هل يكرر التاريخ نفسه ومآسيه ، أم هي صفاقة وسذاجة القيادات الورقية التي تصر على إعادة إنتاج الفشل وأوهام المواطن بالمن والسلوى في مئة يوم سحرية ؟! . من يتابع التلفزيون اليمني سينصدم بعالم آخر مثالي ، فأغاني الفرح وأهازيج تأييد الوحدة تكاد لا تنقطع ليلا أو نهارا ، فحادثة الهجوم الإرهابي على مبنى السفير الإيراني بالحي السياسي بالعاصمة صنعاء لم تلق لها صدى في التلفاز اليمني ، إلا بعد ثلاث ساعات عجاف من تداول وسائل الإعلام والفضائيات المحلية والخارجية الحادثة بكل تفاصيلها ؛ ليرفع التلفزيون اليمني العتب عنه بخبرٍ صغير يتوسد أسفل الشاشة موصوف بكلمة ” عاجل ” .
تروج قناة اليمن التلفزيونية لحكومة ما يسمى بالكفاءات والنزاهة الوطنية وبرنامجها الاقتصادي الخارق الذي سينفذه سوبرمان رئيس الحكومة في مئة يوم شمسية على غرار حكومة مرسي الزناتي بمصر المحروسة ، فهو يزعم بأنه بعد ثلاثة أشهر سيراجع عمل الوزارات وعمل الحكومة ردا على اعتراض بعض الأحزاب والقوى اليمنية التي انتقدت تشكيل الحكومة وبرنامجها ووصفتها بأنها تجمع خلطة غريبة من وزراء وقيادات فاشلة في إدارة وزاراتها إضافة إلى العديد من الوزراء المثقلين بملفات الفساد ، فضلا عن كوكبة من وزراء مجهولين غير متخصصين ولا يملكون خبرة إدارية ولا سياسية .
حكومة المئة اليوم تذكرك بالكتب التي تباع في الساحات والشوارع ” تعلم اللغة الانجليزية في أسبوع ” ، وخاصة في ظل تناقض إداري واقتصادي ينخرها . فالوصي على اليمن جمال بن عمر يصرح بان اليمن لن تستطيع دفع أجور ومرتبات موظفيها ليخرج المتحدث باسم وزارة المالية مهددا باتخاذ الإجراءات القانونية في كل من يطعن في القوة الخارقة للاقتصاد اليمني ، وما هي إلا ساعات حتى تصرح شخصيات حكومية عن وضع حرج وسيئ تواجهه الحكومة اليمنية ، فهي تستنزف الاحتياطي النقدي يرافقه امتناع دول الخليج عن الدعم المالي والنقدي للحكومة اعتراضا على تسليم صنعاء للحوثيين .
مرجعية الدولة والحكومة العتيدة خلطة سحرية تنشط الضعف الإداري والمالي والسياسي للحكومة الطرزانيه ، فهي تحتكم للمبادرة الخليجية ومخرجات الحوار الوطني حتى انه تم ابتداع وزير دولة لتنفيذ مخرجات الحوار ، وكذلك تحتكم لاتفاق السلم والشراكة ، وتسير على الدستور اليمني المجهول الهوية والتوجه . هذه الخلطة المتناقضة من التنازع والصراع والتخبط هي مرجعية الفشل للوطن والحكومة والمواطن ، فاتفاقية الخليج المزمنة لحل الأزمة اليمنية انتهت بأزمة أخرى اشد وطأة تم طي صفحاتها باتفاق السلم والشراكة الوطنية التي نسخت ونحت دول الخليج الراعية والداعمة للاتفاقية ، ورغم عن هذا الواقع الجديد الذي فرض بالقوة العسكرية الثورية فان التناقض الفكري يسود بلد العجائب اليمن وحكومتها الوطنية .
تتفاقم أزمات المواطن وآخر ضحايا حكومة المئة يوم الخدمات اليومية الضرورية ، فأزمة الغاز وانقطاع الكهرباء وبطئ النت وغياب الأمن وطوابير المشتقات النفطية عادة يومية للمواطنين . القيادة السياسية والحكومة الموهومة تفسر الاتفاقات الوطنية وتنفذها بتفسيرات أفلاطونية ، فاللجنة الاقتصادية المطلوب منها محاربة الفساد والهدر وتقييم أسباب تدهور الوضع الاقتصادي والأمني تم تشكيلها بقرار من رئيس الحكومة ، وهذا يعني بأنها تابعة للسلطة التنفيذية والحكومة ، فهل تستطيع هذه اللجنة محاربة الفساد أو محاسبة الوزراء الفاسدين أو تقييم أدائهم وهي خاضعة لسيطرة الحكومة ؟! .