مع إعلان منظمة الصحة العالمية عن ارتفاع حالات الوفيات جراء وباء إيبولا ووصولها إلى نحو 7 آلاف شخص، أغلبهم من غرب قارة أفريقيا، وذلك بنهاية نوفمبر الماضي، تبدو وزارة الصحة في الكويت بحاجة الى مزيد من التدقيق في اجراءاتها المتبعة للتعامل مع هذا الفيروس القاتل، فضلا عن تكثيف استعداداتها واعادة النظر في الخطوات التي اتخذتها للتعامل مع الحالات المشتبه بإصابتها.
القبس جالت في مختبر وحدة الفيرولوجي التابع لقسم المختبرات بالوزارة، والكائن بمنطقة حولي، ورصدت بعض الملاحظات المهمة التي تخالف توصيات منظمة الصحة بخصوص التعامل مع فيروس إيبولا، حيث كانت عملية الدخول والخروج للمختبر الحيوي سلسة جدا، فضلا عن عدم توافر أي حراسة أو تدقيق على بطاقات المراجعين، بالاضافة الى تداول العينات التي يتم أخذها من المراجعين بشكل علني ومن دون أي تحفظ عليها، حيث تكاد تكون سهلة السرقة والتداول من قبل أي شخص زائر للمختبر، بالاضافة الى احتمال سقوطها على الأرض وانتشار الأمراض الموبوءة التي قد تكون مسحوبة من بعض المرضى، إلا أن الطامة الكبرى تتمثل في وجود بعض التقارير الطبية والنتائج عند بوابة المختبر ومن دون أي رقابة عليها، مما يتيح لضعاف النفوس سرقتها ومن ثم تعطيل مصالح الآخرين، كما لوحظ وجود أجهزة طبية معطلة ومواد غير معروفة في بعض الممرات.
أجهزة بدائية
فور دخولنا إلى المختبر، الذي لم نجد أي حارس أمن بالقرب من بوابته، فوجئنا بوجود تقارير طبية ونتائج تخص بعض المراجعين والمرضى عند البوابة مباشرة، وكانت مدرجة تحت أسماء مستشفيات ومراكز صحية في المحافظات الست، إلا أن ثمة تساؤلات تطرح عن السبب في عدم لجوء الوزارة لتزويد هذا المختبر الحيوي بعناصر من الحراسة، سواء عن طريق التعاقد مع أي شركة أو حتى من قبل الوزارة، لضمان سلامة المراجعين والمرضى الزائرين لهذا المختبر الذي يعني باجراء التحاليل للفيروسات الوبائية أيضاً، ومن بينهم المواطنون الطلبة الذين يرغبون في الابتعاث خارج الكويت، بالإضافة إلى الوافدين الأجانب الذين يشتبه في إصابتهم بأي مرض وبائي، فضلاً عن الشهادات الصحية الأخرى.
وعند دخول المختبر، وجدنا «ثلاجة» بدائية توضع العينات والتحاليل بداخلها، في حين أن الطب يشهد تطورا علميا وتكنولوجيا سريعا، وهو ما يتطلب تغيير مثل هذه الاجهزة، ورغم تخصص المختبر في اجراء الفحوصات الطبية اللازمة للفيروسات والأوبئة، كإيبولا وكورونا وغيرهما، فإن الطواقم الطبية لم تكن ترتدي الزي الكامل الذي حددته منظمة الصحة العالمية (رداء كاملاً يغطي الجسم بأكملة وغطاء للوجه وبدلات واقية)، حيث إن أي زائر قد يكون مصاباً بإيبولا أو غيره من الأمراض المعدية لن ينتظر ارتداء الاطباء والممرضين هذه البدلات الطبية لحظة دخوله، حيث من البديهي ان يتم فحصه مباشرة واختلاطه بالعاملين في هذا المختبر!
مواد مجهولة
ومن اللافت، وجود أكياس لمواد غير معروفة في إحدى الغرف التي تفتقر لوجود «باب»، في حين كانت حركة الزائرين للمختبر روتينية بالقرب منها، ورغم قلة عدد المراجعين، مقارنة بأي إدارة أخرى، فإن أهمية المختبر الصحية تتطلب أخذ مزيد من الحيطة والحذر من قبل القائمين عليه ومن المسؤولين في وزارة الصحة، من حيث عدم إبقاء أي مواد طبية أو غيرها في متناول عامة المرضى والمراجعين، كما لوحظ انتشار عدد من الكراتين داخل أروقة المختبر وممراته، في حين كان من الأجدر نقلها إلى مخازن أو أي مواقع أخرى، كما لوحظ وجود جهاز كهربائي «عاطل» بالقرب من أحد أقسام المختبر، فضلا عن توافر التحاليل والعينات بصورة قريبة جدا من حركة المراجعين، علماً أنها قد تكون لأشخاص مصابين بأي مرض أو فيروس قاتل، مما يسهل عملية انتقاله فور سرقته أو تداوله بصورة خاطئة، في ظل ضعف الرقابة عليه بداخل المختبر.
