” مسرح الكلمات “
رسالة إلى روح جبران
جبران .. أيها الشاعر والرسام جبران خليل جبران، أيها المبدع المتحلل في كفنه، عليك أن تعرف قبل أن أتحدث معك أنني لم أتحدث مع رجل غريب أبدا مات منذ سنوات طويلة جدا، ولكن يجب أن أوجّه إليك اليوم كلمات قليلة على هذه الورقة.
فأنت من أوصى أن يكتب على قبرك: «أنا حي مثلك، وأنا واقف الآن إلى جانبك؛ فاغمض عينيك والتفت؛ تراني أمامك.» وأراهن أن الكثير التفت نحوك، لكن لم يجرأ على سؤالك أو يطلب منك إجابات صريحة.
عموما .. أعرّفك بنفسي، أنا امرأة ولدت بنفس اليوم الذي ولدت أنت فيه ولكن تفصلنا سنوات طويلة جدا، نتشابه في أمور خاصة في حياتنا رغم تباعد السنوات والحدود والظروف والبيئة. ونتفق على أشياء، حيث يجمعنا فكر وقلم وربما أيضا .. ألم.
أتساءل أحيانا .. أين تركت بقايا فكرك، في أي أفق أو سماء تتجول قصائدك ولوحاتك التي لم ترسلها للكون؟ كان لك فن ولغة فلسفية موسيقية لم يتحداك أحد إلا غلبته، كتبك ما زالت مرجعا لكل عشاق الأدب والمفكرين والنقاد، ولوحاتك ما زالت معلقة في متحف خاص بك.
أتساءل .. ما الذي كان يجب عليك أن تقوله ولم تقله؟ أو تكتب عنه وانتهت أيامك دون أن تدونه في كتبك؟ ففرسان الكلمة أبدا لا يترجلون عن جيادهم حتى وإن رأوا أن الرحلة قاربت على النهاية.
أيها المهاجر .. الذي غاب طيفك في فراغ، لي سؤال آخر أرجو أن أثير به وجعك، أين تركت بقايا حبك ؟ لمي التي لم تلتق بها؟ أليس من المؤسف أن يستمر الحب سنوات دون أن تتحديا ذلك الحاجز؟ أتكفي صورة معلقة تنظر إليها كل يوم؟ هل تعتقد أنها ستغفر لك بعدد الدموع التي سكبتها على رحيلك المفاجئ، أي حزن خلفته من بعدك؟
أيها الأديب الفيلسوف، آسفة لأنني في أسئلتي هذه سأوقظ في روحك ألما لم يشف، ولكن لا شك أن هناك إجابات وعلامات ممكن أن تدلنا على جزء مخفي من حياتك، كذاك النبي الذي تركته يتجول بين الناس كالمعلم المستنير.
اسمح لي الآن، سأترك القلم جانبا، يبدو أن بعض الجراح عميقة.
انوار التنيب