بدأت إيران، مؤخراً، تصرح عبر مسؤوليها عن قوتها الإقليمية المكونة من الجيوش التابعة لها في دول المنطقة، وتؤكد أيضاً أن تلك القوات تدافع عن المشروع الإيراني، وليس لمصلحة أمن البلاد التي تنتمي إليها، بعد أن كانت تنفي اتهامها بالوقوف وراء تلك المليشيات، ودعمها.
المعلومات تشير إلى أن إيران نجحت في سحب بساط القوة من تحت القوات الرسمية في العراق، وكذلك في سوريا، بالإضافة إلى لبنان، وتمكينها “الحوثيين” ليكونوا قوة على الأرض في اليمن تخلق توترات مستمرة، وتعمل على شق الصف اليمني من أجل تثبيت النهج الطائفي مثلما نجحت في تثبيته بسوريا والعراق.
ووفقاً للمعلومات التي أدلى بها مصدر مقرب من التحالف الوطني (يضم الأحزاب الشيعية الحاكمة في العراق)، شهدت بغداد خلال الأيام الأخيرة تحركات غير معلنة لقادة من الحرس الثوري الإيراني، بينهم قائد “فيلق القدس” قاسم سليماني، جرت خلالها لقاءات بقادة المليشيات في العراق.
وأضاف المصدر، أن اللقاءات جمعت كذلك قادة مليشيات سورية ولبنانية، بالإضافة إلى حضور وفد حوثي تم الإعلان عنه.
وأكد أن كبار المسؤولين في العراق صاروا يدركون جيداً أن المليشيات باتت لها الكلمة العليا، ولأجل ذلك تعرضت عملية تحرير الموصل (شمال العراق وتخضع لسيطرة تنظيم “الدولة”) إلى تأجيلات، بعد تقدم كبير تحقق على الأرض من خلال تحرير القوات العراقية مناطق في جنوبها، بالإضافة إلى تحرير القوات الكردية مناطق في شمالها.
وأوضح أن المليشيات تريد المشاركة في معركة الموصل، خلافاً لما تريده القوات الأمريكية التي تقود التحالف الدولي ضد “التنظيم”، وضد رغبة القوات العشائرية “السنية” التي ترفض مشاركة المليشيات؛ كونها كُشف عن ارتكابها فظائع بحق مواطنين مدنيين لأسباب طائفية، وهو ما تأكد في مقاطع مصورة.
وكان وفد لمليشيا الحوثي وصل، مساء الأحد 28 أغسطس/آب الحالي، إلى العاصمة العراقية (بغداد)، والتقى قادة من المليشيات بينهم “أبو عزرائيل” الذي ظهر برفقة الوفد الحوثي مهدداً المملكة العربية السعودية بأنهم -أي المليشيات- قادمون إلى اليمن لقتال السعودية.
وكان القيادي في فيلق “سيد الشهداء”، التابع للحرس الثوري الإيراني، الجنرال محمد علي فلكي، أعلن في العشرين من أغسطس/آب الحالي، في مقابلة صحفية أجراها موقع “مشرق” الإيراني، عن تأسيس “جيش التحرير الشيعي”، لكن الموقع -المعروف بقربه من “الحرس الثوري”- عدّل لاحقاً التسمية إلى “جيش التحرير”.
وأوضح فلكي -الذي شارك في الحرب العراقية/ الإيرانية- أن الهدف الرئيس لهذا الجيش هو “تحرير القدس، وإنهاء وجود إسرائيل خلال فترة أقصاها 23 عاماً”، زاعماً أن هذا الجيش موجود بالفعل على الحدود مع إسرائيل، ويحارب بقيادة قائد “فيلق القدس” اللواء قاسم سليماني على ثلاث جبهات، هي: العراق، وسوريا، واليمن.
وأضاف أنه ليس من العقلانية الزج بالقوات الإيرانية في صراعات خارج حدود إيران؛ بل الأفضل لها أن تحشد وتدرب أتباعها هناك لتشكيل فيالق هذا الجيش وتخوض بهم حروبها الإقليمية، واصفاً هذا الأمر بأنه “ضرورة ملحة؛ لأن الاستكبار العالمي لن يكفّ شرّه عن الجمهورية الإسلامية”.
