تدخل السلطتان خلال الأيام المقبلة في اختبار جاد، لبحث كيفية الخروج برأي دستوري وقانوني محكم، حتى لا تقع في اي قرارات خاطئة بشأن الإجراءات المهيئة للانتخاب، بما يستتبعه ذلك من صدور مرسوم الدعوة للانتخابات المقبلة، حتى لا يكون مجلس الإمة الجديد تحت طائلة بطلان المحكمة الدستورية.
وفي ظل المشاورات، التي تجرى بين الجانبين للوصول الى توافق حول أنسب ميعاد لإجراء الانتخابات المقبلة، طفت على السطح ثلاثة سيناريوهات، إما «أن يستكمل المجلس مدته الدستورية، على أن تجرى الانتخابات خلال الستين يوما التالية على فض الفصل التشريعي»، أو «حل المجلس قبل انتهاء مدته الدستورية بأيام»، أو «اللجوء لخيار ثالث، وهو عدم صدور مرسوم الدعوة للانتخابات ليحق للمجلس الحالي العودة للانعقاد ومن ثم حله».
وكشفت مصادر مطلعة أن هناك دراسة دستورية، بشأن التوفيق بين مدة مجلس الأمة الحالي، ومواءمة موعد اجراء الانتخابات لمجلس الأمة الجديد من دون الإخلال بالمادتين الدستوريتين ٨٣ و٨٧، خاصة أن مجلس الأمة الحالي عقد أول اجتماع له بتاريخ 6 أغسطس في عام 2013، وتنتهي مدته في 6 أغسطس من العام المقبل، وبهذا يكون موعد إجراء الانتخابات غير ملائم، وعليه تم اقتراح موعد إجرائها في أواخر سبتمبر او بداية أكتوبر عام 2017. وأوضحت المصادر أن الحكومة تدرس اي الخيارات الأصوب لتحصين العملية الانتخابية المقبلة من أن تعتريها شبهة دستورية ترتب التزاماً بالنصوص الدستورية، التي نصت على عدم جواز الانتقاص من مدة الأربع سنوات، الى جانب عدم الاخلال بالمواعيد المحددة دستوريا، متساءلة: اي من الخيارات ستأخذ بها الحكومة؟ وما هي الآثار المترتبه على هذا الامر؟
تساؤلات مشروعة
وفي هذا السياق، قال مراقبون ان هذه المسألة تحتاج اجابة واضحة على تساؤلات مشروعة، كيف ستتمكن الحكومة من التوفيق بين شرط استكمال الأربع سنوات، وهي مدة مجلس الأمة، والمقررة بالدستور، وإجراء انتخاب مجلس أمة جديد في الميعاد الدستوري.
وأضاف المراقبون: «هناك آراء واجتهادات عدة طرحت حول هذه المسألة ضمن مذكرات قانونية، سواء من جانب الخبراء الدستوريين والقانونيين بمجلس الأمة، أو من الحكومة، وذلك خلال المشاورات النيابية الحكومية، للوصول إلى اتفاق حول هذة المسألة من دون الاخلال بالجانب القانوني والدستوري».
طلب الحكومة
الجدير بالذكر أن القرار التفسيري، الصادر عن المحكمة الدستورية بتاريخ الثاني من فبراير ٢٠٠٣، بشأن طلب الحكومة آنذاك تفسير نصوص المادتين ٨٣ و٨٧ من الدستور، تضمن وجوب التقيد بالمدة المحددة لعمر الفصل التشريعي لمجلس الأمة، الذي نصت عليه المادة 83 بأربع سنوات غير قابلة للنقصان.
وأكدت المحكمة الدستورية، في قرارها التفسيري لنص المادة ٨٣، أن مدة مجلس الأمة محددة بأربع سنوات، يبدأ حسابها من تاريخ أول اجتماع للمجلس بعد انتخابه، وتنتهي تلك المدة بانقضائها.
وأوضحت المحكمة في قرارها التفسيري وجوب التقيد باستكمال المجلس لمدته المحددة، وإجراء الانتخابات في الموعد الدستوري الوارد في المادة ٨٣ من دون الانتقاص من مدة المجلس. ويري المراقبون أن المحكمة الدستورية أوضحت أن حساب تاريخ مدة المجلس إنما يكون بانقضاء مدة الأربع سنوات من تاريخ أول اجتماع له، طبقا لصريح نص المادة ٨٣، وليس من تاريخ فض دور انعقاده، لافتين الى أن مجلس الأمة الحالي عقد أول اجتماع له بتاريخ السادس من أغسطس لعام ٢٠١٣، وبهذا تنتهي مدته في السادس من اغسطس من ٢٠١٧.
