بظهوره مؤخراً في موقع التفجير الشهير الذي وقع في حي الكرادة بالعاصمة العراقية وهو يتوعد بأخذ الثأر لضحايا التفجير الذي ذهب من جرائه المئات بين قتيل وجريح ومفقود، يعيد “أبو درع” الرعب من جديد للشارع العراقي، ولا سيما بغداد، التي كانت مسرحاً لنشاطاته “الإجرامية” قبل أعوام.
وذاع صيت “أبو درع” بين العراقيين في فترة العنف الطائفي، وبحسب ما يؤكد شهود عيان أنه كان يقتل الرجال بعد خطفهم، لا لشيء سوى للانتقام الطائفي، وكان من بين أسباب انتشار الجثث في الشوارع، وهو ما أعاد لذاكرة العراقيين تلك المشاهد “المرعبة”، بحسب قولهم.
وبعد أيام قليلة من وقوع التفجير الذي استهدف منطقة تجارية بحي الكرادة وسط بغداد، في 3-7-2016، ونفذ بسيارة ملغمة، موقعاً أكثر من 400 ضحية بين قتيل ومصاب ومفقود، بسبب الحريق الهائل الذي نجم عن التفجير وطال مجمعات تجارية، ظهر “أبو درع” برفقة أتباعه، السبت 9-7-2016، في مكان التفجير، وراح يهتف بعبارات تدل على أنه يسعى للانتقام.
وقال أبو درع، بحسب المقطع المصور الذي تابعه “الخليج أونلاين”، إن من وقعوا ضحايا هم أتباع علي بن أبي طالب، في إشارة إلى أنهم من الشيعة، لينبه بذلك إلى أن الشيعة مستهدفون بالقتل، طالباً من الحاضرين أن يقدموا العزاء لعلي بن أبي طالب، قائلاً: “عزوا الإمام علي بن أبي طالب بدماء الشهداء”، مشدداً بالقول على أن “هؤلاء (الضحايا) كلهم شيعة علي”، ثم أردف قائلاً: “دمنا (نحن الشيعة) صار يسيل في الشوارع”.
ويسود الشارع العراقي -منذ ظهور “أبو درع”- الخوف من عودة الاقتتال الطائفي، بحسب ما توضح لـ”الخليج أونلاين”.
إذ أكد سكان من بغداد أنهم يستعدون لترك العاصمة العراقية، فيما تشير أرقام مكاتب السياحة والسفر إلى ارتفاع أعداد الحجوزات في الأيام القليلة الماضية، وأن أغلب المسافرين يتجهون إلى إقليم كردستان (إقليم شمال العراق)؛ وذلك لكونه يتمتع بالأمان.
– زرقاوي الشيعة
في عام 2006 شن أبو درع ومليشياته هجمات منظمة على الأحياء السكنية السنية، وهو ما أكسبه لقب زرقاوي الشيعة، في إشارة إلى أبو مصعب الزرقاوي، زعيم تنظيم القاعدة في العراق آنذاك، ومنها برز أبو درع كأحد رموز الحرب الأهلية حينذاك.
وغاب اسم أبو درع عن الساحة بعد إصدار زعيم “التيار الصدري”، مقتدى الصدر، بياناً أعلن فيه طرده من صفوف “جيش المهدي”، ورفع ما وصفه بـ”الحصانة” عنه؛ لثبوت تنفيذه جرائم قتل وتطهير طائفية.
وقد تمكنت القوات الأمريكية من اعتقاله بعد ذلك، وأودع السجن، وأطلق سراحه مطلع العام 2010 في عهد حكومة نوري المالكي، واستقر الحال به في إيران طيلة الفترة الماضية، وعاد منها في 2014، وظهر برفقة مليشيات في بغداد، دون أن يكون له بروز، حتى خرج ليلة السبت الماضي، في الكرادة ببغداد، معلناً بشكل واضح أنه عائد بقوة للعمل كقائد مرعب في صفوف المليشيات.
في لقاء سابق أجرته “رويترز” مع أبو درع، من منزله في مدينة الصدر شرق العاصمة بغداد، يقول إنه يجب ملاحقة مرتكبي الجرائم، ويضيف: “إذا لم تكن قادراً على ذلك فإننا نستطيع، سنعيد الحقوق”، في إشارة إلى أنه يستطيع فعل ما لا تستطيعه الحكومة العراقية.
– موجود بأمر الصدر
وفي معرض دفاعه عما قام به من عمليات قتل إبان الحرب الأهلية في العراق بين عامي 2006-2007، قال أبو درع، إنه لم يعتقل أو يقتل إلا الإرهابيين، وإنه كان يفرج عن الأبرياء، أو أولئك الذين لم تتلطخ أيديهم بدماء الأبرياء، على حد تعبيره.
وفي ذلك دليل واضح على أنه كان يختطف، ويقتل من يشاء، ويفرج عمن يشاء.
يبلغ أبو درع، أو إسماعيل حافظ اللامي، كما تشير هويته المدنية، من العمر 58 عاماً، وهو صاحب صوت أجش، ومعروف بزيه الأسود الذي قلما يغيره، وينتظر إشارة من زعيم التيار الصدري لمعاودة حمل السلاح مرة ثانية، مشيراً إلى أن الصدر وضعه في بغداد لحمايتها في حال تعرضها لأي هجوم من قبل تنظيم “الدولة”.
يقول أبو درع: “إذا قال لنا الصدر اخرجوا فسنخرج، وإذا قال لنا عودوا فسنعود”.
ومقتدى الصدر زعيم التيار الصدري، ظهر عقب الاحتلال الأمريكي للعراق كزعيم شيعي شاب، وقاد الآلاف من المقاتلين الشيعة الذين خاضوا معارك محدودة ضد الأمريكيين، في حين شنت تلك المليشيات هجمات منسقة على مساجد ومناطق سنية ببغداد عقب تفجيرات سامراء عام 2006.