اطلعت قبل ايام على صورة نشرت في مواقع التواصل الاجتماعي لعمارة تم بناؤها بأموال جاد بها رواد مسجد عبدالصمد معرفي في منطقة سلوى على أرض تبرع بها أيضا أحد رواد المسجد ذاته، هذه العمارة خصصت لإسكان الشباب الكويتيين حديثي الزواج بحيث لا يدفع الشاب إلا 150 دينارا كإيجار للشقة، هو ذاته مبلغ بدل الإيجار الذي تمنحه إياه الحكومة، وسوف يتم استخدام مبالغ الايجارات تلك لصيانة المبنى.
فكرة خيرية رائعة تنفذ للمرة الأولى في الكويت، نابعة من مبدأ «الأقربون أولى بالمعروف»، وحديث الرسول عليه الصلاة والسلام: «من نفّس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفّس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة». وتساهم في إزاحة هم الإيجارات المشتعلة غلاء عن كاهل المتزوجين حديثا ليتسنى لهم الالتفات لمصاريف الزواج الأخرى وتبعاته، وهي ليست بالشيء الهين كما تعلمون.
ربما كان لبناء المساجد نصيب الأسد من تبرعات الخيّرين في الكويت، سواء داخل البلد أو خارجه، وهو التوجه الأول للعمل الخيري خاصة للأثرياء والموسرين من المتبرعين، وهذا مسلك مبرر شرعا بحديث النبي عليه الصلاة والسلام: «من بنى مسجدا يبتغي به وجه الله بنى الله له بيتا في الجنة».
ولكن، ألم يأن لنا أن نلتفت حولنا ونوجه تبرعاتنا لأعمال خير أخرى تكاد تكون منسية أو لم تنل الاهتمام الذي تستحقه في ظل حياة عصرية اتسعت وتشعبت وتعقدت فأفرزت احتياجات جديدة ومتطلبات متعددة لم يعد الراتب الشهري للكثيرين يفي بها أليست مساعدة أخينا الإنسان قيمة عند الله بقدر بناء المسجد وربما تزيد وهنا يبرز الدور الحقيقي للدعاة والخطباء، فعليهم أن يقوموا بواجبهم لإرشاد المتبرعين إلى سبل التبرع والاحتياجات المتعددة للناس غير المساجد وحفر الآبار، وتوعيتهم بأن الخير لا ينحصر في هذين الخيارين، عليهم أن يدعموا هذه المبادرة الرائعة من رواد مسجد معرفي عبر خطبهم وتصريحاتهم لتكون أسوة للمتبرعين الآخرين الساعين لأعمال الخير. وبعيدا عن قوالب التكرار والنمطية وربما التباهي، فإن ما نريده هو تبرع يفيد ويخدم ويخفف معاناة الآخرين.
لماذا لا نفكر في إنشاء مثل تلك المجمعات للأرامل والمطلقات، وليس فقط للشباب حديثي الزواج؟ ومثلها للأسر البدون المحتاجة، أو إنشاء مدرستين واحدة للبنين وأخرى للبنات تضم جميع المراحل التعليمية لتخدم أبناء وبنات البدون؟
أو مطبخ مجهز لإطعام عمال النظافة البؤساء، أو تشييد مبان للعمال بظروف صحية وإنسانية ملائمة للاستخدام الآدمي، أو مراكز إيواء للمرأة والطفل ضد العنف الأسري، أو تغطية التكاليف المالية للبعثات الخارجية للمتفوقين سواء الكويتيون ام البدون؟ لماذا لا ننشئ مراكز خاصة للقضاء على الضعف في اللغة العربية بين أبنائنا الطلبة؟ وماذا عن الشاب الباحث عن رأس مال يمول به مشروعه الصغير يبدأ به حياته، لماذا لا يكون ضمن اختيارات المتبرعين؟ أو حافلات لنقل الفقراء مجانا؟ أو… أو… أو…؟
آن الاوان لنكون متبرعين عصريين، مواكبين لاحتياجات البلد والمجتمع، وهناك عشرات الأفكار والبدائل، بل المئات منها ملقاة على جانبي طريق الخير.. فيا باغي الخير.. أقبل.