جديد الحقيقة
الرئيسية / كتاب وآراء / قصة قصيرة (نصفي ونصفي الآخر)

قصة قصيرة (نصفي ونصفي الآخر)

عِندما تبدأ علاقتكِ بالأشياء والأشخاص من حولكِ تتضاءل… يضيق عالمكِ وتتسع المصائبُ في داخلكِ حتى تصل لمرحلة لا تدركين فيها علاقتكِ بالأرض… أهي تحملكِ أم انتي التي تحمليها؟
حينها فقط تبحثين عن شيء جديد… عن شخص آخر… ربما لا يمت لكِ بصلة ولا ينتمي إلى عالمكِ… ولا يشارككِ اي اهتمام آخر سوى ذاك الفراغ الداخلي الذي يطغى عليه وعليكِ…. تفكرين بالانتقام من هذا العالم… من شك العائلة… من سلطة الأب وقسوة المجتمع…. من خيانة الرفيق… ذاك الذي خان الثقة والأمانة وابتزّك في يوم ما بشيء يخصك … تفكرين بالانتقام من شخص بحب شخص آخر… ومن علاقة بعلاقة أخرى… تؤمنين بالصدفة التي تُغني عن ألف ميعاد… وتؤمنين به أكثر… لقد وجدتِ نصفك الآخر… وفتحتِ قلبك بعدما احكمت إغلاقه… ربما لأن( كثر الطق يفك اللحام) … لقد طرقه الكثيرون ولكن اللِحام تم فكّه الآن وربما في الوقت الخطأ ولشخص لا يستحقه… تبدأ العلاقة بصدفة مقصودة…. كذبة متعمدة… يسحبكِ إلى احضانه شيئا تلو الآخر… تسخرين من العالم بسعادتك.. تطيرين… ترقصين… العالم لا يتسع لفرحي… هكذا ترددين… تشهقين باسمه… تتغير صفاتكِ وشخصيتكِ للانصهار في شخصه… حتى يكون الخليط متجانسا بينكما… تحبين كل ما ينتمي له…. القراءة… الغناء…تشاركينه تفاصيل يومك بل تفاصيل التفاصيل… تحكي له كل شيء واي شيء يحدث لكِ… مستعدة انتي للتخلي عن العالم أجمع من أجله… لا فقط عن العائلة والأصدقاء والوطن… ولا تدركين انه كلما تعاظمت تضحياتكِ تعاظمت خسارتكِ…. كان الحلم أوله اشتياقا وكان وسطه لهفة وفي الجزء الثالث قد وقعتِ في جرم الحب المشهود…. هذه الأحلام فقط… ولكن اللقاء الكبير كان أكثر إيلاما لأنه الفيصل في علاقة إلكترونية عابرة بدأت بكذبة… بخدعة فكيف تودّين استمرارها؟ … كان كل شيء عاديا لأنه الحلم يا حلوة… كان الحب كحلم.. وفي الأحلام كل شيء يمكن أن يكون مُستباحا… ولكنه الواقع ذاك الذي كان أشد إيلاما… بعدما اعترف بعدم قدرته على مواصلة العلاقة… لأنك لم يفلح في تشكيل هيئتك… ولم تصارحه أحلامه وتصوراته منذ البداية بملامحك… الشكل كان صادما بالنسبة إليه… ومع أن الصورة وصلته يوما إلا أن هناك سوءا في الفهم…لا بل سوءا في الرؤية… عندما كان يحكي لك جرأته الأولى في الحب مع عشيقته … لم تعاتبيه على مدى وقاحته… عندما كان يحكي لك فشل علاقته السابقة في الحب لم تسأليه عن السبب ولم تتخيلي يوما أن تكوني مكانها… مستعدة انتي للانسلاخ عن ماضيك وحاضرك من أجله…ولكنه تركك غير آبه بحطامك…. غير مكترث بلملمة بعضه ، وإن كان على جرف نهر جاري، فالأمر لم يعد يهمه، لم تكوني نصفه… وإن كُنتِ فالالتئام بينكما لن يصل لحد الاندماج لأنه سيبقى هناك ذاك الشرخ الذي يجمع بين حدين… بين طرفين… ذاك الشيء الذي لا يرضيه. يتعذّر بأمور غير مقبولة، يقول بأنه لا يستطيع اسعادك… لا يريد أن يظلمك… لا يستحقك… مبررات في ظاهرها الإيثار والحب… في باطنها الأنانية… تفكرين بالانتحار…. دفن نفسك في عالم آخر… ثم تكتشفين بعدها بأنه ليس هناك من رجل يستحقكِ… وأن نفسك هي الأولى بالحب والرعاية…. تعودين لسابق عهدك… وتعود السعادة إليك ولا تعود أسبابها… لم يكن الأمر يستحق علاقة حب أخرى… وفشل آخر وفراق مؤلم حتى تكتشفي الأمر… كان كل ما تحتاجينه القليل من الهدوء والتريث في التفكير… ها قد عاد نصفكِ إليك ونصفك الآخر… لأنكِ من الأساس لم تكوني نصفا.

فوزية البدواوي

عن ALHAKEA

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*