وتعتمد تشكيلة “جيش التحرير الشيعي” على قوات محلية تضم ألوية من العراق وسوريا ولبنان وأفغانستان واليمن، حسب الجنرال “فلكي”، وسيقاتل هذا الجيش بزي واحد وعلم واحد تحت إمرة ضباط من “الحرس الثوري”، الذي سيقتصر دوره على تدريب المجندين وتأهيلهم وتجهيزهم للقتال في مناطقهم.
أول من أمس (الأربعاء)، كشف مصدر عراقي مطلع عن توجه مليشيات عراقية منضوية تحت ما يسمى “الحشد الشعبي” إلى إرسال عدد من مقاتليها إلى اليمن للقتال إلى جانب مليشيا الحوثي.
وقال المصدر- طالباً عدم الإفصاح عن اسمه إن “وفد جماعة الحوثي الذي زار العاصمة العراقية (بغداد) مؤخراً، التقى عدداً من قادة الكتل السياسية في الحكومة العراقية، وقادة المليشيات في صفوف (الحشد الشعبي)؛ لمناقشة آخر التطورات الميدانية والعسكرية في اليمن”.
ولفت إلى أن “الوفد شدد على ضرورة دعم العراق لجماعة الحوثي مالياً وعسكرياً، من خلال إرسال متطوعين للقتال في اليمن”.
وأضاف أن “اجتماعات واتصالات حثيثة أجراها قادة في مليشيا (الحشد الشعبي) لدراسة إرسال عدد من مقاتليها إلى اليمن لمواجهة السعودية”، مشيراً إلى أن “بعض المليشيات أبدت استعدادها للذهاب للقتال في اليمن إلى جانب الحوثي؛ أبرزها كتائب الإمام علي، ومليشيا النجباء، وكتائب سيد الشهداء”.
وتابع المصدر أن بعض المليشيات دعت مقاتليها إلى تسجيل كل من يرغب في الذهاب إلى اليمن عبر مكاتب خاصة لها، في المقابل تتكفل إيران بدفع مستحقاتهم المالية التي قد تصل إلى 1500 دولار شهرياً.
ولفت النظر إلى أن “إرسال المقاتلين إلى اليمن سيكون عبر إيران، وبالتنسيق مع الحرس الثوري الإيراني، حيث تعهد الأخير بإنشاء معسكرات للمتطوعين، وسيكون إرسالهم على شكل دفعات”.
وفي سياق متصل، كشفت صحيفة الـ”ديلي ميل” البريطانية، في تقرير مطول لها، أن إيران تدير عملياتها في سوريا من مقر سري يدعى “البيت الزجاجي”.
وأكدت أن نحو 60 ألف مقاتل يأتمرون بأمر إيران وليس 16 ألفاً كما كان متصوراً، مشيرة إلى أن إيران أنفقت نحو 100 مليار دولار لدعم الأسد منذ عام 2011.
ويرى مراقبون أن إيران نجحت في تكوين جيش إيراني الولاء من جنسيات مختلفة، عملت على تكوين هوية موحدة لهم مبنية على المعتقد الطائفي.
ذلك ما كُشف عنه مؤخراً باعتقال الاستخبارات الأفغانية قربان غلام بور، ممثل مكتب المرشد الأعلى للثورة في إيران علي خامنئي، والمرجع الشيعي علي السيستاني، في العاصمة كابل.
ونقلت قناة “الجزيرة” عن مصدر حكومي أفغاني قوله، إن غلام بور كان مسؤولاً عن إرسال مقاتلين إلى سوريا.
وبرز في ساحة القتال بسوريا، خلال العامين الأخيرين، ما يعرف بلواء “فاطميون”، وهو إحدى المجموعات التي تقاتل إلى جانب النظام السوري، كمليشيا شيعية تتشكل غالباً من الأفغان، خاصة المقيمين بإيران، ويخضع لإشراف “فيلق القدس” التابع للحرس الثوري الإيراني.
وسبق للقائد العام لقوات الحرس الثوري، محمد جعفري، أن اعترف بوجود نحو مئتي ألف مقاتل من خارج إيران مرتبطين بـ”الحرس الثوري”.