قد يكون معظمنا تعرض لموقف غريب مؤخرا لاحظ فيه أشخاصا تجري خلف شيء تبحث عنه وتسأل أين يختبئ فنتساءل ما بال هؤلاء وما الذي يشغلهم لهذه الدرجة لتتلاشى بعد ذلك حيرتنا عندما نعلم ان الأمر لا يعدو كونه لعبة غزت العالم بشكل غير مسبوق وباتت الشغل الشاغل للعديد من محبي المغامرات الى حد انها سيطرت عليهم.
إنها لعبة (بوكيمون غو) التي تثير جدلا واسعا من حولها الى حد ان البعض يحذر من خطورتها سواء على الخصوصية أو على الأمن.
وتستند هذه اللعبة الى اللعبة الأم (بوكيمون) التي أطلقتها شركة (نينتندو) في تسعينات القرن الماضي وحازت في حينها على شعبية كبيرة.
وفي النسخة الجديدة (بوكيمون غو) التي أنشئت على الأجهزة الذكية يتم الطلب من اللاعبين البحث عن وحوش الرسوم المتحركة الافتراضية (بوكيمون) في أمكنة معينة تكون حقيقية ومن هنا نرى الناس يتنلقون من مكان الى الآخر في محاولة لايجادها.
وتصدرت هذه اللعبة قوائم تحميل الألعاب في كل من الولايات المتحدة وأستراليا ونتج عنها حالة جنونية غير مسبوقة لدى اللاعبين ولا سيما الشباب منهم الذين يذهبون الى أي مكان لرصد (البوكيمون) ضمن الحدود الجغرافية للبلد الذي يقيمون فيه.
وعلى سبيل المثال إذا كان البوكيمون من نوع المياه فإنه يمكن العثور عليه في البحر أو قرب الصخور أو الأرض بالقرب من الصحاري وعلى العشب في الحدائق أو المساحات الخضراء.
وبالتقاطهم للبوكيمون يكسب اللاعبون نقاط خبرة تؤهلهم للوصول إلى مستويات أعلى كما ان لديهم خيار الانضمام الى واحد من ثلاثة فرق في اللعبة ما يسمح لكل لاعب بغزو الصالات الرياضية التي يتم وضعها بشكل عشوائي في البيئة والتنافس مع الفرق الأخرى.
(بوكيمون غو) لعبة جهاز نقال مجانية تعتمد على الواقع المعزز بالموقع وتم تطويرها من قبل شركة (نيانتيك) التي أطلقتها في يوليو 2016 على الأجهزة التي تعمل بنظامي (آي.أو.أس) و(أندرويد).
وفي الولايات المتحدة وحدها هناك ما يصل الى 55ر9 مليون مستخدم نشط للعبة وهو ما يتجاوز عدد المستخدمين النشطين لموقع (تويتر) كما يتوقع أن يتجاوز عدد اللاعبين أعداد مستخدمي كافة وسائل التواصل الاجتماعية.
وتتضمن اللعبة العديد من المبادئ التوجيهية التي سيحتاج أي لاعب جديد الاطلاع عليها ومنها التأكد من ارتداء الأحذية المناسبة والتي يفضل أن تكون أحذية رياضية أو أحذية مخصصة للمشي مع التخلص من الجوارب القطنية حيث ان القطن يمتص النداوة كما يجب وضع حماية واقية من الشمس.
ومن بين أهم النصائح أثناء استخدام هذه اللعبة وضع النظارات الشمسية لحماية العينين من الأشعة فوق البنفسجية وشرب الماء وخاصة خلال فصل الصيف للحماية من الجفاف فضلا عن البقاء على بينة من المناطق المحيطة.
أما في الكويت فيبدو ان هذه اللعبة تواجه رفضا من بعض الجهات حيث أصدرت وزارة الداخلية الكويتية بيانا حذرت فيه من انها لن تتهاون في تطبيق القانون على من يباشر تصوير مواقع ومنشآت حيوية محظور تصويرها كالقصور الأميرية أو المواقع الحكومية والأمنية والعسكرية أو المنشآت النفطية وغيرها من دور عبادة ومساجد ومراكز تسوق أو قواعد ومنشآت أمنية.
