الرئيسية / عربي وعالمي / إيران و #داعش .. أهداف مشتركة في الخليج بدون خطوط حمراء

إيران و #داعش .. أهداف مشتركة في الخليج بدون خطوط حمراء

في أهداف بدت أكثر تطابقاً، خلال الفترة الأخيرة، تخوض إيران ومليشياتها في المنطقة من جهة، وتنظيم “الدولة” من جهة أخرى، حرباً ضد دول الخليج، مستخدمة كل الميادين لتوجيه ضربات موجعة لدول مجلس التعاون، منها منصات التواصل الاجتماعي، رغم إعلان التنظيم باستمرار أن هدفه الاستراتيجي الأول هو القضاء على ما يطلق عليهم بـ”الرافضة” إعلامياً، إلا أن الواقع ينافي ما يدعو إليه التنظيم، آخرها استهداف الحرم النبوي، بعد تهديدات أطلقها قادة مليشيات “شيعية” في العراق وقائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني.

– تفجير الحرم النبوي

ففي أقدس أماكن العبادة بالنسبة للمسلمين، وفي شهر رمضان المبارك، صُدم المسلمون في كل بقاع الأرض بالتفجير قرب “الحرم النبوي”، الذي أسفر عن استشهاد اثنين من قوات الأمن، في وقت كان فيه المسلمون يتحرون هلال شوال إيذاناً بحلول عيد الفطر بعد شهر من الصيام والقيام، ومتابعة البث المباشر على القنوات السعودية من الحرمين المكي والمدني.

وعلى الرغم من قيام الأمن بمنع وقوع كارثة في ظل الانتشار الأمني المكثف منذ بداية شهر رمضان، فإن الأخطر هو استهداف مكان بهذه القدسية لدى عموم المسلمين، ما يثير تساؤلات عن الجهات المستفيدة، ولا سيما أن مثل هذه التفجيرات في أماكن مكتظة كان يمكن أن تؤدي إلى كارثة بسبب التدافع، وهو الأمر الذي تعاملت معه أجهزة الأمن، إذ منعت المصلين من الخروج بعد سماع التفجير، فمنعت وقوع تدافع.

تفجير الحرم النبوي لم يأتِ من فراغ؛ فقد سبقه تهديد ووعيد بشن عمليات عسكرية في قلب المملكة العربية السعودية وتركيا من قبل قيادات مليشيا الحشد الشعبي “الشيعية” في العراق، التي أصبحت هي الأخرى أكبر مصدر تهديد لدول الخليج، إضافة إلى تهديد قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني، قاسم سليماني، عقب سحب المنامة الجنسية البحرينية من رجل الدين الشيعي، عيسى قاسم، دول الخليج والعالم العربي بأنهار من الدماء.

– تساؤلات

يثير وقوع التفجير قرب الحرم النبوي تساؤلات حول المستفيد منه؟ ومن له الجراءة على هذه الأفعال التي تخالف شريعة المسلمين؟ حيث ذهب البعض مباشرة إلى اتهام تنظيم “الدولة”، المعروف بـ”داعش” بتنفيذه؛ لكونه أعلن في السابق عن عدد من الهجمات داخل المملكة العربية السعودية، وعلى الرغم من أن ذلك يبقى خياراً، فإن هناك أطرافاً أخرى مستفيدة.

فبالإضافة إلى تهديدات قاسم سليماني والأمين العام لما يعرف بـ”حركة النجباء” (مليشيا شيعية موالية لإيران تقاتل في العراق تحت مظلة الحشد الشعبي) قبيل أيام قليلة من وقوع الانفجار، حذّر نائب رئيس المنظمة الأوروبية الأحوازية لحقوق الإنسان، طه الياسين، من أن المخابرات الإيرانية سترسل “بعض المرتبطين بها الموجودين في الدول العربية لتعكير أمن الحجاج”، داعياً السلطات السعودية لاتخاذ تدابير أمنية في الدولة لتداول أنباء عن تحضير طهران لعمل إرهابي خلال شهر رمضان في المملكة، وعمليات إرهابية تطول دولاً خليجية.

ورغم أن الموقع الجغرافي لدول الخليج جعلها عُرضةً للتدخل الإيراني في شؤونها طيلة العقود الماضية، سواء كان التدخل مباشرةً، أو بواسطة المليشيات التي تتحكم بها طهران؛ منها “حزب الله”، أو جمعية الوفاق البحرينية، وغيرها من الجماعات الموالية لها، إلا أن سيطرة طهران على جميع مفاصل الدولة العراقية بعد الغزو الأمريكي 2003، وفشل المنظومة الأمنية وقوات التحالف حينها في الحد من تدفق المقاتلين الأجانب إلى العراق، يتثير تساؤلات عن مدى نجاعة الخطط الأمنية التي تسببت بتمدد الجماعات المسلحة وزيادة نفوذها، ولا سيما تنظيم “القاعدة” ثم تنظيم “الدولة”.