النفايات الطبية
وبالقرب من إحدى النوافذ المطلة على الخارج، كان لافتا قيام بعض العمال الآسيويين بنقل النفايات الطبية من إحدى الحاويات، من دون ارتداء أي ملابس واقية، كما رصدنا وجود جهاز طبي آخر بمنتصف أحد الممرات، رغم وجود أكثر من موقع بداخل المختبر لنقله، بدلاً من بقائه في مكانه، كما كان من اللافت وجود عدد من الكراتين والنفايات بالقرب من إحدى البوابات الجانبية للمختبر الخاص بالفيروسات والأوبئة الذي يتطلب مواصفات ومعايير خاصة بالنظافة، فضلا عن أنظمة تهوية مستقلة ووجود فلاتر عالية لتنقية الهواء وأبواب مزدوجة ومزودة باحتياطات الأمان، وحتى اللجوء لحظر دخول غير العاملين بالمختبر له، لكونه منطقة مغلقة، حيث كانت عملية الدخول شبه طبيعية ومن دون أي تعقيد.
أين الاستعدادات؟
وكشفت جولة القبس ضعف ورتابة استعدادات وزارة الصحة للتعامل مع فيروس إيبولا أو غيره من الأمراض الوبائية، فالمختبر إضافة إلى نظيره في كلية الطب يعتبران المختبرين الرئيسيين للكشف عن الفيروسات والأمراض الوبائية والحالات التي يتم رصدها. في حين أن أبواب المختبر كانت مشرعة، وعملية الدخول والخروج كانت تتم بلا حسيب أو رقيب، بالاضافة الى عدم ارتداء الأطباء الزي الكامل الخاص بالتعامل مع المشتبه في اصابتهم بالفيروسات الوبائية الخطيرة كإيبولا. وكان الزائرون والمراجعون والمرضى يتحدثون عن قرب مع الطواقم الطبية، مما قد يؤدي الى انتقال الفيروس إليهم بسرعة، قبل تحديد نتيجة الفحص والتحليل. وعليه، فإن وزارة الصحة ومسؤوليها مطالبون بتفعيل توصيات منظمة الصحة العالمية على أرض الواقع، لضمان السيطرة على فيروس إيبولا أو غيره فور اكتشافه في أي مريض أو مراجع للمختبر.
مواصفات مختبر فحص «إيبولا»
حدّدت منظمة الصحة العالمية مواصفات خاصة للمختبرات حتى يتم إجراء فحوصات إيبولا بداخلها، وذلك من خلال تحديد مواصفات المنشآت للمختبر أولاً، حيث شددت على ضرورة توفير تجهيزات خاصة بالمبنى، كالأبواب المزدوجة والمزودة باحتياطات الأمان وحظر الدخول لغير العاملين فيها، فضلاً عن ضرورة وجوده في موقع منعزل أو مبنى مستقل، بالاضافة إلى أهمية توافر نظام تهوية خاص بالمبنى مع تنقية للهواء قبل خروجه للبيئة الخارجية. أما على صعيد التجهيزات، فإنها طالبت بضرورة توفير فلاتر عالية الكفاءة بالمختبرات، مع أهمية وجود سائل الحماية ومنع انتقال العدوى للعاملين بالمختبرات وارتداء ملابس كاملة تغطي الوجه والجسم وبدلات واقية، حيث تكون مزودة بنظام يتيح لمن يرتديها عدم تنفس الهواء الخارجي مع ضغط هواء موجب، وتبديل الملابس الوقائية قبل الخروج من المختبر، فضلا عن توفير كابينة بمواصفات خاصة لاجراء الفحوصات بداخلها وبمعزل تام عن بقية أجزاء المختبر، كما أكدت المنظمة أهمية تفعيل سياسات وبوتوكولات العمل، كالتدريب لجميع العاملين بالمختبر على احتياطات الأمن والسلامة ومنع العدوى والتعامل مع أي حوادث قد تؤدي إلى تعرض العاملين بالمختبر الى الفيروس.
مجرد سؤال؟
هل يليق بوزارة مهمتها حماية صحة الناس ترك عينات التحاليل ونتائجها في ممرات المختبر، وتحت ايدي المراجعين؟