وحذر وكيل الوزارة الفريق سليمان الفهد في البيان من مغبة التعامل مع لعبة (بوكيمون غو) أو أي ألعاب أخرى مشابهة والتي انتشرت بين أوساط الشباب والمراهقين لما تشكله من عواقب وخيمة لا يحمد عقباها عليهم.
بدورها حذرت وزارة المواصلات الكويتية مستخدمي الهواتف الذكية من المواطنين والمقيمين من الانجرار إلى تحميل (بوكيمون غو) التي انتشرت في معظم دول العالم مؤخرا لاحتمال تسببها بأخطار لمستخدميها.
وقال وكيل الوزارة المهندس حميد القطان في تصريح صحافي ان الوزارة تبحث مع هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات سبل الحماية من مثل هذه الألعاب والتطبيقات التي قد تتسبب في الضرر لمستخدميها بصفة خاصة والمجتمع بصفة عامة.
كما رأى القطان ان مستخدمي هذه اللعبة ربما يكونون عرضة للخطر ولحوادث الطرق نتيجة انشغالهم باللعبة خلال القيادة في الشوارع او خلال عبور الطرقات ما يعرض حياتهم للخطر.
لكن ما رأي أهل الاعلام في (بوكيمون غو)؟ يقول أستاذ الإعلام في جامعة الكويت الدكتور خالد القحص لوكالة الانباء الكويتية (كونا) خلال تعليقه على الظاهرة الجديدة أن هذه اللعبة تشبه الألعاب الأخرى التي تظهر بين الحين والآخر لتعود فيتراجع الطلب الكثيف عليها مع الوقت.
وأضاف القحص أنه تم استغلال اللعبة لسبب تجاري واحتلت أيضا العالم الافتراضي معتبرا انها ما كانت لتنال هذه الشعبية الواسعة لو لم تشكل وسائل التواصل الاجتماعية حاضنة كبيرة لها.
من جهته أجاب الدكتور سعود عبدالعزيز الغانم من قسم علم النفس في جامعة الكويت على سؤال ل(كونا) حول التأثير النفسي والسلوكي على مستخدمي لعبة (بوكيمون غو) فأشار الى ان اللعبة تدخل الشخص في عالم افتراضي وبذلك فهو ينفصل عن واقعه الحالي ليجري وراء صور تظهر على شاشة جهازه فقط ما يترتب عليه عدم اتخاذ قرارات واعية بسبب الاندماج في لعبة خيالية.
وعن المخاطر الاجتماعية التي قد تنشأ لدى استخدام اللعبة لفت الدكتور الغانم الى ان أهم المخاطر هي العزلة الاجتماعية التي تنجم عن انشغال الذهن في البحث عن شخصيات اللعبة التي تتغير وتتراوح صفاتها بطريقة جذابة وهو ما يسبب عزوفا عن مواجهة الحياة والهروب الى العالم الخيالي والانسحاب من حل المشكلات.
لكن وفي ظل ما تقدم ومع حرارة في الكويت التي تتجاوز 50 درجة في الظل لا يبدو ان اللعبة ستكون جذابة الى هذا الحد بالنسبة للاعبين حيث ان توجه الشباب الى الشوارع والمساجد ومراكز التسوق والبحر للبحث عن المخلوقات قد يسبب لهم أضرارا غير مرغوب فيها.
لعبة (بوكيمون غو) لم تنتشر كثيرا في دول الخليج العربي وقد يكون البعض القليل قام بتحميل التطبيق الا ان السلطات في دولة الإمارات العربية المتحدة نبهت المستخدمين إلى وجوب توخي الحذر أثناء مطاردة المخلوقات الرقمية.
ولأن اللعبة تطلب من هاتف المستخدم نقل موقعه عبر نظام تحديد المواقع العالمي (جي.بي.اس) واستخدام الكاميرا الخاصة به قامت هيئة المنظمة للاتصالات في دولة الإمارات العربية المتحدة بالتحذير من أن اللعبة تنتهك الخصوصية الفردية ويمكن أن تدفع “المجرمين” الى نشر الفيروسات.
في الختام يجدر القول ان لعبة (بوكيمون غو) تتميز بسحر معين فهي قلبت العالم الافتراضي رأسا على عقب واجتذبت ملايين الأشخاص من كافة أنحاء العالم الذين انكبوا عليها بحماسة كبيرة رغم أن هناك آلاف الألعاب الافتراضية التي لم تحصل على مثل هذه الشعبية.