في تطور جديد، أبلغ المكتب الصحي في باريس أمس، العشرات من المواطنين المبتعثين للعلاج بضرورة مغادرة فرنسا في أسرع وقت، بسبب عدم توافر المخصصات المالية الكافية لتغطية تكاليف علاجهم.
وقالت مصادر مطلعة إن المكتب الصحي أغلق ابوابه في وجه المراجعين، وأبلغهم بعدم توافر المخصصات الشهرية المقررة لهم، وان عليهم العودة إلى البلاد، محذرة من أزمة حقيقية بسبب وجود حالات لمرضى السرطان تتطلب البقاء لتلقي العلاج. وأكدت هذه المصادر أن الوزارة لن تتحمل نفقات اي مواطن يقرر البقاء لمتابعة العلاج، بسبب النقص الحاد في الميزانية.
إلى ذلك، حمَّل ديوان المحاسبة وزارة الصحة مسؤولية قضية اختلاسات المكتب الصحي بواشنطن، مؤكداً أن الوزارة لم تتخذ أية إجراءات تجاه الملاحظات التي ابداها الديوان في تقاريره لسنوات عدَّة، رغم ما تشير اليه من مخاطر العبث بالمال العام.
واضاف الديوان في تقرير حصلت القبس على نسخة منه ان ما يؤكد ذلك ما ظهر في الآونة الاخيرة من قيام الوزارة بإجراء التحقيق في احدى حالات الاعتداء الصريح على المال العام، والتي ظهرت دون تدخل واضح من الوزارة في اكتشافها، في حين ان ملاحظات الديوان على مدار عدة سنوات سابقة تضمنت ضرورة التثبت من صحة صرف مبالغ تفوق المبالغ الواردة بالتحقيقات التي اجرتها اللجان في الآونة الاخيرة، واوضح انه تبين من افادة بعض موظفي المكتب بالتحقيقات التي اجرتها اللجان المشكلة من قبل الوزارة والمكلفة بأعمال التحقيق في المكتب الصحي بواشنطن بشأن شبهة التجاوزات المالية والادارية التي شابت اعمال المكتب بتاريخ 2014/9/15 انه قد تم اصدار وصرف شيكات بمبالغ وصلت جملتها 430.631/15 دولارا بأسماء شركات وهمية عن طريق الاتفاق بين احد المسؤولين بالمكتب الصحي في واشنطن واحد المحاسبين واصحاب الشركات.
وذكر الديوان ان المحاسب المشترك في هذه العملية افاد بأن جملة المبالغ المحولة من حساب المكتب بهذه الطريقة بلغت 888.000/00 دولار.
واضاف: وجدير بالذكر ان الديوان بتقريره المبلغ للوزارة في شهر مارس 2013 بشأن نتائج اعمال الفحص والمراجعة للمكتب الصحي في واشنطن اشار الى قيام المكتب بسداد ما جملته 1.849.369.65 دولار بناء على شيكات تم اصدارها لغير المستفيد الاصلي (المستشفى الصادر عنه فواتير العلاج)، وجاء برد الوزارة ان السداد تم لشركة وسيطة مكلفة بأعمال التحصيل والسداد دون توفير ما يؤكد وجود اتفاق مع هذه الشركة بهذا الشأن، ودون اتخاذ الوزارة اجراءات جادة آنذاك للتحقق من صحة صرف تلك المبالغ وغيرها مما ورد بالتقرير المشار اليه.
ولفت الديوان إلى ما أشارت إليه التحقيقات عن صرف مستحقات احد الأطباء بعد حساب نسبة الخصم الممنوح من الطبيب على أساس %35، في حين أن الاتفاق معه ان تكون نسبة الخصم %50 ولم يتبين من التحقيقات كيفية التصرف في فرق النسبتين المذكورتين وان كانت مجريات التحقيق تشير الى ان المسؤول المعني في المكتب الصحي هو المستفيد من هذا الفرق.
واضاف «قد اشار الديوان بذات التقرير المبلغ للوزارة في مارس 2013 الى وجود العديد من المآخذ التي شابت احتساب نسب الخصومات المتفق عليها من دون اتخاذ الوزارة إجراءات فعالة لمعالجتها».
وتابع الديوان «كما اشارت التحقيقات إلى قيام المسؤول المعني نفسه باصدار تعليمات للمحاسب بايداع مبلغ 47101 دولار بحساب أحد الشخصيات وقيام المكتب بدفع فواتير (علاج طبي واثاث وايجار سيارة ومصاريف الفندق)، عن طريق تغيير بيانات مريض سابق ووضع اسم الشخص المشار إليه مكانه حتى يمكن دفع المخصصات له».
سحب وإيداع
وأشار الديوان إلى جملة قضايا متعلقة بالمكتب الصحي بواشنطن لم تعالجها الوزارة رغم خطورة تبعاتها، منها قيام المكتب بصرف المخصصات لأحد المرضى ومرافقيه للفترة من 2005/6/26 وحتى 2007/6/3 والبالغة 169.680 دولارا بالرغم من عدم دخول المرافقين للولايات المتحدة الأميركية.
كما تطرق الديوان إلى قيام المكتب الصحي في واشنطن بسحب مبالغ كبيرة من الحساب رقم 5900192153045 لدى Bank of America وايداعها مرة اخرى بعد يوم واحد او يومين لعدة مرات خلال الشهر والحصول على فوائد نقدية عن تلك العمليات، ولم يوضح المسؤولون في المكتب أسباب سحب هذه المبالغ من الحساب أو الوجهة التي توجه إليها ثم اعادتها مرة اخرى الا من خلال اجابة شفهية من المحاسب المسؤول عن متابعة حساب البنك وهو من الموظفين المعينين محلياً عند سؤاله من قبل فريق التدقيق.
واضاف: «حيث افاد أنه يتم استثمار هذه المبالغ لمدة قصيرة للحصول على فوائد تمثل عائد استثمار هذه الأموال، ولم يوضح فيما يتم هذا الاستثمار أو في أي مكان، ولا شك ان هذا التصرف يعد مخالفاً بل هو بعيد كل البعد عن الاغراض التي فتح لأجلها حساب بنكي للمكتب الصحي».
وذكر الديوان ان حركة سحب وايداع المبالغ المشار اليها تعد كبيرة جداً ويعبر عنها البيان التالي الذي يمثل حركة هذه الأموال خلال أسبوع واحد فقط في نهاية السنة المالية 2009/2008 علماً أن سحب الاموال وايداعها قد ظهرا باستمرار وعلى الوتيرة نفسها المبينة في البيان التالي على مدار الفترة محل الفحص من 2007/2006 وحتى 2009/2008 بشكل يكاد يكون يوميا.
وتطرق الديوان الى اعتماد صرف قيمة وصفات طبية مرسلة بالفاكس من صيدلية Northern Pharmacy الى أحد الأطباء المحليين العاملين بالمكتب الصحي في واشنطن، بلغ ما أمكن حصره منها 42.541/59 دولارا دون اعتمادها من الطبيب المشرف أو رئيس المكتب الصحي، وتتضمن قيمة أجهزة طبية ومكملات غذائية وأدوية لمدة 30 يوماً من دون الحصول على موافقة اللجنة الطبية العليا بالوزارة على تحمل هذه النفقات.