لم يكن تأخر القوات العراقية المشتركة والمليشيات في اقتحام مدينة الفلوجة، الذي كان متوقعاً أن يتم في خلال أيام قليلة، إلا بسبب وجود قوة دفاعية وتحصين قوي في محيط المدينة.
ذلك ما كشفه لـ”الخليج أونلاين” نازحون من مدينة الفلوجة، تمكنوا من الخروج بعد توقف القصف الصاروخي الذي تشنه القوات العراقية والمليشيات.
وأكدوا أن تنظيم “الدولة” أنشأ منذ وقت مبكر تحصينات مختلفة شملت محيط المدينة، تمثلت بعدد من الخطوات شملت مناطق متفرقة من نهر الفرات، الذي يمر بالمدينة، وهو ما جعل اختراقه صعباً.
يقول الحاج حسين الدليمي، وهو رجل مسن: إن تنظيم “الدولة” عمد إلى “تحصين الفلوجة مبكراً، وتهيأ للمعركة بشكل جيد”.
ويرى الدليمي أن “من الصعوبة اختراق دفاعات المدينة. ذلك غير ممكن، هناك ثلاثة خطوط دفاعية”، لافتاً إلى أن “التنظيم بدأ منذ سيطرته على المدينة باتخاذ تدابير احترازية للحفاظ على ما تحقق من السيطرة على هذه المدينة”.
وكشف الخطوط الدفاعية الثلاثة بأن الخط الدفاعي الأول يتكون من حواجز اسمنتية وأسلاك شائكة وخنادق، زرعت بقربها قنابل شديدة الانفجار، وكذلك تتصل بموقع الدفاع الأول خنادق لتحرك عناصر “التنظيم” وهؤلاء “من قوات النخبة”.
في الخط الدفاعي الثاني يوجد “جيش من السيارات الملغمة”، يقول إنه تم تمويهها وتستخدم عند الضرورة في حال تم اختراق الخط الدفاعي الأول، وهذه السيارات خصص لها انتحاريون، واجبهم فقط انتظار دورهم في قيادة تلك السيارات وتفجيرها على القوات المقتحمة للمدينة، بحسب قوله.
الخط الدفاعي الثالث، بحسب الدليمي، “سور من القناصة الذين تموضعوا في أماكن مختلفة”، مؤكداً أن مقاتلي “التنظيم” سيعمدون إلى “تلغيم كل شيء في حال تمكنت القوات المهاجمة من اختراق الخطوط الدفاعية”.
ويلفت إلى أن نهر الفرات الذي يمر بالفلوجة تم تلغيمه أيضاً، موضحاً أنه “تم زرع ألغام نهريه في نهر الفرات وصار من الصعب عبوره، هذا فضلاً عن القوارب المفخخة، التي قد يستخدمها مقاتلو التنظيم بصورة ما في شن هجمات داخل النهر، أو تفجيرها في حال نجحت القوات في عبور النهر نحو المدينة”.
وكشف الحاج الدليمي أيضاً أن قوات النخبة، وهي “قوة مدربة على القتال يتحرك بعض عناصرها في الأنفاق، الرابطة بين خطوط الصد الدفاعية وداخل المدينة، لتوجيه ضربات صاروخية نحو القوات العراقية المشتركة والمليشيات، كذلك فهم جميعهم انتحاريون، يفجرون أنفسهم في حال اضطروا إلى ذلك”.
وبين أن الأنفاق ليست فقط تربط بين خطوط الدفاع، بل إنها “تتصل أيضاً بأمكنة أخرى”، نافياً أن يكون لديه أو لدى غيره معلومات أكثر عن تلك الأنفاق أو التحصينات الدفاعية، مشيراً إلى أن من يملك المعلومات هم عناصر “التنظيم”، مستدركاً “نحن كمواطنين نرى تلك الأشياء أمامنا فهي ليست سراً، لكن لا بد من أسرار حول التحركات والخطط الدفاعية والهجومية، لكنها عند المقاتلين”.
الحاج الدليمي يرى أن الوسائل الدفاعية التي ذكرها كانت السبب المباشر في عدم تمكن قوات الجيش العراقي والمليشيات من الدخول إلى مدينة الفلوجة برغم التحشيدات العسكرية التي تم توفيرها للمعركة.
يذكر أن رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي أعلن في وقت مبكر من 23 مايو/أيار الماضي انطلاق معركة “تحرير” الفلوجة، بمشاركة صنوف مختلفة من القوات العراقية والمليشيات.