الرئيسية / عربي وعالمي / مُنشقّ عن “داعش”: عناصر التنظيم ليسوا مسلمين

مُنشقّ عن “داعش”: عناصر التنظيم ليسوا مسلمين

عندما اكتسح داعش مساحات شاسعة من محافظة دير الزور، شرق سوريا، أعلن أبو خديجة، مقاتل سابق في الجيش السوري الحر، ولاءه للتنظيم الوحشي ظناً منه أن المتطرفين باتوا أفضل رهان لقلب نظام بشار الأسد. واليوم، وبعد هروبه، يتمنى لو انه لم يفعل.

وروى الصحافيان السوريان المستقلان ياسرعلاوي وجلال زين الدين قصة أبو خديجة، 39 عاماً، المواطن السوري العادي الذي اعتاد أن يعتاش من بيع الملابس الرجالية في سوق الحميدية في دمشق، ولديه أربعة أبناء، ولدان وبنتان، وزوجة يحبها كثيراً.

هو متوسط القامة، وذو لحية قصيرة، ونظرة متواضعة، ويشيه الكثيرين من الباعة في السوق الأثري في العاصمة السورية.

وهو يبدو برأي الصحافيين محظوظاً لكونه استطاع الانشقاق عن داعش، والبقاء على قيد الحياة، ومن ثم الهروب مع أفراد أسرته، علماً أن كثيرين ممن حالوا قبله الفرار قتلوا على يد التنظيم كإنذار لباقي المقاتلين.

وتعود بداية حكاية أبو خديجة الذي اختار عدم ذكر اسمه الحقيقي لدواع أمنية، إلى حماسته للمشاركة في التظاهرات الشعبية التي خرجت بهدف إنهاء حكم بشار الأسد، في بداية عام 2011، وحيث قرر العودة إلى مدينته دير الزور.

وعندما بدأ النظام السوري قمعه الوحشي للتظاهرات، توصل أبو خديجة إلى اقتناع بأن الاحتجاجات السلمية لا تستطيع الصمود أمام النظام. ولذا التحق مع أخويه أبو عبد الله وأبو عبد الملك، بالجيش السوري الحر، بمجموعة مقاتلة تشكلت أساساً من جنود انشقوا، في عام 2011، عن نظام الأسد بنية إسقاطه.

قال أبو خديجة: «عندما أطلقت القوات الأمنية النار على المتظاهرين، لم نجد بديلاً سوى الدفاع عن أنفسنا. وعند تلك النقطة، تحول العمل الثوري من أناشيد ضد النظام إلى القتال ضده. ربما كان خيارنا خاطئاً، ولكن كان السبيل الوحيد للنجاة من رصاصهم، ومواصلة الثورة».

وخلال المعارك مع الجيش النظامي، قتل أخوه أبو عبد الملك، فيما واصل القتال مع الجيش السوري الحر من أجل الانتقام لأخيه الأكبر، واستمر في قتاله إلى أن استولى داعش على مدينة دير الزور في صيف عام 2013. عندها منح التنظيم المقاتلين السوريين خياراً ـ إما الانضمام لنا أو الإعدام. وقد تعهد وأخوه أبو عبد الله بالولاء لداعش، وحملوا السلاح للقتال في صفه.

وتابع: «كل ما كنا نعمل من أجله هو إسقاط النظام. وعندما سمعنا أن داعش، بمقاتليه الأشداء، يعمل من أجل تحقيق ذات الهدف، تصورنا أنه سيهزم النظام».

وينقل الصحافيان عن أبو خديجة قوله أنه أخضع مع أخيه لبرنامج «التوبة». وكان عليهما الإعلان عن عدم اعترافهما بالفصائل العسكرية السورية الأخرى، والاعتراف بالكفر ومن ثم العودة للإسلام مجدداً.

وعندما قبلت توبتهما، ألحق الشقيقان ببرنامج «إعادة تأهيل»، حيث تم التركيز على «مبادئ داعش المتشددة، وشريعته في الحكم، وواجب الجهاد. وكان جميع من يجتازون برنامج التوبة ولا يلتحقون ببرنامج إعادة التأهيل يسمون العامة».

قال أبو خديجة: «التقيت مع أخي بوالي دير الزور، أبو ذر العراقي، وتعهدنا بالولاء له، ومن ثم خضعنا لبرنامج توبة آخر مدته 21 يوماً داخل معسكر مغلق في مدينة الميادين، تبعه دورة شرعية لمدة شهر».

وأضاف: «تركزت دراستنا في الدورة على أفكار شديدة التطرف كتلك التي دعا إليها الشيخ ابن تيمية في القرن الرابع عشر ميلادي، والذي أعلن الجهاد ضد المغول الذين ادعوا أنهم تحولوا إلى الإسلام، ولكنه لم يطبقوا تعاليم الشريعة».

ومن ثم أخضع المشاركون في تلك الدورة الشرعية لدورة أخرى للتدرب على القتال واللياقة البدنية. وظناً من الشقيقين أن داعش سيقاتل فعلاً النظام السوري، وسيهزمه، واصلا القتال في صفوفه، إلى أن جاء يوم، كما يقول أبو خديجة «اتهم أخي بالتجسس لصالح الجيش السوري الحر، وأعدموه. أعتقد أن أخي أبو عبد الله، والذي كان مقاتلاً شجاعاً، قد شكل خطراً على زعماء داعش، ولذا قتلوه».

في تلك اللحظة، انتاب أبو خديجة خوف شديد على حياته، وبأنه سيواجه مصير أخيه، لذا قال لداعش إنه لن يعود لموقعه في المطار العسكري لأنه ما زال في فترة حداد على أخيه، وأمضى فترة من الوقت في مدينتي البوكمال والميادين القريبتين من دير الزور، حيث شهد يومياً عمليات إعدام وقطع أيد. وقرر، في سره، الهرب في أقرب فرصة ممكنة. وقال: «رأيت ما جرى في الميادين والبوكمال، لم تكن أي من عقوبات داعش عادلة».

وحال تمكنه من الهرب والوصول إلى تركيا، حلق أبو خديجة لحيته، وهو الآن يشعر بذنب كبير. فقد وثق بأشخاص قتلوا أخاه، وصدق أنهم يقفون إلى جانبه ويحاولون إنهاء حكم الأسد.

ويقول: «لا أدري لماذا قتلوا أخي الأصغر، ولكني على ثقة بأنهم كانوا سيقتلونني أيضاً. هؤلاء الأشخاص أبعد ما يكونون عن الإسلام».

عن ALHAKEA

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*