الرئيسية / كتاب وآراء / محاربة الفساد

محاربة الفساد

نشرت الصحف المحلية تقرير منظمة الشفافية الدولية حيث حلت الكويت بالمركز 67 عالميا في المؤشر العام لعام 2014 وكان ترتيب الكويت في العام الماضي 64 وبذلك احتلت الكويت الموقع المتأخر عن كل دول الخليج والسابعة عربيا والثامنة على مستوى الشرق الاوسط.
السؤال الذي علينا طرحه كشعب وحكومة، لماذا تفشى الفساد في بلدنا مع اننا اول دولة دستورية في الخليج ونتمتع بمجلس امة منتخب وفعال في مراقبة اداء السلطة التنفيذية ويتمتع بلدنا بصحافة حرة يحسدنا عليها كل الاشقاء العرب كما ان لدينا سلطات رقابية على المال العام مثل ديوان المحاسبة وهيئة مكافحة الفساد.. كما ان لدينا سلطة قضائية مستقلة يشهد لها بالنزاهة.
مجتمعنا مجتمع منفتح ومتعلم يناقش قضاياه بكل حرية في الدواوين والمنتديات الفكرية.. واخيرا لدينا احزاب متنوعة منها القومي والاسلامي والليبرالي.. اذن لماذا جاء ترتيب بلدنا في مؤخرة دول الخليج العربية؟
مقارنة الكويت بدول الخليج.. ليست عادلة ولا منصفة فنحن لدينا اجهزة رقابية من صلاحياتها طلب كل المعلومات والارقام وكل ما يتعلق بالمال العام.. بينما دول الخليج لا تملك سلطات رقابية ولا اتصور أن حكوماتها تفصح عن كل شيء.
لا احد ينكر ان الفساد منتشر في كل دول العالم بما فيها الكويت ودول الخليج.. لكن ما يهمنا هنا.. هو محاولة معرفة اسباب تفشي الفساد في بلدنا؟ ومن المسؤول عنه؟ وكيف يمكن محاربته لتحسين صورتنا في الخارج؟
هنالك ظواهر بارزة تدل على وجود الفساد لا يتسع المجال لذكرها لكن اهم اسباب انتشار الفساد تعود الى:
-1 عدم تفعيل القوانين وعدم اتخاذ سياسات صارمة تحد من تفشي الفساد في البلدية، مثل مبان سكنية من 6 طوابق في المناطق الداخلية – من رخص لها؟ ولماذا؟ وهل عوقب؟
في التربية: كيف تم انجاح طلبة بمعدلات مرتفعة في الثانوية العامة وهم لا يستطيعون الكتابة باللغة العربية – لقد رسب %70 من الطلبة الذين تقدموا للجامعة لكلية الهندسة وكان الاختبار التمهيدي في اللغة العربية والانجليزية والرياضيات.. علما بان درجاتهم كانت «امتياز» في الثانوية العامة.. هذا يدل على ان الطلبة يغشون او يشترون الامتحانات.. او تلعب الواسطة والمحسوبية والانتماء القبلي والطائفي والعائلي دورا في النجاح.
-2 الاجهزة البيروقراطية تلعب دورا في انتشار الفساد.. هذه الاجهزة كفاءتها متدنية وتقوم بتأخير المعاملات.. لذلك يلجأ المواطن والمقيم الى دفع الرشاوى لتسريع انجاز معاملاتهم، اخبرني رجل اعمال بان له دفعات من الحكومة لكن الحكومة لا تدفع لهم بالوقت المناسب لذلك يضطرون الى دفع رشاوى لتعجيل حصولهم على حقوقهم من الدولة.
-3 فساد ذمة نواب الامة.. حيث يلجأ المواطنون للنواب لإنهاء معاملاتهم والسبب يعود الى عقم البيروقراطية الحكومية وسوء ادارتها وفسادها فالنائب الشاطر يلجأ الى انهاء المعاملات بسرعة وفي فترة زمنية قصيرة، فهو يستفيد من الناخبين والحكومة تستفيد من شراء صوته او ذمته للتصويت معها على القوانين التي تريد انجازها، ما يحصل الآن ان النواب اصبحوا عاملا رئيسيا في تعزيز الفساد وانتشاره.. وبعضهم يقبضون المقسوم.
-4 الوزراء يلعبون دورا في نشر الفساد وتفشيه عن طريق التعيينات السياسية لأقاربهم وابناء مناطقهم او قبائلهم او طوائفهم، المناصب العليا في الدولة لا تملك الكفاءة ولا المقدرة الادارية والعلمية.. كل مؤهلاتهم واسطة شيخ او نائب او متنفذ او اهل الوجاهة.
واخيرا كيف يمكن محاربة الفساد اذا كان الشعب ونوابه ووزراء مشاركين فيه والمصيبة ان الهيئات التي تقع عليها مسؤولية محاربة الفساد هي نفسها فاسدة وغير موضوعية وغير محايدة او نزيهة.
فجمعية الشفافية مثلا تخضع لهيمنة الاسلام السياسي الاخواني، فهي تتعمد نشر تقارير ايجابية في المؤسسات التي يديرها الاخوان مثل وزارة الاوقاف، حيث كشف نائب رئيس الوزراء ووزير الداخلية الشيخ محمد الخالد مدى تفشي الفساد والسرقات في وزارة الاوقاف، الآن الوزير الصانع كشف المستور في المؤسسات التي تدعي الورع والالتزام بالدين ولكي نكون منصفين ليس الاخوان المسلمون فقط يحابون جماعتهم، فالسلف والقوميون والليبراليون كلهم يغطون على الفساد.. وقديما قالوا «من أمن العقوبة اساء الادب»، فعِّلوا القوانين وابتعدوا عن المحسوبية وخصخصوا اجهزة الدولة لعل وعسى نقضي على الفساد.

د. شملان يوسف العيسى

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*