جمع مؤتمر «حوار المنامة» الذي نظَّمه المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية في العاصمة البحرينية في الفترة من (5 – 7) من ديسمبر (2014) عددا من وزراء خارجية ودفاع عدد من دول المنطقة والعالم وخبرائها الاستراتيجيين من بينهم وزراء دفاع بريطانيا وفرنسا، ولم يتردد الساسة الغربيون عن توجيه رسائل اطمئنان الى البحرين ورسائل تحذيرية الى بلاد فارس «ايران» على الطرف الثاني من الخليج العربي لتكف عن تهديداتها واطماعها التوسعية في المنطقة، واختارت بريطانيا ذلك المؤتمر لاعلان عودتها الي الخليج العربي عبر اتفاق أبرمته مع حكومة البحرين لتعزيز وتوسيع نطاق وجودها العسكري البحري في البحرين وتشغيل المزيد من القطع البحرية في الخليج العربي، واستحداث موقع دائم للبحرية البريطانية في البحرين.
«إيران جار صعب ومشاكس»، بهذه العبارة وصف وزيرا الخارجية والدفاع البريطانيان «فيليب هاموند» و«مايكل فالون» العلاقات بين دول الخليج العربي وايران والنظرة الفارسية للعرب، وأعلنا انه وللمرة الاولى منذ عام (1971) ستعود بريطانيا عسكريا للمنطقة بقاعدة بحرية في البحرين، وجاء الاتفاق البريطاني البحريني بمثابة استعانة من المنامة بقوة دولية ثانية اضافة للاسطول الامريكي لحمايتها من أي تطورات أو تقلبات أو اطماع فارسية، كما ان الاتفاق البريطاني – البحريني سيرسخ التمركز العسكري البريطاني في مياه الخليج العربي على المدى البعيد وسيساعد على تعزيز الاستقرار في المنطقة ودرء المخاطر عنها.
وسيتم بموجب تلك الاتفاقية – حسب تصريح وزارة الدفاع البريطانية – اعادة تأهيل المنشآت الموجودة في ميناء سلمان في البحرين حيث توجد اربع سفن حربية بريطانية صائدة للالغام بشكل دائم، وستستخدم تلك القاعدة ايضا لاسناد ودعم المدمرات والفرقاطات البريطانية في الخليج العربي وسيتم توسيعها لتشمل قاعدة عمليات متقدمة ومخزنا لمعدات العمليات البحرية وايواء أفراد البحرية الملكية البريطانية وقال وزير الخارجية البريطاني (فيليب هاموند) الذي وقَّع الاتفاقية في العاصمة البحرينية (المنامة) أمام مؤتمر «حوار المنامة»: «ستساعد الاتفاقية بريطانيا وحلفاءها على مواجهة التحديات المشتركة، ورسالتي الى شركائنا في الخليج العربي ان مخاوفكم هي مخاوفنا».
وسيعزز وجود القوات البريطانية في الخليج العربي من قدرة تلك القوات على التدريب والمناورات العسكرية مع دول صديقة في المنطقة كجزء من خطة طويلة لتحقيق الاستقرار في منطقة تهيمن عليها بلاد فارس (ايران)، كما ان الوجود العسكري البريطاني سيمنع توسع التنظيمات الارهابية والمتطرفة الداخلية في البحرين والامارات ودول الخليج العربي وسيجعل من الصعب على تلك التنظيمات مجرد التفكير بمواجهة الحكومات حين تدرك وجود قوات عسكرية مدربة ومسلحة مع تلك الحكومات.
وتعتزم بريطانيا اعادة استغلال قاعدة (المنهاد) في الامارات لتدريب القوات البريطانية مع القوات الاماراتية حيث تتمركز فرقة مشاة بريطانية في القاعدة، وكانت فرنسا قد افتتحت لها قاعدة عسكرية في العاصمة الاماراتية (أبو ظبي) في العام (2009) ضمن خطة للانتشار العسكري في الخليج العربي واعتبرتها الحكومة الفرنسية آنذاك تعزيزا للعلاقة الاستراتيجية التي تجمع (باريس) و(أبو ظبي)، ودعما لاستقرار منطقة الشرق الاوسط والخليج العربي.
وتكثف دول حلف شمال الاطلسي (الناتو) من تواجدها العسكري في منطقة الخليج العربي، وتحرك بوارجها وقطعها البحرية في استعراض للقوة امام بلاد فارس (ايران) لاجبارها على التخلي عن أمرين:
< التهديد المستمر لإغلاق مضيق (هرمز!) أمام حركة الملاحة الدولية وارباك الامدادات النفطية من دول الخليج العربي الى دول العالم الغربي.
< المضي قُدماً في تخصيب اليورانيوم وتجاهل توصيات الوكالة الدولية للطاقة الذرية، والتعنت في المفاوضات مع دول (5 + 1) بشأن ملفها النووي العسكري والزيادة السرية لأجهزة الطرد المركزي بعيدا عن أعين المفتشين الدوليين.
عبدالله الهدلق
aa*******@al*****.kw