– الانطلاق من بغداد

وبعد مسكها للملف الأمني في بغداد، أخذت إيران بتحريض شعوب المنطقة العربية على دول الخليج عبر منصات التواصل الاجتماعي وتصريحات المسؤولين، وتهديدها علناً بشن هجمات ضد مواقع حيوية، خصوصاً في الممكلة العربية السعودية والبحرين، وهو ما تقوم بتنفيذه على الغالب عناصر تابعة لتنظيم “الدولة”، الذي أصبح اليد الضاربة للحوثيين في اليمن ضد قوات التحالف العربي؛ بشنه هجمات ضد مواقع عسكرية خليجية راح ضحيتها أكثر من 40 عسكرياً إماراتياً، فضلاً عن استهدافه للمسؤولين في حكومة عبد ربه منصور هادي التي تقاتل لكسر انقلاب الحوثيين.

ويثير الاستهداف المستمر لمعظم دول العالم الإسلامي (كما هو موضح في الصورة المرفقة) من قبل التنظيم -عدا إيران- الشك حول ارتباط قيادات تنظيم “الدولة” وقبله القاعدة، وتوجيه عناصره بعدم تنفيذ أي “غزوة” كما يطلق على معظم عملياته العسكرية، داخل حدود “الجمهورية”؛ مقابل إيواء طهران قيادات التنظيم وعائلاتهم، وحمايتهم من أجهزة المخابرات الدولية، وفقاً لما كشفته قيادات في التنظيم مؤخراً.

– التزاوج مع طهران

كشفت بعض قيادات تنظيم “القاعدة”، منهم الحارس الشخصي لأسامة بن لادن، ناصر البحري، ومحمد العوفي قائد تنظيم القاعدة في اليمن، بالإضافة إلى منظّر التنظيم، سيد شريف، والمعروف بـ”أبي حفصة” المفتي السابق لتنظيم القاعدة، في مقطع فيديو نشر مطلع العام الجاري، عن الارتباط الوثيق بين قيادات التنظيم والمخابرات الإيرانية.

ولم يخفِ المسؤولون الإيرانيون علناً تدخلهم في شؤون دول الخليج وتحريضهم على العنف داخل المجتمعات المترابطة، حيث هدد رئيس مجلس الشورى الإيراني، علي لارجاني، في أغسطس/آب 2012 بسقوط دولة الكويت بعد سوريا، بقوله: “إذا سقطت سوريا فستسقط الكويت”، وهو ما نفاه مسؤولون إيرانيون لاحقاً للسفير الكويتي في طهران، مجدي الظفيري، إلا أن التصريحات دفعت المثقفين في دول الخليج إلى مواجهة خطر إيران وزعزعة أمن بلدانهم خصوصاً الكويت، لتقوم ما يعرف بـ”خلية العبدلي” بتفجير مسجد الصادق في 26 يونيو/حزيران عام 2015، الذي راح ضحيته 28 قتيلاً وأصيب 227 بجروح.

وخلية العبدلي تعتبر آخر الأحداث وأكثرها سخونة وتوتراً بين الكويت وإيران، حيث اتهمت الكويت دبلوماسيين إيرانيين، وعناصر تابعة لحزب الله، ضمن خلية العبدلي، مطالبةً وزارة الخارجية الإيرانية باتخاذ الإجراءات اللازمة ضد الأشخاص المعنيين؛ بسبب استهدافهم كيان الدولة والمصلحة العليا وزعزعة الأمن والاستقرار.

ولسد الطريق أمام النفوذ الإيراني أقدمت المنامة -بالتعاون مع باقي دول المجلس- على قطع أذرع إيران في البحرين، بعد أعمال العنف التي عصفت بالبلاد في العام 2011 بتحريض من المليشيات الموالية لها في المنطقة، ولا سيما من العراق، حيث كانت الحكومة الإيرانية تنظر إلى البحرين على أنها ولاية تابعة لها، ومنها تنطلق عملياتها نحو السيطرة على أمن الخليج، خصوصاً بعد استيلائها على الجزر الإماراتية الثلاث، التي لا تزال دول الخليج تخطط لاستعادتها.

ويرى مراقبون أن نشأة ما يعرب بـ”الإرهاب” في البلاد العربية، متمثلاً بنفوذ إيران وتنظيم “الدولة”، بدأ بعد الغزو الأمريكي للعراق في العام 2003، رسم ملامحه دستور وضعه الاحتلال، وأشرف عليه الحاكم المدني الأمريكي، بول بريمير، كرّس نظام المحاصصة الطائفية، أعقبه فراغ دبلوماسي عربي، فسح المجال أمام طهران لبسط نفوذها على جميع الملفات المهمة، والتحكم بقرارات الحكومات المتعاقبة، لتكون بغداد مركز عملياتها، إلا أن دول الخليج بدت أكثر وعياً بمشروع طهران بالمنطقة التي تتخذ من العراق منطلقاً له، وبدأت بمد جسور التواصل مجدداً مع الشعب العراقي، تجسد بعرض واشنطن إرسال قوات عسكرية خليجية لمحاربة “داعش”، بالإضافة إلى الزيارات المتواصل للسفير السعودي في بغداد، ثامر السبهان، للمحافظات العراقية، ويعزوه مراقبون إلى أن دول الخليج بدأت تزاحم طهران وتنظيم “الدولة” في العراق لتقليص نفوذهما، التي حتماً ستعود نتائجه إيجابياً على جميع المنطقة.

عن ALHAKEA

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*