السلطة أن هذا التوجه للإصلاح يستهدفها ويقف ضدها، وجمعت كل صنوف المكر والخداع لخلط الأوراق ونسف قواعد اللعبة..!
إنها تفكر بعقلية جحا.. الذي حين اشتكت زوجته من ضيق الدار، وألحت عليه بتوسعتها، فكر وقدر، ثم جلب حماره وربطه داخل الدار غير عابئ باشتياط غضب زوجته، إذ أن لديه مخطط أكبر سيضطرها في النهاية للرضوخ، وحين اعتادت الوضع الجديد وعاودت الشكوي استجاب بجلب زوج الماعز، ثم حظيرة الدواجن.. حتى ضاقت الدار تماماً.. فلما وصلت الحال لمستوى لا يطاق.. وكادت الزوجة أن تطلب الطلاق.. وعدها بالحل الجذري الذي طال تمنيها له؛ أخرج الحمار من الدار.. فتنفست الزوجه الصعداء.. وتكرر ذلك حتى أخرج كل ما جلبه عمداً للداخل لتشتيت انتباهها.. فلما عاد الوضع لما كان عليه في الأصل.. انتشت الزوجة المبتلاه.. وقالت: ما شاء الله، لقد اتسعت الدار، شكراً لك يا رب الدار!
إن استمراء فرض السلطة لسياسة الأمر الواقع، واستمرار رضوخنا لهذا الواقع، هو الذي أوصلنا لهذا الوضع السيء الذي لم يعد يطاق.. فطالما أغراها صبرنا الجميل لزيادة جرعة الاستفزاز والضليل.. حتى أدركنا أخيراً أن الرسائل وإن تكررت إلا أنها تصل بشكل خاطئ.. يفُهِم منه بأن الأمر طبيعي وممكن القبول به والتعايش معه.. بخلاف الحقيقة بأن البلد يتراجع، والخدمات تتدهور، والديمقراطية تنقرض، والشارع يغلي غضباً..
وحين لا تصل رسالتك بالشكل الصحيح.. فعليك مسئولية مراجعتها، وإجراء تغييرات عليها لإيضاح فكرتك بشكل أكثر وضوحاً.. وهذا ما دفعنا للتفكير لاختيار أسلوب غير معتاد، يكون أبلغ في إيصال صوتنا ومطالبنا.. واضطرنا اضطراراً لاتخاذ قرار قاس ومؤلم بمقاطعة” غداء العايلة” فلإن نطوي على جوع أفضل من أن نتناول وجبة غير صالحة للاستهلاك الآدمي..!
‏ونؤكد أنه” من المحزن لنا أن نضطر لدعوة الناس للمقاطعة، فنحن دوماً من يشارك ويدعو للمشاركة، لكنها مشاركة حسب الأصول الدستورية” خالد الفضالة
أما أن نشارك في لعبة شكلية مكشوفة، أدواتها معيوفة، ونهايتها معروفة.. فلا وألف لا، فلسنا بطراطير ولا حطب دامة ولا اكسسوار لتجميل شكل لعبة الديمقراطية التي تحولت لتمثال شمع لا روح فيه..
لسنا عازفين أو كسالى أو لامبالين، بل نحن واعون حريصون وعازمون على المشاركة في توجيه رسالة سلمية حضارية راقية وقوية برفض تغيير قواعد اللعبة كلما جاءت بما لا تهوى أنفسهم.. ففريقاً خونوا، وفريقاً يسجنون!
كلنا سنشارك في صنع مستقبل وطننا وحسب اختيارنا.. بشكل أو بآخر..
وقد حددت موقفي عن قناعة تامة بعد طول متابعة واطلاع ونقاش وبحث من مصادر موثوقة..
وأدعوك للمشاركة بفاعلية ووعي في إنقاذ وطنك.. دون أن أُملي اختياري عليك أو على أحد،
ولحرصي على وطني، وخوفي على مستقبله، أذكر نفسي وأذكرك وكل مخلص بعدم اتخاذ موقف بناء على عناد أو مزاجية أو تحزب أو عنصرية أو طائفية أو خوف متوهَّم أو دعاية عاطفية أو إشاعة مغرضة أو كره لأشخاص أو تيارات أو انسياق خلف شعارات أو علاقات أو مصالح ومغريات، { يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين لله شهداء بالقسط ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون} المائدة(٨)
وأدعوك لبذل جهد جاد لتحديد موقفك.. واتخاذ قرارك بعد فتح الأذنين لكلا الاتجاهين، وزنة كل رواية بعقل رزين، وتحكيم الضمير الواعي الأمين، وموازنة المصالح والمفاسد، وفرز الحقيقة من الخيال، وكشف الكذب من الصدق، وتغليب الواجب والشعور بالمسئولية لصنع تغيير إيجابي في واقعك ومحيطك، واختيار مستقبل لك ولأبنائك.. لا تندم عليه غداً..

اللهم ألهمنا الرشاد، ووفقنا للسداد، واحفظ العباد والبلاد.. آمين

نوال اليحيى
@Nawalysy

عن ALHAKEA

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*