شغلت إيران للسنة الثالثة على التوالي دون منازع الموقع العالمي رقم واحد في مؤشر بازل السنوي لمكافحة غسل الأموال.
وحدد المؤشر عام 2016 إيران كأعلى بلد في العالم من ناحية مخاطر غسل الأموال، من بين 149 بلداً شملتها الدراسة الاستقصائية المتخصصة في رصد مخاطر غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وهذا هو الإصدار السنوي الخامس لمؤشر بازل في هذا المجال.
وهذه أول 10 دول صنفها مؤشر بازل ضمن الأعلى في غسل الأموال، وعلى رأسها إيران.
وفي يناير/كانون الثاني الماضي، رفعت واشنطن ودول أوروبية العقوبات التي تتصل ببرنامج طهران النووي، حيث شمل رفع العقوبات الصادرات النفطية، والتعاملات المالية.
إلا أن طهران ما تزال مدرجة على لائحة عقوبات أمريكية وأوروبية في مجالات أخرى، ولا سيما الاتهامات الموجهة لها بدعم الإرهاب، وسجلها في انتهاكات حقوق الإنسان. فرغم الاتفاق النووي يرد اسم إيران والمليشيات المسلحة الموالية لها في المنطقة، وعلى رأسها حزب الله اللبناني، في معظم تقارير غسل الأموال وتمويل الإرهاب.
ويقول مختصون إن المصارف الإيرانية تُدار بصورة سيئة جداً، وهي مُسيَّسة، وتفتقر إلى الشفافية، وهي علامات تحذير كافية حول درجة مخاطر المصارف الأجنبية في غسل الأموال وتمويل الإرهاب.
وهذا الرسم يوضح الأسباب التي يمكن أن تؤدي إلى تصنيف الدول ضمن تلك التي تنفذ عمليات غسيل أموال.
والحرس الثوري هو القوة الدافعة وراء البرنامج النووي الإيراني، ولا تزال أنشطته في مجال غسل الأموال، وكذلك أنشطته العسكرية في الخارج، محل عقوبات دولية واسعة النطاق.
وارتبط غسيل الأموال ارتباطاً وثيقاً بالدولة الإيرانيّة وتصاعدت نشاطاته من خلال مؤسسات الحرس الثوري الإيراني وشركاته الوهمية، التي يعمل على تمويلها في دول العالم من خلال تصنيفها على أنها مراكز ثقافية ومدارس مذهبية رسمية، والتي تهدف بالأساس إلى تزويد الخلايا والجماعات الموالية بالدعم لتوسيع مشاريعها التوسعية الطائفية.
وقبل الصفقة النووية كانت إيران معزولة إلى حد كبير عن النظام المصرفي الدولي، ولم تواكب القواعد الجديدة الصارمة لمنع غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وساهمت العقوبات في تحوّل الحرس الثوري إلى قطاع رأسمالي ضخم يمتلك كبرى المؤسّسات والشركات والمصارف داخل إيران وخارجها، وانتهز فرصة العقوبات متذرّعاً بالالتفاف عليها فضاعف قدراته الاقتصادية لتشمل مختلف المجالات التجاريّة؛ بما في ذلك الأنشطة غير الشرعية.
وأبقت مجموعة العمل المالي (FATF) (هيئة حكومية دولية)، في يونيو/حزيران الماضي، إيران على قائمة البلدان عالية الأخطار بشأن غسل الأموال. وممّا يزيد من عزوف المؤسسات الدولية عن التعامل مع إيران خوفها من النفوذ الكبير الذي يتمتع به الحرس الثوري في الاقتصاد الإيراني.
ودعا بيان المجموعة كل دول العالم “لمواصلة الإيعاز لمؤسساتها المالية بتعزيز الفحص للعلاقات التجارية والمعاملات” مع إيران. وجاء إعلان المجموعة بالتزامن مع تصريح المساعد الأول للرئيس الإيراني، إسحاق جهانغيري، قائلاً: إن “الفساد المنظم بات ينخر عظم النظام في إيران”.
وكشف جهانغيري عن تهريب 22 مليار دولار من الخزانة الإيرانية، في غضون 18 شهراً، إلى دول خارجية وبيعها في أسواق خارجية، موضحاً أن الحكومة رصدت مصير سبعة مليارات منها، من دون العثور على شواهد حول مصير الأموال الأخرى.
وكانت طهران سعت بقوة للحصول على الدعم من أجل رفع اسمها من القائمة السوداء، وتشتكي من أنها لا تحصل على الفائدة الاقتصادية التي تلقت وعوداً بها خلال مفاوضات العام الماضي حول الاتفاق النووي مع ست قوى دولية كبرى.
وفي مايو/أيار الماضي، أطلقت منظمة أمريكية حملة إعلامية ضخمة تحذر شركات عالمية من أخطار اقتصادية وسياسية للاستثمار في إيران؛ بدعوى أنها ما زالت تسري عليها العقوبات المصرفية والمالية، بالإضافة إلى عقوبات لرعايتها الإرهاب، وقد ضمت المنظمة الأمريكية، التي أطلقت على نفسها اسم “متحدون ضد إيران النووية”، مسؤولين ومشرعين سابقين من كلا الحزبين الجمهوري والديمقراطي، بالإضافة إلى شخصيات أوروبية.
وبدوره قال وزير الخارجية الإيطالي السابق، جوليو تيرزي، وهو مسؤول في المنظمة، إن الجانب الأوروبي يبدي حيال الاستثمار في إيران حذراً أكبر ممّا كان عليه بعد إبرام الاتفاق، مشيراً، في تصريحه للحياة الشهر الماضي، إلى أنه “لا يمكن التعامل مع إيران بوصفها شريكاً كاملاً وهي تجري تجارب صاروخية، وتدعم مليشيات مسلحة في المنطقة، كما تخضع لعقوبات أمريكية، وأخرى من مجلس التعاون الخليجي”.
ووفقاً لعبد المهدي أرجماند نيجاد، نائب محافظ البنك المركزي الإيراني لشؤون مكافحة غسل الأموال، فإن بعض المنظمات في هذا البلد لا تخضع لهذا القانون، وإن المجلس الأعلى للأمن الوطني الإيراني هو الذي يُقرر من هو إرهابي.
ويقع عبء الإثبات على إيران في إظهار أن هذه المخاوف لا أساس لها من الصحة، لكن تحركات مليشياتها على الأرض وفسادها المالي يعقدان من إمكانية ذلك.