تناول تقرير الشال الأسبوعي تصريحا نُسب الأسبوع قبل الفائت إلى وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء، وهو الناطق الرسمي باسم المجلس، بمناسبة احتفال نظمته «فوربس»، مفاده أن تنفيذ بنود وثيقة الإصلاح المالي والاقتصادي وإستراتيجية 2030 يسيران في مسارهما الصحيح، وأن حركة أسعار النفط لم تعد تؤثر في تحقيق أهداف المسارين.
وقال التقرير: اخترنا نصين، إن صدقا، فمن المؤكد أن الكويت معرضة لاحتمال فقدان فرصة الإصلاح إلى الأبد، والنصان هما التالي:
«لا يوجد تأثير أو علاقة بين ارتفاع أسعار برميل النفط والإستراتيجية التي اعتمدها مجلس الوزراء في وثيقة الإصلاح المالي والاقتصادي، خصوصاً أن الوثيقة قائمة على إعادة توازن هيكل الاقتصاد الوطني بمعايير عالمية ومن خلال اتباع أساليب علمية ومؤسسية، لافتاً إلى أن إستراتيجية الكويت 2030 لن تعتمد على أسعار النفط إن ارتفعت أو تراجعت».
«إن من يطلع على الميزانية الحالية ومقارنتها بميزانية العام الماضي وما سبقها، يتبين للجميع أن الحكومة صدقت مع نفسها قبل أن تصدق مع الآخرين بتخفيض مصروفاتها ودمج مؤسسات وعدم التوسع في الهياكل وتخفيض الميزات، وهذا خير دليل على اتباع الاستراتيجية التي أعلن عنها نائب رئيس الوزراء».
أكبر المخاطر هي إن كان هذان التصريحان يمثلان رأي مجلس الوزراء، ذلك يعني أنه، أي مجلس الوزراء، يعيش حالة من الإنكار التام لمسار إصلاحاته، فالتنفيذ من وجهة نظره يسير وفق معايير عالمية لا أحد يعرفها، وبأساليب علمية ومؤسسية، وأصبــح القلـق علـى حركـة أسعـار النفـط، ارتفعـت أو تراجعت، شيئا من الماضي. ثاني المخاطر هو في لغة التصريح، فالكلام الإنشائي الكبير مثل المعايير والأساليب العلمية والمؤسسية من دون ذكر أي رقم مقارن أو حتى مثال لدمج المؤسسات، أصبح أمراً من الماضي، والواقع أنه كلام كبير من دون أي معنى. ثالث المخاطر، هو ذلك الشعور القاطع بالرضا والقناعة، بما لا يسمح بالتشكيك، فالتصريح ينص على أنه يتبين للجميع من دون استثناء بأن الحكومة في درب الإصلاح صدقت مع نفسها قبل أن تصدق مع الآخرين في فعل كل ما هو صحيح.
وتابع «الشال»: لسنا بصدد إثبات خطأ المسار، فالخلل الإنتاجي، أي توازن الاقتصاد لمصلحة مساهمة أكبر في توليد الناتج المحلي الإجمالي، يسير معاكساً وسوف يستمر في ترجيح المزيد من عدم التوازن أو المزيد من مساهمة القطاع العام في الناتج المحلي الإجمالي. والكويت تعيش حقبة من عجز مالي لم يتحقق منذ آثار احتلالها، وهو عجز مالي ما زال مرتبطا بأكثر من 90 في المئة من حركة أسعار النفط هبوطاً أو ارتفاعاً، أي ان التوازن المالي تزداد مخاطره بدلاً من خفض الاعتماد على النفط. وميزان السكان والعمالة في انحدار، وسوق العمل مهدد بمزيد من الاعتماد على القطاع العام الذي يوظف حالياً 75 في المئة من العمالة المواطنة ويدعم من يعمل خارجها، والقادمون الجدد من المواطنين إلى سوق العمل في 15 عاماً أكثر من الموجودين فيه حالياً. ومشاريع التنمية لا علاقة لها بالتنمية، لذلك يتحاشى المسؤولون ذكر تكلفتها الباهظة ونوعيتها الرديئة وحجم فرص العمل المواطنة والمستدامة التي تخلقها، والواقع أن معظمها يزيد من خلل التوازن في هيكل الاقتصاد.
وختم «الشال» قائلاً: في خلاصة، نعتقد، بأن أهون الشرين هو أن يدرك مجلس الوزراء قصور رؤاه ومن ثم إجراءاته في مواجهة ضعف سوق النفط الذي يمثل نحو 60 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي ونحو 90 في المئة من إيراد الموازنة، ويوظف بشكل مباشر وغير مباشر نحو 90 في المئة من العمالة المواطنة، وأن ضعف سوق النفط حقيقة طويلة الأمد هذه المرة، وأن يقر بالعجز ويعمل على تداركه. أسوأ الشرين، هو إن كان تصريح الناطق الرسمي باسمه يمثل قناعة راسخة بنجاعة رؤاه وسياساته، أو أنه يعرف بضعفها ولكنه يحجب الحقيقة في دفاع عن بقائه، رغم أن التكلفة على البلد لا يمكن تعويضها.