نشر موقع “بلومبيرغ” تقريرا حول تفكير السعودية بإلغاء مشاريع قيمتها أكثر من 20 مليار دولار، وتخفيض ميزانيات الوزارات بنسبة الربع؛ لمعالجة الأوضاع المالية، التي تأثرت بانخفاض أسعار النفط، بحسب ما قاله مقربون، ويرى المحللون أن هذه التوجهات ستبطئ من النمو الاقتصادي.
ويشير التقرير، إلى أن الحكومة السعودية تقوم بمراجعة آلاف المشاريع، التي تصل قيمتها 260 مليار ريال “69 مليار دولار”، وقد تلغي ثلث تلك المشاريع، بحسب ما ذكره ثلاثة أشخاص طلبوا بقاء هويتهم غير معلنة؛ لأن النقاش لا يزال سريا، لافتا إلى أن هذه الإجراءات ستؤثر في الميزانية لعدة سنوات، وقد تتضمن النقل، والإسكان، والصحة، بحسب اثنين من المصادر، اللذين قالا إن الحكومة تخطط للقيام بالمراجعة خلال ستة أشهر.
ويبين الكتّاب أن هناك خطة منفصلة، تتضمن دمج وزارات ببعضها، بحسب ما قاله شخصان آخران، اشترطا عدم ذكر اسميهما أيضا، مشيرين إلى أن مؤشر الأسهم تراجع بأكبر نسبة في أسواق الشرق الأوسط، التي ترصدها “بلومبيرغ”.
ويقول الموقع إنه “في ظل نائب ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، قامت أكبر دولة مصدرة للنفط في العالم باتخاذ إجراءات لضبط العجز في الميزانية، الذي وصل إلى نسبة 16% من إجمالي الناتج المحلي العام الماضي، وهي أعلى نسبة بين أكبر 20 اقتصادا في العالم، وتأخرت الحكومة في دفع مستحقات المقاولين، وبدأت بتخفيض دعم المحروقات، ويخطط الأمير لبيع حصة في شركة نفط السعودية، أو أرامكو، ولإنشاء أكبر صندوق سيادي. ويتوقع خبراء صندوق النقد الدولي أن يتراجع العجز إلى أقل من 10% من إجمالي الناتج المحلي في عام 2017”.
وينقل التقرير عن الاقتصادي المتخصص في اقتصاد الشرق الأوسط وأفريقيا في مؤسسة “في تي بي كابيتال” رضا آغا، قوله: “استراتيجية التنويع الاقتصادي ومصادر الدخل، التي تنتهجها المملكة، ستؤتي أكلها على المدى المتوسط والطويل فقط.. أما على المدى القصير، فإنها مسألة تعايش مع أسعار النفط المتدنية، بتخفيض بعض النفقات المالية، وتمويل ما تبقى، من خلال الديون، والاعتماد على احتياطي العملة الأجنبية”.
ويذكر الكتّاب أن وزارة المالية رفضت التعليق، بالإضافة إلى أنه لم يتوفر أحد من وزارة الاقتصاد والتخطيط للتعليق لدى اتصال “بلومبيرغ” بهم، منوهين إلى أن السلطات قامت بإنشاء مكتب إدارة المشاريع الوطنية العام الماضي؛ لضبط التمويل والنفقة، والتأكد من أن مشاريع الحكومة تنفذ بفعالية، بالإضافة إلى أن المكتب سيقوم بالإشراف على هيئات مماثلة يتم إنشاؤها في الوزارات والبلديات والمؤسسات الحكومية؛ للتأكد من إتمام مشاريع البنية التحتية في الوقت والميزانية المحددين.
ويلفت الموقع إلى أن “المملكة تبحث عن سبل أخرى لتقوية اقتصادها، فمثلا هناك خطط لبدء بيع السندات عالميا في بدايات الشهر القادم، الذي يتوقع أن تنتج عنه 10 مليارات دولار، بحسب ما قاله مطلعون على الخطة في شهر أغسطس، ويتوقع وصول مستوى الدين العام إلى 30% من الناتج الاقتصادي مع حلول عام 2020 من 7.7%، بحسب الأهداف المحددة في خطة التغيير، التي تم نشرها في يونيو”.
ويفيد التقرير بأن تخفيض المصروفات، والتراجع في أسعار النفظ إلى أقل من 50 دولارا للبرميل، بدآ بالتأثير في فرص النمو الاقتصادي.
ويرجح الكتّاب أن “يزيد مجمل الناتج المحلي بنسبة 1.5%، بحسب البيانات التي جمعها (بلومبيرغ)، وهذا هو أبطأ وتيرة على مدى عقد، إذا ما استثنينا الركود العالمي عام 2009، ويتوقع صندوق النقد الدولي النمو على المستوى المتوسط أن يقف على 2.5%، وهو بالكاد يكفي لتخفيض واحدة من أعلى نسب البطالة بين الشباب في العالم”.
ويورد الموقع نقلا عن مدير الأبحاث الاقتصادية في مركز أبحاث الخليج، جون سفاكياناكيس، قوله: “ستترجم النفقات الحكومية الأقل إلى نمو أقل في القطاع الخاص، الذي بدأ يظهر في المؤشرات الاقتصادية هذا العام.. إنه سيف ذو حدين؛ لأنه كان على الحكومة ترشيد النفقات بسبب انخفاض دخل النفط”، مشيرا إلى أن مؤشر “تداول” لجميع الأسهم تراجع بنسبة 0.8% الساعة 1:47 مساء الأربعاء في الرياض.
وينقل التقرير عن مدير أسواق المال والأعمال في شركة “أديم كابيتال” في الرياض محمد السويد، قوله إن إلغاء الحكومة لبعض المشاريع “يقتل الجاذبية نحو الأسهم السعودية، التي كانت تتزايد في الأيام القليلة الماضية”.
وينوه الكتّاب إلى قول الأمير محمد في مقابلة مع “بلومبيرغ” في وقت سابق من هذا العام، إن الحكومة تطور آلية لتقديم المساعدات المالية للسعوديين ذوي الدخل المتدني والمتوسط، الذين يعتمدون على السلع المدعومة، مشيرين إلى أن من سبق من الحكام في السعودية كانوا يتجنبون البحث عن دخل إضافي من المواطنين، الذين اعتادوا على سخاء الحكومة، مقابل تقديم الولاء السياسي.
ويختم “بلومبيرغ” تقريره بالإشارة إلى قول اختصاصي الاقتصاد والمحلل السياسي في شركة “ستاندارد تشارتارد” في لندن فيليب دوبا-بانتانانس: “تتم الآن إعادة تقييم نموذج النمو الاقتصادي السعودي بشكل أساسي وعلى أسس أقوى، وفي الوقت الذي يبدو فيه هذا الأمر منطقيا من ناحية اقتصادية، إلا أن السؤال هو: هل هناك خطة للتعامل مع التداعيات الاجتماعية المحتملة جراء هذه الاستقطاعات من النفقة؟”.
عربي 21