كشفت صحيفة “تليجراف” البريطانية عن أن منفذ الهجوم الإرهابي الذي أسفر عن مقتل 84 شخصًا في مدينة نيس الفرنسية، قد حوّل مبلغًا ماليًّا كبيرًا إلى أسرته قبل أيام من تنفيذه الجريمة؛ ما يفتح التكهنات حول علاقات الرجل ومن يقف خلف ارتكابه للجريمة.
وقالت الصحيفة، في تقرير نشرته السبت (16 يوليو 2016)، إن محمد لحويج بوهلال حوّل 84 ألف جنيه إسترليني (نحو 110 آلاف دولار) إلى حساب شقيقه في تونس قبل أيام من تنفيذه العملية.
وقال جابر شقيق المهاجم البالغ من العمر 31 عامًا، إن أخاه كان في العادة يحول مبالغ بسيطة إلى عائلته في تونس على غرار معظم التونسيين العاملين في الخارج، إلا أن المبلغ الذي أرسل أخيرًا يعد “ثروة”؛ الأمر الذي فاجأ العائلة.
وتابع جابر، في تصريحات لشبكة “سي إن إن”: “محمد كان طفلًا ذكيًّا، تميز في دراسته الابتدائية وكذلك في الثانوية، نجح في اجتياز امتحان البكالوريا بمعدل جيّد مكنه من دخول كلية الهندسة ليواصل تقدمه في دراسته، لكنه قبل سنة من التخرج انقطع عن الدراسة، واختار أن يغيّر وجهته إلى خارج البلاد، ففضّل مدينة نيس الفرنسية؛ حيث يوجد العديد من أصدقائه وأقاربه، وهناك بدأ حياته العملية سائق شاحنة ثقيلة”.
وأضاف جابر: “منذ الصغر، كان أخي يحب أن يكون لديه أموال كثيرة؛ لذلك ذهب إلى فرنسا للعمل والكسب السريع. هناك تحصّل على عمل جيّد، وتحسنت ظروفه، فتزوج ابنة خالتي المقيمة بدورها في مدينة نيس، ليرزقه الله بعد ذلك 3 أبناء. حياته كانت تبدو مستقرة، منذ 3 سنوات لم يأتِ لزيارتنا، لكنه في تواصل دائم معنا”. وأضاف جابر أن آخر تواصل مع أخيه كان في صبيحة يوم الحادث عندما اتصل به هاتفيًّا ليخبره أنه أرسل إليه هاتفًا ذكيًّا مع أحد أصدقائه الذي سيعود إلى عائلته في مدينة مساكن.
وأكد جابر أنه لم يلاحظ أي تغيير في طريقة كلام شقيقه، وقال: “لم يستعمل أي عبارات دينية تجعلني أشك في تحوّل سلوكه، لم يكن مرتبكًا. لقد كان عاديًّا وحديثه معي لا يدل على أنه كان يخطط لنوايا سيئة؛ لذلك لن أصدق أن يكون أخي هو مجرم هجوم نيس.. لا يمكن أن يفعل ذلك، حتى من باب المزاح”.
وتزيد هذه الشهادة الغموض والشكوك بشأن الرجل الذي قاد شاحنة لمسافة نحو كيلومترين، وهو يقتل دهسًا عشرات المدنيين؛ منهم أطفال ونساء، خلال احتفالهم بعيد الثورة الفرنسية في نيس الواقعة في الريفيرا الفرنسية.
لكن في الوقت نفسه، قالت شقيقته فاطمة، إنه كان مصابًا بالاكتئاب في الفترة الأخيرة، ويعاني من أزمات نفسية، ويتعاطى المخدرات ويتناول الكحول وغير متدين، ولم يمارس يومًا طقوس العبادة من صوم وصلاة.
خلال السنوات الأخيرة التي لم يعد فيها إلى البلاد، تغيرت حياة محمد، وأصبح يعيش في حالة من عدم الاستقرار، ودخل في مشكلات عائلية ومادية، بحسب فاطمة التي قالت: “كنا نتساءل عن سبب تخلي محمد عن العودة إلى البلاد، وعائلته كانت تقول إنه يعيش في مشكلات مع زوجته التي طلبت الطلاق بسبب تعنيفه المتواصل لها وعراكهما المتكرّر، ثم سمعنا في الأيام الأخيرة أنه فقد عمله بعد حادثة قام بها”.
وبالإضافة إلى الشكوك التي تثار عن مصدر حصول بوهلال على هذا المبلغ، والتناقض في شخصية الرجل الذي كان يعمل سائق شاحنة؛ جاءت تصريحات المسؤولين الفرنسيين لتضع مزيدًا من علامات الاستفهام حول الهجوم.
فرئيس وزراء فرنسا “مانويل فالس” قال -في تصريحات نُشرت الأحد- إن الرجل “تطرف بسرعة”، وكان على علاقة بالتطرف، إلا أن وزير الداخلية الفرنسي نفى وجود صلات بين المهاجم والمتشددين.
وترافق تضارب التصريحات بشأن انتماءات منفذ الهجوم الذي تبناه تنظيم داعش مع اتهامات للشرطة والداخلية بالتقصير في حماية المدنيين، لا سيما أن الشاحنة سارت كيلومترين عبر حشود ضخمة قبل وقفها، وهو ما يثير كثيرًا من علامات الاستفهام، ويضفي مزيدًا من الغموض حول دوافعه لارتكاب الجريمة