وأضافوا: «ان المحكمة الدستورية اشارت في قرارها الى أن في المراسيم الصادرة بدعوة الناخبين للانتخاب، ودعوة مجلس الأمة للاجتماع في دور الانعقاد الاول للفصل التشريعي الاول حتى الفصل التشريعي التاسع، ما يقيم عرفاً دستورياً يعتد به على خلاف ما استظهرته من نص المادة ٨٣».
وأشار المراقبون الى أن هذا التفسير الدستوري أكد أن عبارة «يجرى التجديد خلال الستين يوماً السابقة لانتهاء مدة اي مجلس»، هو مفادها ألا يكون من شأن إجراء التجديد الانتقاص من المدة المحددة للمجلس، مبيناً أن الفهم الصحيح لعبارة «ويجرى التجديد» إنما تنصرف إلى وجوب اتباع الإجراءات المهيئة للانتخاب، بما يستتبعه ذلك من صدور مرسوم دعوة الناخبين للانتخاب، ونشر هذا المرسوم قبل شهر من إجرائه، وفتح باب الترشيح لمدة عشرة أيام التالية للنشر، وغير ذلك من الإجراءات، بحيث يجرى الانتخاب في الفترة الأخيرة من الستين يوماً، بما لا ينتقص من المدة المقررة للمجلس، أو يخل بالموعد المحدد للاجتماع الأول للمجلس الجديد المنصوص عليه في المادة ٨٧ من الدستور.
موعد دقيق
ومن جهته، شدد أستاذ القانون الدستوري بجامعة الكويت محمد الفيلي على ضرورة الاخذ بملاحظتين، الاولى أن الدستور يستوجب أن يكون الفصل التشريعي 4 سنوات تبدأ من أول اجتماع للمجلس عقب الانتخابات العامة، لافتا الى أن هذه المدة يمكن أن تنقص في حال حل المجلس ويمكن أن تزيد في حال اكتمل الفصل التشريعي لضرورة أثناء حرب وبقانون.
وتابع: اما الملاحظة الاخرى فان الدستور يوجب اتخاذ الاجراءات التحضيرية لتجديد الانتخاب في اخر شهرين من الفصل التشريعي، مشيرا الى انه لم يحدد موعدا دقيقا لاجراء الانتخابات عقب نهاية المدة الدستورية للمجلس، علما بأن المدة التي تجيز غياب البرلمان فيها لا تتجاوز الشهرين (مدة الحل).
وقال الفيلي في تصريح لـ القبس: المحكمة الدستورية في احكامها الصادرة ببطلان انتخابات مجلس الامة قاست على مدة الحل، فأوجبت أن تجرى الانتخابات في قرار البطلان خلال شهرين، علما أن هذه الفرضية لم تناقشها المحكمة الدستورية في قرارها التفسيري رقم 2/2002 الصادر بتاريخ 2 فبراير 2003، وعليه نستنتج بأنه يجب اجراء الانتخابات عقب نهاية الفصل التشريعي بأسرع وقت على أن يُحترم شرطان، الاول أن تكون هناك دعوة للانتخاب خلال الشهرين السابقين على نهاية الفصل التشريعي، والاخر أن تجرى الانتخابات في موعد لا يتجاوز شهرين من نهاية الفصل التشريعي، وذلك استنادا لذات الاسباب التي استندت اليها المحكمة الدستورية في قرار ابطال الانتخابات مرتين في عام 2012.
مجلس ٩٩
شهد مجلس 99 تقدم نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء وزير الدولة لشؤون مجلس الأمة بمذكرة إلى المحكمة الدستورية، طلب فيها تفسير نص المادتين ٨٣ و٨٧ من الدستور، وكان سبب الطلب موضوع اجراء الانتخابات العامة، لقرب انتهاء الفصل التشريعي التاسع، الذي بدأ أول اجتماع له في يوم ١٧ يوليو ١٩٩٩، ولا يجوز ان تنتهي مدته قبل يوم ١٦ يوليو ٢٠٠٣.
4 سنوات
المجلسان النيابيان اللذان أكملا مدة الأربع سنوات خلال الأعوام، التي اعقبت تحرير البلد من الغزو العراقي، هما مجلس ٩٢ (الفصل التشريعي السابع)، ومجلس ٩٩ (الفصل التشريعي الثامن)، من أصل ٧ فصول تشريعية هي من السابع حتى الثالث عشر.