إن الشعور الجميل الذي يغمرك فور انتقالك من حرارة الجو في الخارج الى البرودة الجميلة التي يقدمها مكيف الهواء قد تبدو رائعة في البداية، ولكن الحقيقة أن مكيف الهواء يعمل ضد نظام الجسم البشري ويحبسنا في دورة من التبريد الصناعي.
يقول عالم البيئة ستان كوكس، مؤلف كتاب “فقدان البرودة: حقائق غير مريحة عن عالم الهواء المبرد صناعيا”: “إن تكييف الهواء ينتج حاجة للمزيد من تكييف الهواء”
ويرى كوكس أن تشغيل مكيفات الهواء يطلق 100 مليون طن من ثاني أكسيد الكربون كل عام وكمية أكبر من الهايدروفلوروكاربون الذي يعمل على زيادة مشكلة الاحتباس الحراري والتراكم في هذا الغاز يؤدي إلى فصول صيف أكثر حرارة – فقد كانت آخر 6 فصول صيف الأكثر حرارة منذ 120 عاما.
لذلك، عندما تحاول التغلب على الحر من خلال تشغيل مكيف الهواء، فأنت في الحقيقة تزيد الأمور سوءا.
ومن الجدير بالذكر أن أجسادنا تتأثر أيضا بنظام تبريد الهواء؛ ما يجعلنا نشعر أن أيام الصيف الحارة قد أصبحت أكثر حرارة.
إن درجة الحرارة المريحة والمناسبة لنا متغيرة بناء على ما اعتدنا عليه.
وهذا يفسر اللغز وراء شعورنا بالراحة عندما يأتي يوم ربيعي بدرجة حرارة 20 مئوية بعد شتاء بارد، ولكننا نسارع الى ارتداء معاطفنا عندما يأتي يوم بدرجة حرارة 20 مئوية بعد فصل صيف حار.
يقول كوكس: “إذا قمنا بتعريض أجسامنا الى المزيد من الدفء فسوف نشعر بالراحة أكثر في درجات حرارة أكثر دفئا”.
المشاكل الصحية
ويمكن لتكييف الهواء أن يجعلنا بلداء أيضا.
وذلك لأن هرمون الكورتيزول الذي يفرزه الجسم عند الاستيقاظ من أجل تنشيط الجسم يتم إفرازه بعد ساعتين من الاستيقاظ عند الأشخاص الذين يعيشون تحت رحمة مكيفات الهواء طوال اليوم كما اكتشفت دراسة يابانية.
أما المشاكل الصحية التي يمكن أن تتسبب بها أنظمة التبريد فهي مخيفة إلى حدا ما، حيث يمكن لوحدات التكييف التي لا يتم تنظيفها بشكل دوري ان تصبح وسطا مناسبا لتكاثر البكتيريا والعفن الاسود والفطريات التي يمكنها تدمير صحتك اذا ما أصبحت تنتقل عن طريق الهواء.
وإذا ما عدنا بذاكرتنا الى الوراء نستطيع أن نستذكر كيف كان نظام التكييف في فندق جنوب برونكس مسؤولا عن تفشي مرض الفيالقة القاتل الصيف الماضي؛ ما أدى إلى مقتل 12 رجلا.
وعلى الرغم من أن هذه الحالة متطرفة نوعا ما – إلا أننا نسمع عن الكثير من الناس الذين يعتقدون أن تكييف الهواء هو السبب وراء مضاعفة أعراض الحساسية او الربو لديهم أو تجفيف أعينهم او التسبب بالصداع والشعور بالتعب بشكل عام.
هؤلاء الاشخاص ليسوا متوهمين، فقد أظهر العلم أن الأشخاص الذين يعملون في المباني المكيفة يشكون من هذه الأعراض أكثر من غيرهم.
يقول كوكس: “إن الأشخاص الذين يعملون في المكاتب المكيفة يزورون الأطباء أكثر من غيرهم ويبقون في المستشفيات لمدة أطول. يبدو أنهم يتمتعون بصحة أضعف نوعا ما مقارنة بغيرهم”.
ماذا يجدر بنا أن نفعل إذا؟ يمكن للأشخاص الذين يعيشون في الضواحي أن يفتحوا نوافذهم أكثر ليسمحوا بمرور الهواء وبتهوية أفضل وأن يقوموا بزراعة المزيد من الأشجار في ملكياتهم لزيادة نسب الظل.
ولكن سكان المدينة قد يجدون أنفسهم محصورين في مكاتب مكعبة وشقق لا يمكن تبريدها بشكل طبيعي، ولكن يمكنهم فتح نوافذ إضافية او استعمال المراوح عندما ترتفع درجات الحرارة.
وستكتشف مع الوقت وبعد تحملك ليومين أو ثلاثة من الحر أن جسدك قد تأقلم وأصبح اكثر قدرة على التحمل.